حين نقلت وكالة رويترز، في الحادي والعشرين من يونيو الجاري، أنَّ سعر السكر والمنتوجات البتروليَّة في المغرب، ستتم مقايسته استناداً إلى ما تؤول إليه الأسعار في السوق الدوليَّة، حاول وزير الشؤون العامة والحكامة نجيب بولِيف أن يدفع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، الواقع تحت ضربات الحليف الاستقلالِي، إلى أن يتصرف على نحو ما، وسطَ ترقب انخفاض في الأسعار قد تشهدهُ السوق الدولية، يسمح بإجراء إصلاح عميق لأيام أقل عسرا. نجيب بوليف ينزعُ حتى الآن إلى تعويض الدعم الذي تقدمه الدولة ببطاقات تأشير، تسمحُ بتحويل إعانات ماليَّة مباشرة للشرائح الأكثر عوزاً، وهو اقتراح لم يحظَ بالتوافق، ولم يكن من شأنه أن يلطفَ الأجواء بين رئيس الحكومة وحزب الاستقلال، المكون الثانِي في الائتلاف الحكومِي، الذِي يقودهُ بنكيران. لكن تداعيات ارتفاع الأسعار لا تهم الحكومة فقط، وإنما من شأن تداعياتها أيضا أن تشعلَ فتيل الغضب في الشارع المغربي، زيادةً على كون إقرار المساعدات المباشرة لفائدة الفقراء كفيل بأن "يزاحم" عمل الملك، باعتبار أن مؤسسات؛ كمؤسسة الحسن الثاني ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، والمبادرة الوطنية للتنمية البشريَّة، أسهمت جميعها في تقوية شعبية الملك محمد السادس وسط الشرائح المعوزة. ولم يستدع الملك رئيس حكومته إلى تقديم تقرير مرحلي حول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بجرادة، فِي الرابع والعشرين من يونيو، في الوقت الذي كانَ فيه من سبق بنكيران يرافقون الملك في مناسبات من ذلك القبيل. في غضون ذلك، تبقَى مجموعات اقتصادية كبرَى في المغرب معتمدة بشكل كبير على صندوق المقاصة؛ فبالرغم من تخلي الشركة الوطنية للاستثمار عن بعض فروع الصناعة الغذائية لصالح شركاء دوليين، يبقَى الهولدينغ الملكي حاضراً بقوة في مجال الصناعات الغذائية، والمدعوم بصورة كبيرة، إذْ لا زالَ يملكُ أزيد من ثلث شركة كوزيمَارCosumar، التي تحتكر إنتاج مواد السكَر. كما أن الشركة الوطنيَّة للاستثمَار تملكُ حصة قَدرها 27 بالمائة من شركَة "لوسيُور كريستَال"، التِي أضحَت تابعة للشركة الفرنسيَّة "Sofiproréol". فيما يقول مسيرو الشركة الوطنية للاسثتمار أنَّ الهولدينغ الملكِي ينوِي الخروج بشكل تام من القطاع في يوم مَا.. بيد أن الهولدينغ الملكي ليس المستفيد الوحيد من دعم "المقاصة"، إذ أنَّ هناكَ أيضاً التكنوقراط عزِيز أخنوش، صاحب تكرير وتخزين البترول المستورد، وتوزيع الغاز والبوتان في قنينات Akwa Group، فيمَا يستأثِرُ فِي سوق الحبوب بفاعلين كبار مثل (Fandy وَGromic وَCargill)، يؤطرون 90 بالمائة من الاستيراد، فضلاً عن مطاحن، لا تواجه منافسَة شرسَة.