كشفت مصادر موثوقة من داخل شركة «كوسومار» أن الهولدينغ الملكي تراجع عن فكرة تفويت نسبة من رأسمال الشركة، بعدما كان قد عهد إلى مجموعة خبراء بدراسة السيناريوهات المحتملة لعملية التفويت بعد الانتقادات الواسعة التي رافقت احتجاجات حركة 20 فبراير والربيع العربي حول قضية الجمع بين السلطة والثروة. وقالت المصادر ذاتها إنه كان من الممكن أن تتم عملية التفويت خلال العام الجاري، خاصة أن إدارة «كوسومار» بدأت استعداداتها لذلك، غير أن الخبراء أبدوا تخوفا من إمكانية تضرر مصالح منتجي الشمندر وقصب السكر سواء في منطقة دكالة أو تادلة. وأضافت المصادر أن «كوسومار» تراعي مصالح الفلاحين، وذلك باتفاق مع الدولة، وبالتالي فإن أي تفويت ممكن لأسهمها لا يمكن ضمان نتائجه على الفلاحين، خاصة في ظل ارتفاع كلفة إنتاج النباتات السكرية على المستوى الوطني مقارنة بأسعار السكر الخام في الأسواق الدولية. وأكدت المصادر، كذلك، أن الأرباح المهمة التي بدأت تحققها «كوسومار» في السنوات الأخيرة كانت أيضا سببا في تراجع الهولدينغ الملكي عن فكرة تفويت الشركة المنتجة للسكر، مشيرة إلى أن «كوسومار» حققت خلال السنة الماضية حوالي 622 مليون درهم كأرباح صافية، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 7.7 في المائة مقارنة بسنة 2010. وفي اتصال ل»المساء» بكريم الشباني، المسؤول بالشركة الوطنية للاستثمار، قال إن اللائحة التي وضعتها المجموعة لتفويت بعض الشركات التي تملكها مازالت قائمة، ومن ضمنها شركة «كوسومار». وامتنع المسؤول عن إعطاء مزيد من التفاصيل حول الموضوع، فيما تحدثت مصادر أخرى عن غموض يلف هذه القضية المتعلقة بالتخلي عن تفويت الشركة المذكورة. بالمقابل، ربط الاقتصادي نجيب أقصبي، قرار التراجع عن صفقة تفويت جزء من رأسمال «كوسومار» بالتصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، المتعلقة بإلغاء صندوق المقاصة، موضحا أن الهولدينغ الملكي كانت له رغبة في الخروج من بعض القطاعات الحساسة مثل الزيت والسكر، من خلال ولوج قطاعات أخرى يمكن أن تكون مربحة مثل الطاقات المتجددة، إلا أن الوضع اختلف الآن في ظل ما يمكن أن يجنيه قطاع السكر مستقبلا. وأكد أقصبي أن من بين الشروط التي وضعها الهولدينغ الملكي للتخلي عن القطاعات الاقتصادية الحساسة، إعادة الانتشار في قطاعات أخرى مربحة، وإمكانية البيع بالثمن الذي يناسبه، وهو ما ينطبق على قطاع السكر الذي استفادت فيه «كوسومار» طيلة سنوات من ملايير الدعم الذي كانت تجنيه من مخططات تطوير القطاعات الفلاحية. وحول ارتباط قرار التراجع عن تفويت «كوسومار» بمسألة الجانب الاجتماعي لمنتجي الشمندر وقصب السكر، قال أقصبي إن ذلك ليس سوى وسيلة لتبرير القرار وكسب التعاطف واعتبار الشركة مواطنة وتهتم بالحالة الاجتماعية لبعض الفئات. وجدير بالذكر أن الهولدينغ الملكي، الممثل في الشركة الوطنية للاستثمار، وقع اتفاقية مع مجموعة «صوفيبروتيول» يفوت بمقتضاها حصة 41 في المائة من رأسمال «لوسيور كريسطال» لفائدة «صوفيبروتيول» الفرنسية التي أصبحت بذلك المساهم المرجعي والفاعل الصناعي للشركة. وكان من المرتقب أن يبيع الهولدينغ الملكي أسهما في مجموعة من الشركات الأخرى التي يملكها، وعلى رأسها التجاري وفابنك ومرجان وكوسومار، في محاولة للتخلص من تبعاتها الثقيلة على الصعيد السياسي، باعتبار المطالب الشعبية التي ظهرت، خاصة في مسيرات ومظاهرات حركة 20 فبراير.