كان لرواد برج الحجوي، ب "دّار الدبَاغ" جوار ميناء مدينَة طنجة، موعد مع برمجة اليوم الثانِي للدورة الخامسة من "طرب طنجة"، وذلك بحضور موسيقيّ دوليّ تمثل في "مجموعة محمّد معتمدِي" الإيرانيَة التي عكفة على تأدية باقة من أغانيها موزّعة على فترتَين، أولاهمَا كَانت كُرديَة بامتياز فيمَا الثَانِية أتت باللغة الفَارسيَة. ولجأ سيّد محمّد مُعتَمدِي، نجم ذات المجموعة ذو ال36 عاما وصاحب الصوت القويّ، إلى الانحنَاء أكثر من مرّة أمَام الحاضرين لحفله بمدينَة طنجَة بعدمّا نَال إعجابهم كافّة الأغَانِي التِي أدّاها، وذلك رغما عن عدم إجادة المغاربة الوافدين على عرضه لأي من اللغتين المستعملتين في مقاطعه الغنائية. الفرقَة الإيرانيَة، التي حضرت إلى "طرب طنجة" بتركيبة رباعيَة، بصمت على احتفاليَة همّت المنطوق الموسيقِي لأكراد بلاد فارس وبشكل أمتع الحضور وأثار تجاوبهم مع الحاجِين إلى عاصمة البوغَاز من طهران.. فِيمَا حرص أدَاء محمّد معتمدِي، صاحب الباحة الصوتية المتميّزة، على الإمتاع بغناء يستند إلى أشعار خلّفها للبشريّة عمر الخيّام. إنحنّاءات الاحترام التي أقدمت عليها المجموعة الفارسيَة لم تبقَ حكرا على الجمهور الحاضر إلى فضاء برج الحجوي، بل امتدّت إلى كَافّة المغاربة وتراثهم الغنَائِي حين أبدَى ذات الفنَّانين الإيرانيّين انبهَارهم بأدّاء فرقة الدقّة الرودّانيَة التي يرأسها المقدّم إسمَاعِيل سكَارُو والحازمة رحالها إلى "طرب طنجة" من مدِينَة تَارُودَانت. المجمُوعَة المغربيّة ذاتها، وهي التي راكمت حتّى الحين 20 عاما من الإبدَاع وقُدّمت من طرف المنظّمين باعتبارها واحدة من الفرق المستمرة في الحفاظ على هويَة المأصّلين للدقة المراكشيَة، خلبت إيقَاعَاتُهَا ألباب الحَاضرِين بمن فيهم محمّد معتمدِي الذي حرص على متابعة كَافة تفاصيل حفل الرُودَانيّين مع التوثيق لأقوَى لحظاته بكَامِيرَا هَاتفِه. مَا بَين قصائد الملحُون ونظيرَاتِهَا الصوفيَة، وبكلمَات التراث الشفهِيّ المغربيّ، حرص المقدّم إسمَاعِيل سكَارُو والصوت الشاب أحمد إشبِي، وسط إيقَاعَات التْعْرِيجَة والدفّ والقْرْقَابْ والطّْرْ المخترقة لأدخنَة البخُور الصادرة من على منصّة المهرجَان، على ساعتَين من استِلاب الجمهور وفرقة سيّد محمّد معتمدِي.. ولم يُنهِي الرُّودّانيُون حفلهم إلاّ بصعوبة نبعت من إصرار الحاضرين على التعبير عن تشبّثهم باسترسَال فقرات "الدقّة" ومعاودة كل فقرة مقدّمة لأزيد من مرّة.