"لم يتواعدا .. لكن كان اللقاء"...هكذا التقت مجموعة علي رزى غرباني القادمة من إيران والعازف كيفان شميراني الفرنسي من أصول فارسية، أمس الأربعاء، في سهرة افتتاح مهرجان الموسيقات التقليدية عبر العالم "طرب طنجة"، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى غاية 26 يونيو الجاري. وكانت انطلاقة الدورة الثالثة من المهرجان، الذي تنظمه جمعية روافد موسيقية، فارسية اللحن والشذى بعدما تعالت أصالة أغاني مجموعة علي رزى غرباني بعازفيها الإثنين وصوت رئيسها علي رزى الصداح، وهي تلاقي الإيقاعات القوية للعازف كيفان شميراني المتخصص في الآلات النقرية التقليدية التي أعادت عائلته الفارسية إحياء بعضها. وبرعت مجموعة علي رزى غرباني في شد انتباه المستمعين منذ بداية العرض، عبر تنويع الإيقاعات التي كانت تنساب سلسة من آلتي "السيتار" و"الكمانتش" (آلة تقليدية إيرانية شبيهة بالكمان)، يرفع وتيرتها الصوت الجهوري لرئيس المجموعة مرددا ابتهالات حفظها عن ظهر قرب من عائلته الإيرانية المحافظة واستوحى ألقها من كبير الموسيقيين في إيران بونان (توفي سنة 1986). وإلى جانب سلاسة عزف مجموعة علي رزى غبراني، كانت الدقات القوية للعازف كيفان شميراني، نجل مؤسس فرقة الإخوة شميراني بإيران، ترفع من إيقاع العزف لاستدراج المستمعين إلى مستوى أعلى في مدارج الموسيقى العريقة المتوارثة عبر الأجيال. وأكد كيفان شميراني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن مهرجان "طرب طنجة" يشكل خطوة إضافية للاحتفاء بالإيقاعات الموسيقية التقليدية العريقة بالفضاء المتوسطي المؤثر والمتأثر بالموروث الموسيقي الفارسي والأسيوي. وأشار إلى أن الموسيقى التي يقدمها بتعاون مع فرقة علي رزى غرباني تتميز بالاعتماد على آلات موسيقية إيرانية عريقة، خاصة آلة الزرب، التي تشبه آلة الدربوكة، وآلة السيتار وغيرها والتي تصدر إيقاعات أصيلة تضفي على منصة العرض ببرج الحجوي بالمدينة العريقة لطنجة، مسحة من تاريخ المدينة الأسطوري. وفي كلمة خلال حفل الافتتاح، أبرز مدير المهرجان ورئيس جمعية روافد، عمر المتيوي، أن الدورة الثالثة من المهرجان أكدت على الاختيارات الموسيقية التقليدية لمهرجان "طرب طنجة" والعودة إلى المنابع للاستسقاء من عذب الألحان في هذا الفضاء التاريخي. وأشار إلى أن هذه الدورة، التي اختير لها شعار "طرق متقاطعة"، ستحتفي بمدينة طنجة كواحدة من أعرق الحواضر المتوسطية وملتقى للثقافات ومهدا تلاقحت فيه الحضارات المتوسطية في جو من التعايش والتسامح. وقد أضحى هذا المهرجان رافدا مهما لإغناء المشهد الفني وطنيا ودوليا، وموعدا قارا إلى جانب العديد من الملتقيات الفنية التي تعنى بالموسيقات التقليدية عبر العالم، وهو ما يجسده مشاركة مجموعة فنانين من بلدان متعددة عبر العالم. وركزت الدورة الثالثة من المهرجان على الموسيقات التقليدية الأسيوية، عبر مشاركة مجموعة "سامفاد" من الهند ومجموعة "هو هور تو" من جمهورية توفا التابعة لفدرالية روسيا، بالإضافة إلى حضور متميز للموسيقى التقليدية الإيبيرية عبر مجموعة "فانسيا ألفيس" من البرتغال و"كيبا جانكيرا" من إسبانيا، ومشاركة مجموعة "نيديالكوف" من بلغاريا. وسيمثل عراقة الموسيقى المغربية في هذا المهرجان كل من فنان الأطلس الكبير محمد رويشة، وفرقة "سعيد بلقاضي للأمداح والإنشاد"، ومجموعة "دار كناوة" من طنجة برئاسة المعلم الكبير عبد الله الكورد. وقبل أولى السهرات في هذا السفر الموسيقي التقليدي، انطلقت فعاليات المهرجان من خلال معرض للصور الفوتوغرافية حول موضوع الموسيقات التقليدية من إنجاز الفنانين المغربيين محمد غوزولا ومحمد الزيدي.