احتفت الدورة الرابعة لمهرجان طرب طنجة للموسيقى التقليدية في العالم، خلال الحفل الفني الأخير الذي جرى بفضاء برج الحجوي التاريخي، بالموسيقى الروحية الأمازيغية وموسيقى الفلامينكو الإسبانية. ويواصل المهرجان، الذي تنظمه جمعية روافد الموسيقية سعيه إلى التعريف بالإيقاعات الموسيقية الأصيلة المعبرة عن الهوية والمنفتحة على العالم، وبالخصوص، الرموز العريقة للأغنية الأمازيغية، التي تمثلها مجموعة»إينوراز». وتشتغل المجموعة الموسيقية، المكونة من أربعة موسيقيين يقودهم خالد بركاوي، أساسا على الموسيقى الروحية الأمازيغية، دون أن يحد ذلك من آفاقها الموسيقية، حيث تظل المجموعة منفتحة على الألحان الجديدة ومصممة على استكشاف المناحي الجديد في التراث الموسيقي الوطني والدولي. وتنتسب الموسيقى التي تشتغل عليها المجموعة، إلى التراث الموسيقي للأطلس المتوسط المنفتح على عدد من الإيقاعات، من أبرزها إيقاعات موسيقى الجاز. وتعتمد المجموعة في نظم إيقاعاتها على آلات الرباب ولوتار والكمبري والطامطام التقليدية، بالإضافة إلى آلات الطبلة الهندية والتومباك أو «الضرب» الإيراني والكونجا الإفريقية. وقد انضم إلى المجموعة الشاعر والمغني مولاي علي شوهاد الذي يستلهم أغانيه من معاجم الشعراء الكلاسيكيين، أمثال بوبكر عزري وبوكر أنشاد وأحروش، قبل أن يمضي في كتابة نصوصه الشعرية والغنائية. وقد استمتع جمهور المهرجان كذلك بموسيقى الفلامنكو الإسبانية، بفضل الأداء المتميز لعازف القيثارة خيراردو نونيز ومجموعته، صحبة الراقصة كارمن كورتيس. ويعتبر خيراردو نونيز، المزداد سنة 1961، من بين أهم العازفين الذين عرفتهم منطقة خيريز دي فرونتيرا بالأندلس على مر تاريخها. وقد صاحب العازف المذكور، منذ شبابه، مطربين كبار في هذا اللون الموسيقي، كما أصدر العديد من الألبومات داخل شركة «ماريو مايا» التي التقى خلال اشتغاله بها بالراقصة كارمن كورتيس. ومنذ ذلك الحين، صار نونيز وكورتيس يتشاركان هم تثبيت نشاطهم الإبداعي وسط عالم موسيقي متقلب، دون أن يجعلهما ذلك يفرطان في أصالة موسيقى الفلامينكو. وأصدر نونيز ابتداء من سنة 1988 شرائط موسيقية عديدة أبرزت المواهب التي يمتلكها في مجالات فنية موازية، كالتلحين ومقاربة عوالم موسيقية أخرى، منها موسيقى الجاز. وتميزت هذه الدورة، أيضا، بتنظيم أمسية غنائية من طرب الملحون داخل متحف القصبة، قامت بتنشيطها مجموعة عبد العالي البريكي المزداد بأرفود، والذي تدرب على يد المغني المشهور الحسين التولالي. وقد استطاع البريكي بفضل صوته الدافئ والرخيم وكاريزميته، تكوين شخصية قوية سمحت له بقيادة مجموعته وأداء أغاني لكبار شعراء الملحون، موازاة مع إبداع نصوص وأنغام جديدة. وقد مثلت الموسيقى التقليدية المغربية في الحفل فرقة طريقة حمداش المكناسية، بقيادة أنوار الدكاكي، فيما ستسلط مدينة البوغاز اليوم بمسرح محمد حداد الضوء على مجموعات غنائية حريصة على حفظ التقاليد الموسيقية المغربية الأندلسية، لاسيما مجموعة روافد، ومجموعة واد الرمل وجوقة دار العلى.