طالب قضاة ومحامون مغاربة بضرورة "رفع يد" وزير العدل والحريات، عن النيابة العامة وإقرار "استقلالية" النيابة عن السلطة التنفيذية. وقال المحامي عبد اللطيف الحاتمي، الرئيس السابق ل"الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء"، في ندوة نظمها كل من "منتدى الكرامة لحقوق الإنسان"، وصحيفة "أخبار اليوم" المغربية ، اليوم السبت، في الرباط: "من الضروري أن تستقل النيابة العامة استقلالا تاما عن السلطة التنفيذية"، مشيرا إلى أن "الجمعية كانت قد دعت خلال فترة صياغة الدستور الحالي، ربيع 2011، إلى استقلال النيابة العامة". واقترحت الجمعية المغربية آنذاك "إحداث جهاز خاص يتولى تدبير شؤون النيابة العامة بعيدا عن سلطة وزارة العدل". وينص الفصل 110 من الدستور المغربي على أنه "يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون، والالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها"، دون أن يحدد اسم الجهة المقصودة بلفظ "السلطة". وخلال الندوة، جدد "نادي قضاة المغرب" (أكبر هيئة تمثيلية للقضاة في المغرب)، مطالبته ب"إقرار اسقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية باعتبار ذلك مدخلا رئيسيا لإصلاح النظام القضائي". وشهدت الندوة جدلا حادا بين المشاركين حول ماهية السلطة التي يتبع إليها قضاة النيابة العامة في المغرب بموجب الفصل 110 من الدستور المصادق عليه مطلع يوليو 2011. وقال عبد اللطيف الشنتوف، الكاتب العام ل"نادي قضاة المغرب"، إن "حجج تبعية النيابة العامة لوزير العدل ضعيفة جدا، باعتبار أن الفصل 110 من الدستور يتحدث عن سلطة قائمة بذاتها، وليس عن جهاز". ومضى قائلا إن "الدستور الحالي اعترف، لأول مرة في تاريخ المغرب، بالقضاء كسلطة قائمة بذاتها وليس مجرد جهاز كما كان الشأن بالنسبة لدستور 1996". بينما رأى عبد العزيز النويضي، المحامي والأستاذ الجامعي، أن "الدستور المغربي الحالي به نوع من الغموض بخصوص الجهة (السلطة) التي تتبع لها النيابة العامة". وتحدث النويضي إلى "النص في قانون على ماهية هذه السلطة سواء كانت وزير العدل أو الوكيل العام للمملكة"، وهو بمثابة النائب العام. في المقابل، اعتبر رشيد مشقاقة، رئيس منتدى القضاة الباحثين، وهي منظمة غير حكومية، أن "كلمة السلطة التي وردت في الدستور تشير إلى وزارة العدل، ولا يمكن أن نبعد سلطة وزير العدل عن النيابة العامة". وكانت ثلاث منظمات حقوقية دولية، هي: الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية لحقوق الإنسان، قد بعثت في أبريل/ نيسان الماضي برسالة إلى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية، طالبت فيها ب"إقرار إصلاح عميق للنظام القضائي وفق المعايير الدولية ذات الصلة باستقلال القضاء، وعلى ضوء مضامين الدستور المغربي الجديد، الذي ينص على تأسيس مجلس أعلى للسلطة القضائية. وشددت الرسالة على ضرورة ضمان الاستقلال المالي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية. وأوصت كذلك ب"عدم تدخل السلطة التنفيذية في قرارات ترقية القضاة أو إيقافهم أو عزلهم أو أي صلاحية من شأنها أن تؤثر على عملهم وتمس باستقلاليتهم".