بخصوص العراقيل المؤسسية لإصلاح القضاء، ذكر الشنتوف، خلال الجلسة الثالثة من اليوم الدراسي حول "إصلاح منظومة العدالة في العالم العربي"، المنظم من طرف مؤسسة كارينجي الشرق الأوسط"، أول أمس الثلاثاء، بالرباط، إنها تتمثل في "عراقيل مؤسساتية وفي غياب الإرادة السياسية، ورغم الإنجاز الكبير على المستوى الدستوري في استقلال السلطة القضائية، إلا أن تنزيل مضامين الدستور شهد اختلافا ومنطلقات غير سليمة، خاصة في المجال القضائي، الذي لم تطبق فيه مقتضيات الدستور". من جهته، قال عبد العزيز النويضي، محامي وناشط حقوقي، في الجلسة، إن الإصلاح القضائي مرتبط دائما بالتطور السياسي، مضيفا أنه، منذ الاستقلال إلى سنوات التسعينيات، كان هناك صراع سياسي تأثر به القضاء. وأوضح النويضي أن "دستور 1996 لم يكن معرقلا لإصلاح القضاء، بل قانون 11 نونبر 1994 الذي أعطى للسلطة التنفيذية، المتمثلة في وزارة العدل، صلاحيات واسعة في التحكم في ملفات القضاة، خاصة تأديبهم"، معتبرا أن السنوات الأخيرة شهدت انفتاحا سياسيا واكبه انفتاح في القضاء، معتبرا أن أكبر إصلاح في المغرب هو الإصلاح الدستوري لسنة 2011. أما بخصوص استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، فأبرز النويضي أن مضامين الدستور وتوصيات الهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة اتفقتا على خروج وزير العدل من عضوية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالتالي، "انتهاء صلاحيته في التحكم في مصير القضاة، لكنه بالمقابل اقترح أن تبقى النيابة العامة تحت إشراف وزير العدل عوض مؤسسة النيابة العامة في شخص الوكيل العام بمحكمة النقض، لما يواكبه من غياب الرقابة في هذا الشأن". من جهته، اعتبر أحمد الرحموني، قاضي ورئيس المرصد التونسي لاستقلالية القضاء، أن مشاكل القضاء في أي بلد عربي لا تكمن في مضامين الدساتير، بل في تطبيقها وتنزيلها على أرض الواقع، وأن القضاة لا يمكن أن يكونوا مؤثرين وفاعلين في المجتمع ماداموا خارج دائرة القرار. وأشار الرحموني إلى تجربة تونس في مجال استقلال السلطة القضائية، موضحا أن بلاده اختارت استقلالية النيابة العامة بشكل مطلق، ما اعتبر من "القرارات الثورية"، التي يطبق فيها القانون على قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم. وبالنسبة إلى محمد الهيني، قاضي بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، فإن "أزمة القضاء في المغرب تتمثل في وزارة العدل، إذ لا يعقل أن يخرج الدستور وزارة العدل من القضاء فيما تصر الأخيرة على البقاء، دون العمل على التقاط هذه الرسالة الدستورية"، مضيفا "إذا كانت الوزارة تريد إثبات حسن نيتها، فلابد أن تقطع مع تكريس العقلية التبعية وترفع يدها عن جهاز القضاء". وأكد عبد العالي مصباحي، محامي عام بمحكمة النقض، وعضو رابطة القضاة، أن القضاء بنوعيه، الجالس والواقف، يستمد قوته من الإرادة الملكية الضامنة لاستقلال السلطة القضائية ومكانتها، مشددا على ضرورة بقاء النيابة العامة تحت إشراف وزارة العدل، لأنها "لم ترق إلى تطلعات الشعب المغربي في الدعوى العمومية، خاصة إذا وجدنا أنها لم تعالج سوى 25 في المائة من القضايا، وهذه النتيجة قاصرة". من جانبه، اعتبر عبد العالي حامي الدين، أستاذ جامعي، أن قضاة النيابة العامة غير مستقلين في خضوعهم للتبعية الإدارية، وأنهم مستقلون فقط في المرافعات والقرارات، وبعض الدول لا تعتبرهم قضاة، بل موظفين تابعين للنيابة العامة، مطالبا بعدم استقلالية النيابة العامة عن الوزارة الوصية، لأن وزير العدل "سيهان" عند تقزيم جميع صلاحياته، وإخراجه من عضوية المجلس الأعلى للسلطة القضائية.