يحمل خبر استدعاء الديوان الملكي قادة أحزاب الأغلبية والمعارضة بشأن الصحراء، مباشرة قبل مصادقة مجلس الأمن الدولي على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، في طياته بوادر قد تؤشر على حدوث انعطافة خطيرة تهدد البناء الاستراتيجي للموقف التفاوضي المغربي من قضية الصحراء، إلا في حالة ما إذا أقدمت فرنسا حليفة المغرب التقليدية على استعمال حقها في الفيتو لمنع مرور هذا القرار. وجرى زوال اليوم اجتماع بين الديوان الملكي وقادة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، أغلبية ومعارضة، حول المستجدات الأخيرة لقضية الصحراء، وذلك على خلفية ما يروج بخصوص دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية لقرار يقضي بتوسيع اختصاصات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان في الصحراء المغربية. ويعلق عبد الفتاح الفاتحي، الباحث المتخصص في قضايا الصحراء، على هذه المعطيات المستجدة بأن التعبئة المفاجئة التي قام بها الديوان الملكي في صفوف الهيئات السياسية، قبيل مصادقة مجلس الأمن الدولي على تقرير بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء (المينورسو) بساعات قليلات، يفيد بأن مجلس الأمن الدولي قد يصادق على توصية تقضي بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل حقوق الإنسان في الصحراء. واسترسل الفاتحي بأن مشروع كريستوفر روس، والذي سبق أن أعلن عنه بخصوص تغيير مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، لم يتوقف رغم أن المغرب قام بسحب الثقة منه قبل أن يتراجع عن قراره ذلك بعد مكالمة هاتفية تلقاها الملك محمد السادس من الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون. وتابع المحلل بالقول إن تطور الموقف الأمريكي يأتي عقب تعيين جون كيري وزيرا لخارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية، والذي يعد من أشد المؤيدين لجبهة البوليساريو، وأحد أصدقاء مؤسسة روبرت كينيدي لحقوق الإنسان الداعم الأساسي لتوصية توسيع صلاحيات بعثة المينورسو. وعاد الفاتحي إلى سنة 2001 مذكرا بأن جون كيري وجه، أيام عضوا بمجلس الشيوخ الأمريكي رفقة أعضاء آخرين، رسالة قوية إلى وزير الخارجية وقتها كولن باول يدعوه فيها إلى الدفاع عن تقرير المصير في نزاع الصحرا، إلا أن مطلب كيري آنذاك تكسر على خلاصة مجلس الأمن في تقرير الحالة عن الصحراء سنة 2003، توصل فيها إلى نتيجة مفادها استحالة إجراء الاستفتاء ليدعو إلى البحث عن حل سياسي توافقي. هل ستستخدم فرنسا الفيتو؟ وأوضح الفاتحي بأن استدعاء قادة الأحزاب السياسية لن تكون الغاية منه سوى التفكير في أسلوب الرد على قرار مجلس الأمن إذا ما تمت المصادقة على توصية توسيع صلاحيات بعثة المينورسو، وما يعنيها ذلك من انتصار مدوي لدعاية الجزائر وجبهة البوليساريو بشأن ضرورة فرض جهاز دولي مستقل يراقب حقوق الإنسان. وكانت الناشطة الانفصالية "أميناتو حيدر" قد نشرت أخيرا فيديو تبشر فيه بأنها تلقت تأكيدات قوية بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستدعم توسيع صلاحيات بعثة المينورسو وفق تأكيدات من دبلوماسيين أمريكيين، منهم المنتمون لمؤسسة روبرت كيندي لحقوق الإنسان. واستطرد الفاتحي بأن مظاهر هذا التوجه تجسدت ليلة أمس في موقف المغرب، حين عمد إلى إزالة الأعلام الوطنية من محيط مقر بعثة المينورسو ومن فوق البناية المخصصة لها، في تنفيذ سريع لما ورد في الفقرة (108) من تقرير الأمين العام الأخير حول الصحراء، والتي جاء فيها: "يظل الوضع كما ذُكر في تقريري السابق فيما يتعلق بمسألتي الأعلام ولوحات الأرقام المغربية، بما تنطوي عليه من آثار سلبية على التصورات المتعلقة بحياد البعثة..". وتوقع الفاتحي بأنه إذا ما لم تستخدم فرنسا "الفيتو" لعرقلة مرور هذه التوصية، فإن قضية الصحراء ستشهد تطورات قاسية على الموقف التفاوضي المغربي، لأنه سيروج لها أن الصحراء منطقة نزاع دولي تشرف عليها الأممالمتحدة، ويزيد ذلك من تحرشات الأجانب الذين سيزورونها، ويدعم خيارات الانفصاليين لتنظيم مظاهراتهم، وهو ما سيرهق الموقف المغربي كثيرا" يورد المتخصص في ملف الصحراء.