سيرا على نهجه الذي دأب عليه منذ شهور ب"مقاطعة" الصحافة المغربية، والتعاطي "السخي" مع الصحافة الأجنبية ووسائل الإعلام العربية خاصة المشرقية منها، خص رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران التلفزة الأردنية الرسمية بحوار مطول تم بثه عبر برنامج "حوار مع كبار" مساء أمس السبت، تطرق فيه إلى عدة مواضيع وقضايا داخلية وخارجية. وأكد بنكيران، في الحوار التلفزي ذاته، بأن الجوانب الدينية والعسكرية والأمور الاستراتيجية هي من اختصاصات الملك محمد السادس، مشيرا إلى أنه قد يكون له رأي لكن القرار الحاسم في مثل هذه القضايا يعود أساسا إلى ملك البلاد، معتبرا بأن رئيس الحكومة يأتي وسيرحل لكن الملك يبقى، وهو من سيتحمل المسؤولية ووليه عهده بعده. ونفى رئيس الحكومة، أن يكون حزب العدالة والتنمية الذي يقود التجربة الحكومية الحالية يسعى إلى أسلمة الدولة، مشددا على أن الحديث عن أسلمة المجتمع هو مجرد خزعبلات تخترعها جهات ترفض الإصلاح، وذلك لأن الدولة في أصلها إسلامية. وبشأن أسلمة الدولة دائما، قالَ بنكيران إنَّ البشرية تتوجه نحو توسيع الحريات الفردية، "ولا يمكن أن نكون نحن ضد التيار، فالدعوة في أمور الدين لا تكون بالسلطة" يضيف رئيسُ الحكومة. واسترسل بنكيران بكونه يصنف نفسه على أنه إسلامي "متحرر"، مردفا أنه ذكرَ المشارقة غير ما مرة لاختلاف المغرب وخصوصيته، حتَّى في الوقت الذي خضعت فيه دول المنطقة للخلافة العثمانية، أما سلوكات الناس فرأى بنكيران أنَّها شيءٌ مجتمعي، وزاد بأن المواطنين لم يأتوا لدينا في "العدالة والتنمية" لكوننا ندعو إلى الحجاب أو اللحية، ولكن المواطنين أتوا عندنا لكونهم منزعجون بوجود مظاهر الفساد وعدد من الاختلالات الاجتماعية، وبالتالي لا يمكن أن يأتي عندك المواطن لأسباب معينة، فتفرض عليهم أنت أشياء أخرى من قبيل الحجاب أو اللحية". وقال بنكيران ليستدل أكثر على إسلامه "المتحرر" بأن مصافحة النساء بالنسبة له الآن ليست شأنا ذا بال وأهمية، مثلما كان الأمر عليه قبل ثلاثين عاما في بداياته في الحركة الإسلامية حيث "كنا نقيم الدنيا ونقعدها" في مسألة مصافحة المرأة. وعما إذا كان سياسيا شعبويا، قال بنكيران إنه اتهم بأشياء كثيرة، "الناس إذا أرادوا أن يخاصموك وجدوا لذلك سببا، فإذا لم يجدوا سببا خاصموك بأيِّ شيءِ، أما أنا فأتحدث إلى المجتمع بالدارجة التي يتحدثُ بها، بكل صراحة وبساطة، وفي بعض الأحيان أتخذ قرارات تدخل عليهم السرور، كما حصل مع الزيادة في منحة الطلبة ومعاشات المتقاعدين، وفي بعض الأحيان، لكنني في بعض الأحيان أتخذ إجراءات مؤلمة، كالزيادة في المحروقات، لكنهم تقبلوا كون الإجراء ضروريا لميزانية الدولة" يقول رئيس الحكومة. وتابع زعيم الحزب ذي المرجعية الإسلامية بأن الصلاة مثلا لا يؤديها دائما في المسجد، ويفعل ذلك حسب الوقت المتيسر له، فأحيانا يصليها في المكتب أو البيت، ويحرص على صلاة الجمعة في المسجد، فالأمر فيه سعة" يقول بنكيران. وبخصوص الصلاحيات المخولة له من لدن الدستور الجديد، مقارنة مع صلاحيات الملك، أجاب بنكيران بأنه يرفض فكرة "الصراع" حول الصلاحيات، مضيفا بأنه يراجع الملك أحيانا في بعض القضايا بكل أدب واحترام، "فهؤلاء ملوك" يلزم توقيرهم، ولسنا في جمهورية يتم انتخاب رئيسها، بل هو ملك يبقى في مكانه فيما يرحل رئيس الحكومة إلى حال سبيله". ولفت بنكيران على أنه قبل ثلاثين عاما كان رافضا للنظام الملكي، غير أنه الآن يدافع عن الملكية لاقتناعه الراسخ بها وبدورها الحاسم في استقرار البلاد، قبل أن يعاجله مقدم البرنامج الأردني بالسؤال "هل صرت ملكيا أكثر من الملك؟"، فأجابه بنكيران على الفور: "فليكن.. أنني ملكي أكثر من الملك.."..