"تقليعة جديدة" يشهدها المجتمع السعودي مؤخرا، أثارت قلق الخبراء والمتخصصين الاجتماعيين والنفسيين. "" التقليعة.. أبطالها ليسوا من المراهقين والشباب، لكن كبار السن.. هم مريدوها والمطالبون بها. "زواج الوناسة".. هي ما يطلق على هذه "الموضة"، وتدور فكرتها: أن يرتبط رجل كبير في السن بامرأة في كامل صحتها ونشاطها لتعتني به، بشرط أن تتنازل عن حقها في المعاشرة الزوجية، مع تمتعها بباقي حقوقها في المهر والنفقة والسكن، إضافة إلى المعاملة الحسنة التي يستوجبها أي عقد نكاح. يلقى هذا النوع من الزواج معارضة كبيرة من الخبراء والحقوقيين؛ لأنه يستغل حاجة المرأة الاقتصادية ولا ينصفها. الجنس مطلب أساسي ترفض الدكتورة هويدا الحاج – استشارية أسرية ونفسية في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت" إقامة مثل هذا الزواج بشدة، مبررة سبب ذلك؛ فتقول: "الناحية الجنسية في الحياة الزوجية هي أساس الزواج، خاصة عندما تكون المرأة في عمر معين، لكن عندما تتجاوز السن، أو يحصل لديها عارض صحي يعوقها في الحياة، فهنا يمكن أن يكون لهذا الزواج نصيب من تفكيرها". وتضيف: "المشكلة الآن لو تم الزواج من امرأة ما زالت في ريعان الشباب، وتتمتع بكامل نشاطها الجنسي، أنها ستفتح على نفسها العديد من الجبهات التي تؤدي لاحقا إلى المزيد من المشاكل والانحرافات التي تنتج عن مثل هذه الزيجات". كما توضح أنها لا تؤيد هذا الزواج إلا في حالات خاصة، فتقول: "عندما تكون المرأة قد تعدت السن المطلوبة، أو ليس لديها الرغبة في هذه الحياة الزوجية المتكاملة، وآثرت المتطلبات الزوجية المادية المعاشة يوميًّا أن تكون هي أول وآخر اهتماماتها". وترى الكاتبة الصحفية "سوزان المشهدي" في مقالتها بجريدة الحياة 18-6-2008م أن المجتمع السعودي مجتمع ذكوري حتى النخاع يبحث عن كل ما يمتع الذكر مهما كانت حجم الخسائر الأنثوية، مجتمع يبحث عن كل ما يريح الذكور، ويعمل على عدم تكدير خاطره الحساس بكل الوسائل. وتضيف: "يأتي زواج "الوناسة" ليكون بمثابة ورشة "التشليح" التي تقوم بتشليح المرأة من حقوقها الإنسانية والشرعية، فبعد تنازلها عن حق السكن والإنجاب والبيات في زواج "المسيار"، جاءت فكرة تنازلها عن حقها الشرعي في اللقاء الزوجي، الذي يتضمن حقها في الإشباع العاطفي، والذي يصونها من المغريات، ومن العلاقات خارج الإطار المقدس. سنعترض عليه لأنه زواج يحرم الفتاة الصغيرة من حقوقها، وسنعترض عليه لأنه ليست هناك امرأة تحترم نفسها ترضى بأن تتزوج بهذه الطريقة، فأي حياة ستبنى بين رجل في الثمانين وشابة في العشرين، وهو زواج يحرمها من السعادة والأمومة والعاطفة، يجعلها تتمنى موته في كل ساعة". قلق وتوتر وانتحار وحول النتائج النفسية التي قد تتعرض لها الفتاة إذا ما أجبرت على مثل هذا الزواج تؤكد د. هويدا "إذا أُغصبت على هذا الزواج من قبل والديها، أو بمحض إرادتها وحاجتها المادية، فسوف يترتب عليه الكثير من الأمراض النفسية، أولها: القلق والتوتر، وآخرها: الاكتئاب، ولا نستبعد عمليات الانتحار، أو أن تعيش حياتها كلها مضطربة نفسيا ومهمشة عاطفيا". وتعتبر د. هويدا أن في مثل هذا الزواج ظلمًا وإجحافًا لحق المرأة في حرية اختيار الزوج المناسب لها؛ لأنه "قد يتدخل في هذا الموضوع الأهل فيجبروا ابنتهم على الزواج، أو مغريات الحياة المادية التي يعرضها الزوج الذي لديه حالة خاصة، ويريد أن يعممها، فيلجأ إلى الإغراءات المادية؛ لتتنازل المرأة عن حقوقها المشروعة". وتختهم حديثها مبينة أن "رب العالمين بيَّن أن الحياة الزوجية هي المودة والرحمة والسكن، والحياة الزوجية المتكاملة الجنسية، فعندما نخالف الشرع سوف نتعرض للمشاكل". ويعتبر الكاتب الصحفي محمد صادق ذياب دور المرأة في زواج "الوناسة" هو القيام بدور الخادمة وليس الزوجة، مضيفا: "لست أدري أي "وناسة" في مثل هذا الزواج، إلا أن تكون "وناسة" من جانب واحد، يحظى بها الرجل المقتدر ماليا على حساب الزوجة التي تدفعها الحاجة لقبول هذا الزواج الكابوس. كم تمنيت من ذلك المأذون عدم الترويج لهذه الأنواع من الزواج خاصة زواج "الوناسة" الذي يفتح شهية شبه الموتى لمعاودة "الفر" بعد زمن "الكر" فتصبح الحياة الزوجية مجرد ملحق من ملاحق أقسام الطوارئ والعناية المركزة. بحسب ما نقلته جريدة الشرق الأوسط 17 - 6 – 2008م. الزواج صحيح بشروط من جهته يرى الدكتور حمزة الفعر – مستشار شرعي- أن الزواج صحيح إذا اكتملت شروطه وأركانه ما لم تكن هناك شروط مفسدة للعقد، وأضاف في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت": "لكن القضية ترتبط بسد الذرائع، فإذا كان الزواج تم باختيار المرأة وموافقتها، وكانت من القواعد من النساء، فهذا لا شيء فيه ؛لأن هذا من مقاصد الزواج، لكن إذا كانت المرأة شابة ربما تكون قد قبلت بهذا الزواج نظرا لمصلحة مادية أو لرغبة خاصة، فهذا يُخشى منه أن يكون بابا من أبواب الفساد؛ لأن من مقاصد الزواج الكبرى الاستمتاع، وهذه المرأة الشابة من حقها أن تحصل على هذا المقصد، فيُخشى من قبولها لهذا الزواج مع هذا الرجل الكبير الذي لا يستطيع أن يوفيها حقها أن يكون هذا الزواج بابا من أبواب الفساد". مضيفا: "لذلك لا بد من إعمال قاعدة: "سد الذرائع" في مثل هذه الأحوال". سد الذرائع ويشير د. الفعر إلى أن "سد الذرائع يكون في الأمور المباحة، لكن يُخشى أن يؤدي التسارع فيها، أو سوء استخدامها إلى مفاسد؛ فلذلك تُمنع مع أنها مباحة، هي ليست ممنوعة؛ لأنها في أصلها محرمة، لكنها محرمة لما يخشى أن تؤدي إليه من الفساد". ويقول: "المرأة إذا كانت شابة واشترط عليها الزوج عدم المعاشرة الزوجية، فالشرط من الناحية القضائية صحيح، والزواج أيضا صحيح، لكن هذا قد يكون له مفاسد أخرى كبيرة؛ لأن الحاجة لدى المرأة، وفي ظل هذه الظروف الآن، والانفتاح الإعلامي، ومعرفة الناس بالكثير من المؤشرات، ووجودها بينهم من الأشياء التي تثير وتهيج، وتحث على الشهوة والانفلات وهي كثيرة". ويضيف: "لذا ينبغي أن يسد باب مثل هذا الزواج إذا كانت المرأة شابة". مضيفا: "أما إذا كانت المرأة كبيرة في السن، ولا رغبة لديها في المعاشرة فلا حرج في ذلك؛ لأنها ستسكن إلى الرجل، ويسكن إليها، وهذا يحقق المقصد من الزواج وهو السكن". كما يوضح د. حمزة "ليس على القاضي أن يفسخ هذا العقد إلا بطلب من أحد الزوجين للقاضي بالفسخ، وليس على القاضي أن يفسخه ابتداء إلا إذا تبين له أن هناك فسادًا يُخشى من وجود هذا الزواج، لكن ليس من حقه أن يفسخ نكاحًا قد انعقد إلا أن يتحقق في المسألة ويتبين المفاسد". ويشير: "لكن لو رضيت المرأة بهذا الزواج، وتم العقد ثم بدا لها بعد ذلك أنها لا تستطيع أن تصبر، فمن حقها أن تفسخ النكاح؛ لأن هذه حاجة أصلية في النكاح يمنعها من قبولها بالشرط الأول ولها أن ترجع فيه". عن إسلام اونلاين.نت