قبل يومين فقط، خاطب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السيد عبد الإله ابن كيران، في تجمع انتخابي بالدائرة الانتخابية مولاي يعقوب، من وصفهم بالمشوشين "راكم كتضيعوا وقتكم، لأنكم إذا أردتم أن تهزموا العدالة والتنمية، شمروا على سواعدكم وزيروا السمطة وتعالوا تنافسوا معنا في محبة الشعب وخدمته". ووجه الأمين العام للحزب الإسلامي، من خلال حديثه لساكنة مولاي يعقوب، رسائل واضحة إلى كل من يهمهم الأمر سياسيا " المشوشين والعفاريت والتماسيح" حيث قال السيد عبد الإله ابن كيران " أن الناس الذين اغتنوا من السياسة غير مستعدين لترك ما كانوا يستفيدون منه بكل سهولة، ولذلك فإنهم يواجهون الحكومة بمختلف الوسائل والتشويشا" وفيما يشبه التحدي، لمن يصفهم بالمشوشين على الإصلاح، الذي انخرطت فيه حكومته مند تنصيبها، قال عبد الإله ابن كيران، كلاما خطيرا، لا ينبغي المرور عليه مرور الكرام "سأستمر في العمل من أجل مصلحة هذا البلد، وفي محاربة الفساد حتى لو قتلوني، لأني سأظل ساكنا في قلوب الناس". حديث الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن الخصوم السياسيين مفهوم، وإشاراته إلى المشوشين الذين يصفهم ثارة بالحزب السري، وثارة أخرى بالتماسيح والعفاريت، مفهومة أيضا، حتى وان كانت فضفاضة وعامة، لكن، الأمر الغير مفهوم في كلام السيد رئيس الحكومة، هو إثارته لمسألة القتل. هل يمكن لمن يسميهم عبد الإله ابن كيران برموز الفساد أن يصل بهم الأمر إلى حد تصفية رئيس حكومة جسديا؟ ما الداعي إلى إقحام رئيس الحكومة لاحتمال تعرضه للقتل؟ إن الأمر لا يتعلق بجدل بين زعماء حزبيين، في إطار المناوشات السياسية المعتادة، بل بكلام صادر عن أمين عام حزب سياسي ورئيس الحكومة، يجب أن تكون تصريحاته وتلميحاته محسوبة ودقيقة. مند أن حصل المغرب على استقلاله، تعاقبت عدة حكومات سياسية وتقنقراطية، على إدارة الشأن العام بالبلاد. كما عرف المغرب طيلة أكثر من نصف قرن من السياسة، فترات احتقان سياسي بمناطق متفرقة خلال سنوات الرصاص، لكن، لا أحد من رؤساء تلك الحكومات، تعرض للتصفية الجسدية، ولا أحد منهم وصل به الأمر إلى حد الكلام عن القتل. صحيح أن التاريخ السياسي المعاصر للدولة، عرف عدة جرائم للقتل بدوافع سياسية، لكن ليس ثمة جريمة اغتيال سياسي واحدة كان ضحيتها رئيس حكومة، بل غالبا ما كان المستهدف في تلك الجرائم ، التي ارتكبت في الداخل والخارج، قيادات سياسية حزبية، مثل، شهداء الحركة الاتحادية، أو شهداء حزب الشورى والاستقلال، أو شهداء الحركة اليسارية الماركسية، وشهداء الحركات الاحتجاجية. كلام رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، بالدائرة الانتخابية مولاي يعقوب، عن رموز الفساد وجيوب مقاومة الإصلاح والتغيير، يمكن للإنسان أن يجد له تبريرا، ويمكن أيضا أن يكون الغرض من ذلك الكلام، بعث رسائل معينة من قبل السيد رئيس الحكومة، وإيصالها بطريقته الخاصة للجهة التي يرغب في أن تصلها رسائله...لكن، أن يطل علينا رئيس الفريق الدستوري لحزب الاتحاد الدستوري بمجلس المستشارين، الذي تعرى بطريق غير أخلاقية على الأمة قبل أيام فقط من داخل هذا المجلس، ليتكلم عن محاولات قتله من طرف جهات مجهولة، في الطريق السيار الرابط بين مكناس والرباط، فهذا أمر يطرح أكثر من علامة استفهام عن الحالة النفسية التي وصل إليها الفاعل السياسي الحزبي في المغرب؟ هل يمكن أن يصيب سياسيينا مكروها كالذي أصاب الفاعل السياسي شكري بلعيد في تونس؟ أم أن الأمر في الحالة المغربية، لا يعدو أن يكون مجرد هلوسات سياسية محكومة بدوافع شخصية ضيقة؟ ما الذي جعل البرلماني إدريس الراضي يتكهن أو يعتقد في أن حادثة السير التي وقعت له، عملية مدبرة من فاعل مجهول يريد قتله؟ ولماذا اختار تصريف شكوكه إعلاميا إذا كان قد قرر اللجوء إلى القضاء؟ بكل صدق، كان من الممكن التعامل مع كلام السيد رئيس الحكومة، كما لو أنه هواجس نابعة عن انفعال سياسي لرجل يتحمل مسؤولية صعبة في ظروف استثنائية، أو حالة معزولة لا تثير اهتمام الرأي العام، لكن أن يخرج علينا مستشارا برلمانيا عبر الصحافة ليتحدث عن محاولة تعرضه للقتل من قبل مجهولين قاموا بالعبث بمثبتات عجلاته. فهذا أمر يدعوا إلى التساؤل حقا، إن كان شبح الاغتيالات السياسية بدأ يخيم على البلاد، لا سيما، وأن الرجلين معا، يحملان الصفة السياسية، ويمارسان مهامها من داخل مؤسسات دستورية " الحكومة، البرلمان" تجعل منهما أشخاص عموميين؟