21/12/2012، هذا التاريخ شغل، في الآونة الأخيرة، بال الكثير من الناس في مختلف أرجاء العالم، وزرع الخوف في كثير من القلوب، لأنّ حضارة "المايا" أعلنته يوما لنهاية العالم، لكنّ نفس التاريخ مرّ، وما زالت الشمس نشرق من مكانها المعتاد، ولم تحدث النهاية المزعومة، التي صارت الآن، حتى في أذهان أشدّ المؤمنين بها، مجرد خرافة. المغاربة بدورهم تابعوا هذا الموضوع.. فكيف عاشوه؟ وكيف كانت توقّعاتهم؟ وما تفسيرهم للأسباب التي تجعل الناس يهتمّون بمثل هذه الخرافات؟ وما رأي الشرع فيها؟... فراغ روحي السبب الأول والرئيسي الذي جعل "نبوءة" حضارة المايا تسيطر على العقول، حسب عدد من الذين استقصتْ هسبريس آراءهم، هو الفراغ الروحي المزمن. هذا الفراغ، حسب رأي خالد، يعود إلى النقص الكبير في الإيمان، وهو ما يؤدّي إلى نقص روحي يفضي بدوره إلى حدوث نقص كبير على مستوى الطمأنينة والسكينة، ومن ثمّ يسيطر الخوف على الإنسان. ويضيف خالد بأن الاعتقاد في الله، والإيمان بربوبيته المطلقة، إضافة إلى الجهل بأمور الدين، هي التي تؤدّي بالناس إلى الاعتقاد بمثل هذه الخرافات. غير أنّ علامة استفهام أخرى تنتصب هنا، لأنّ المعتقدين ب"نبوءة" المايا لا يتشكلون فقط من الملحدين، الغير مؤمنين، بل هناك حتى من المسلمين من كان متوجسا من أن تصدُق هذه "النبوءة". ليلى، تشرح الأمر قائلة ب"أنّ هؤلاء المسلمين الذين يصدّقون مثل هذه الخرافات لديهم جهل كبير بكتاب الله وبما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة بالذات، أي قيام الساعة". بدوره يقول محمد، بأنّ اعتقاد بعض المسلمين بمثل هذه الخرافات، رغم أنّ الإسلام قد حسم في موضوع الساعة، التي لا يعلم بها إلا الله، يعود إلى "الجهل بأمور الدين و ضعف الإيمان". استخفاف ب"نبوءة المايا" وعلى الرغم من أن بعض الذين استقينا آراءهم في هذا الموضوع يعتبرون نهاية العالم التي أعلنتها "المايا" مجرد خرافة، إلا أنهم تابعوا الموضوع كغيرهم من سكان العالم، كل من زاويته. بالنسبة لندية، فإن متابعتها لهذا الموضوع "تدخل في باب التسلية لا أكثر". وتشرح قائلة: "نعم، تابعت هذا الموضوع من باب النكتة وتعاملت معه كخبر يخرجنا نوعا من أخبار الروتين والحروب، وتعاملت معه بسخرية، طبعا لأني كمسلمة لي اعتقاداتي التي تحميني من مثل هذه الخرافات، ولم أتوقع قطً حصول النبوءة". من جهتها تقول شريفة بأنّها كانت مرغمة على تتبّع هذا الموضوع، نظرا لأضواء وسائل الإعلام التي كانت مسلّطة عليه طيلة الأيام الأخيرة، "لكنّ متابعتي كانت من باب الاستخفاف، لأنه كان موضوعا سخيفا"، تقول شريفة. وإذا كانت ندية وشريفة قد تابعتا هذا الموضوع من باب السخرية والاستخفاف، فهناك في المقابل من لم يعرْ له أيّ اهتمام من الأصل، كما هو الحال بالنسبة لليلى، التي تقول بأنها لم تتابع القضية أصلا، ولم تعرها أي اهتمام، "لسبب بسيط جدا، وهو أنني متأكدة في النهاية أن هذا الأمر لا يعلمه أحد إلا الله، وبالتالي فكل مسلم مؤمن بكلام الله تعالى لن يعتريه الشك أبدا في مثل هكذا أمور". توضّح ليلى. من المسؤول عن انتشار الإشاعة؟ نهاية العالم التي أعلنتها "المايا"، لمْ تحظ باهتمام الكبار فقط، بل حتى الأطفال الصغار. يقول خالد بأنه لم يكن على علم بهذا الموضوع إلا بعد أن سمع عنه من طرف أخته الصغرى. هنا يُطرح سؤال حول الجهة المسؤولة عن ترويج مثل هذه الشائعات والأكاذيب من جهة، ومن المسؤول عن حماية الناشئة من الاعتقاد بمثل هذه الخرافات. بالنسبة لخالد، فإنّ اهتمام أخته الصغيرة بهذا الموضوع يدلّ على أنّ الأساتذة المكلفين بتربية وتوعية التلاميذ يغطون في نوم عميق، "إذا كيف يعقل أن يتركوا التلاميذ الصغار في حيرة من أمرهم، بين مصدّق ومكذّب، دون أن يدلّوهم على مقوّمات عقيدتهم الإسلامية؟". يتساءل خالد، محمّلا المسؤولية للجميع، لأن المفروض في المسلم، حسب رأيه، أن يبلّغ للآخرين رسالة الله الحقّة، مرجعا انتشار هذه الشائعات إلى التقصير في تبليغ الرسالة السماوية وإيصال كلمة الحق إلى البشرية جمعاء. أما شريفة، فتحمّل المسؤولية لوسائل الإعلام التي سلطت أضواءها على موضوع "نهاية العالم"، وتساءلت قائلة: "كيف يعقل أن تقوم القناة الثانية، التي تنتمي إلى بلد إسلامي، أن تذيع مثل هذه الأخبار؟". رأي الشرع بخصوص الرأي الشرعي في مسألة قيام الساعة، ومزاعم حضارة المايا بخصوص حدوث نهاية العالم، يقول عبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تعليقا على إشاعة نهاية العالم، بأنّ هؤلاء الناس، الذين يروّجون لمثل هذه الإشاعات "يهرفون بما لا يعرفون"، مضيفا بأنّ قيام الساعة أمر لا يعلمه إلا الله تعالى، الذي لم يُطلع عليه أحدا من خلقه. واستغرب عبد الباري الزمزمي، في تصريح لهسبريس، الاهتمام الإعلامي الكبير بهذا الموضوع، امؤكدا على أنّ السبب الذي يدفع الناس إلى الاعتقاد بهذه الخرافات يعود بالدرجة الأولى إلى الفراغ الروحي الذي يعانون منه، وإلى غياب الثقافة الشرعية لدى كثير من الناس. وبخصوص وجود أمارات لقيام الساعة، قال الزمزمي إنّ هناك عشر أمارات وردت في الأحاديث النبوية الشريفة، داعيا إلى تحصين النفوس بالإيمان، والثقافة الشرعية، حتى تكون مطمئنّة ومحصنة من الاعتقاد بمثل هذه الشائعات التي وصفها ب"كلام أطفال".