في الصورة عميد شرطة ممتاز يتدخل بعنف ضد سيدة من عائلات أحد المعتقلين بعكاشة قبل أن يلقي بها أرضا وطفلها في ظهرها-تصوير المساء- نفذت عائلات المعتقلين الإسلاميين بالمغرب وقفة احتجاجيةالثلاثاء أمام بوابة المركب السجني "عكاشة" بالدارالبيضاء على خلفية الحالة الصحية المتدهورة التي اصبح عليها معظم المعتقلين المضربين عن الطعام منذ فترة احتجاجا على ظروفهم السيئة والتي نقل على إثرها عدد منهم إلى المستشفيات، ومن باب التذكير بالمسؤولية وتحميلها لمن هم مشرفون على هذا الاعتقال وظروفه. وأكد أستاذ العلوم السياسية والباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية بالمغرب الدكتور محمد ضريف في تصريحات خاصة ل "قدس برس" أن شكوى المعتقلين الإسلاميين من سوء أوضاع السجون يعكس حالة متردية للسجون المغربية عامة، وقال: "هناك سوء تدبير داخل السجون المغربية، وهو سوء يعود لعاملين اثنين: الأول يتصل بعقلية المسؤولين عن السجون، وهي عقلية قديمة لازالت ترى في السجن مكانا للانتقام من السجناء على انحرافهم، في حين أن الفلسفة الحديثة ترى في السجون فضاءات لإعادة تاهيل السجناء وادماجهم في المجتمع. أما الثاني فيتصل بالامكانيات المادية المتاحة، حيث أن عدد السجناء الذي يتراوح بين 53 و60 ألف هو أكبر من الطاقة الاستيعابية للسجون، وهو ما يؤدي في النهاية إلى حصول تجاوزات بحقهم". وأشار ضريف إلى أن إضراب المعتقلين الإسلاميين المغاربة عن الطعام له طابع سياسي ومطلبي في الآن ذاته يستوجب ردا سياسيا، وقال: "عندما ننتقل إلى معتقلي السلفية الجهادية هناك اشكالات كثيرة لأن الاحتجاجات التي تعرفها السجون المغربية منذ العام 2003 تاريخ الأحداث الإرهابية التي تعرضت لها الدارالبيضاء، هي احتجاجات تنقسم إلى صنفين: احتجاجات ذات طبيعة سياسية بمعنى أن عددا كبيرا من سجناء السلفية الجهادية يعتبرون أنفسهم أبرياء وهم ضحايا لحسابات سياسية وأمنية لقوى سياسية داخلية في المغرب بل وتتجاوزها إلى تناقضات خارجية، بمعنى أن الإدارة الأمريكية لها دخل في اعتقال عدد منهم، ومنذ ذلك التاريخ سمعنا عن إضرابات متتالية واعتدنا في المغرب كلما اقتربت ذكرى 16 من أيار (مايو) انخرط السجناء في هذه الاضرابات للتذكير بعدالة قضيتهم والمطالبة بإعادة محاكمتهم محاكمة عادلة. أما الصنف الثاني من الاحتجاجات فله طابع مطلبي يتعلق بتحسين أوضاع سجناء السلفية الجهادية الذين يشتكون من أنهم يخضعون لمضايقات مضاعفة". ولفت ضريف الانتباه إلى أن السياسات المتبعة لمعالجة ملف معتقلي السلفية الجهادية في المغرب سياسات متعثرة، وأرجع ذلك إلى تداخل الأطراف وتعقد القضية، وقال: "لقد اعترف العاهل المغربي نفسه في تصريحات صحفية لصحيفة اسبانية مطلع العام 2005 بوجود بعض التجاوزات، وقد أراد ت الدولة تفعيل هذا الاعتراف لكن من خلال إعادة محاكمة هؤلاء لأن ذلك فيه مس بهيبة القضاء وإنما من خلال دعوة كثير من معتقلي السلفية الجهادية إلى كتابة التماس للعاهل المغربي يطلبون فيه العفو، وهو ما تم بالفعل واستفاد منه قرابة 300 معتقل منهم، لكن بعض الجهات الأمنية التي أعادت اعتقال عدد من هؤلاء بتهمة التخطيط لأعمال إرهابية حذروا من مغبة الاستمرار في هذا المسار لأن هؤلاء يشكلون خطرا على أمن المغرب، وأنهم قد يعودوا إلى العمل الإرهابي مرة أخرى، بالإضافة إلى أن قادة السلفية الجهادية يرفضون هذا الأمر أو إجراء مراجعات شبيهة بمراجعات نظرائهم في مصر والسعودية ويقولون بأنهم لم يؤمنوا بالعنف حتى يراجعوا أنفسهم، لذلك توقف هذا المسار الآن"، على حد تعبيره. وعما إذا كان سوء أوضاع السجون المغربية يمثل إساءة لحزب الاتحاد الاشتراكي ولقيم الحرية والعدالة والانصاف التي كان يطالب بها، على اعتبار أن وزارة العدل تديرها شخصية سياسية تنتمي للاتحاد الاشتراكي، قال ضريف: "لو كانت الحكومة منبثقة عن انتخابات وتمثل أحزابا سياسية لأمكن القول بذلك، ولو كان الأشخاص هم الذين يحددون سياسات وزاراتهم لأمكن قول ذلك، لكن المسألة أبعد من ذلك بكثير، فقد أبعد الملك إدارة السجون عن وزارة العدل بعد فرار سجناء السلفية الجهادية من سجن القنيطرة وقرر إنشاء مندوبية سامية لإدارة السجون ملحقة بالوزارة الأولى وعين على رأسها مدير الأمن الوطني سابقا، مما عقد الأوضاع أكثر، حيث فهم السجناء من تعيينه أن هناك إرادة لمصادرة حقوقهم من خلال الدعوة إلى الانضباط داخل السجون". وانتقد ضريف ما أسماه بمحاولة عزل معتقلي السلفية الجهادية، وقال: "هناك سياسة إعلامية تحاول أن تعزل سجناء السلفية الجهادية وتعزل التيار السلفي عامة، وهذه السياسة الإعلامية التي تتبناها جهات سياسية وأمنية والتي تقدم صورة سلبية جدا عن معتقلي السلفية الجهادية وتصفهم بأنهم ظلاميون وإرهابيون والتي نجحت إلى حد ما في عدم تعاطف المجتمع معهم، ولدت استراتيجية مضادة/ حيث رفض شيوخ السلفية التماس العفو من الملك لأنهم يعتقدون أنهم لم يرتكبوا أي فعل مجرم وأنهم أبرياء، وأن الأصوات التي ترتفع بين الحين والآخر والتي تطالبهم بمراجعات شبيهة بمراجعات جماعات الجهاد في مصر والسعودية يرفضونها، ويقولون بأنهم لم يمارسوا العنف ولم ينفذوه وأنهم يرفضونه ولذلك فالمسألة يتداخل ما هو أمني بما هو سياسي بما فكري"، على حد تعبيره.