كشف الفنان الساخر أحمد السنوسي، في حديث مع هسبريس، بأن قنوات فضائية عربية اتصلت به من أجل أن يعرض أعمالا فنية جديدة ضمن خريطة برامجها، مضيفا أنه بمثابة من ينطبق عليه القول "مُجبَر أخاك لا بطل" باعتبار أنه عانى من المنع من الظهور في قنوات القُطب العمومي زهاء 20 عاما، ولديه ما يكفي من الملفات والدلائل على منعه وإقصائه، فلم يكن بُدا من عرض أعماله الفنية في قنوات تلفزية مشرقية أو تونسية ومصرية. وقال السنوسي، الملقب ب"بزيز"، إن "الحكومات المتعاقبة في المغرب بكل أطيافها الإيديولوجية، اشتراكية ويمينية وليبرالية وإسلامية أيضا، لم تستطع أن تفعل شيئا في السماح له بتقديم عروضه الفنية مباشرة في التلفزيون"، مردفا بأن هذه الحكومات ليست سوى "ديكور" لا تملك القرار بيدها، فالقرار كان من المفروض أن يكون بيد الشعب"، يوضح بزيز. وتابع بزيز بأنه ليس الوحيد في البلاد الذي يعاني من المنع والإقصاء من الإعلام الرسمي، فهناك "العديد من المثقفين والإعلاميين وعموم الشعب الذين لا يستطيعون التعبير بحرية في التلفزيون الرسمي الذي يعد أداة طيعة في خدمة الجهات النافذة والسلطوية في البلاد"، مشيرا إلى أنه أمام هذا الوضع "البئيس" ليس أمامه سوى عرض أعماله وإنتاجاته في قنوات أخرى، مادامت "فضائيات الله واسعة"، على حد تعبير هذا الفنان الساخر. ولفت المتحدث بأن المسؤولين عن الإعلام الرسمي في البلاد جنحوا عمدا إلى تطبيق شعار "الزمن مقبرة النسيان" بأن أرادوا اللعب على عامل مرور الوقت والشهور والأعوام من أجل دفع الشبع إلى نسيان قضية منع عدد من المثقفين والفنانين والمفكرين والإعلاميين من حقهم في الظهور في وسائل الإعلام الرسمية. وثمن بزيز، في هذا السياق، الدور الذي لعبته هسبريس كمنبر إخباري إلكتروني، وبعض المنابر الإعلامية المستقلة الأخرى، في فتح الأبواب والنوافذ التي أغلقتها الجهات الوصية والمتسلطة على التلفزيون المغربي أمام ثلة من مبدعي ومثقفي البلاد الذين تخالف توجهاتهم الفكرية والإيدلويوجية ما يسعى المخزن إلى بثه للمغاربة في قنوات يدفعون أموالها من عرقهم وكدهم. وزاد بزيز بأن آخر شيء يفكر فيه التلفزيون المغربي هو احترام الشعب، بل إنه أضحى وسيلة من وسائل تبذير المال العام، وهي ضريبة أولى مباشرة يسددها المغاربة، فضلا عن الضريبة الثانية يضيف السنوسي التي تتمثل في الحرب الشرسة التي يشنها هذا الجهاز والواقفون وراءه بلا هوادة على الهوية والثقافية المغربية"، وفق تعبير المتحدث. "أنا لاجئ في بلدي..ولا أستطيع تقديم عروضي الفنية منذ عشرين عاما لجمهوري في التلفزيون المغربي، فخرجت إلى حركة 20 فبراير لأساندها وأدعمها لكوني اعتبرت أن قضية الحرية والكرامة وحقوق الإنسان أكبر بكثير من قضيتي حيث تذوب مشكلتي أمام هذه الغايات الكبرى التي يطالب بها الشعب"، يقول بزيز. وشدد الفنان الساخر على أنه "لا يمكنني أن أموت في صمت، ولا أن أركن إلى السكوت، فمن حقي أن أطل على المغاربة ولو من وسائل إعلام أخرى"، قبل أن يردف بأن "الغرض الأساس للسلطة هو أن تشن على كل من يخالفها في توجهها ولا يرغب في الخنوع لها كل أساليب الحرب عبر تشويه سمعته ومواقفه وشن الحملات عليه"، وزاد المتحدث بأن التلفزيون يسعى إلى أن يظهر بمظهر الضحية حيث يتم الترويج لمسألة أن المغاربة يرفضون التعبير بحرية بدعوى "الباب مفتوح ونتوما اللي ما بغيتوش". وبنبرته الساخرة استطرد بزيز بأن أفضل ما يمكن تهنئة الحكومة عليه هو إنجازها الهام متمثلا في ما أسماه "التوزيع العادل للفقر" في كل جهات ومناطق المملكة السعيدة، وهو مجهود "جبار" يجب الإشادة به، يسترسل السنوسي الذي زاد بأن الحكومة تسعى أيضا إلى إلغاء كل الأفعال التي برزت في الثورات العربية، من قبيل "ارحل" و"الشعب يريد"، كما إنها في اتجاه حذف شهر فبراير من الشهور الميلادية، أما الربيع فلن يجد له موطئ قدم بين فصول السنة الأخرى بالمغرب"، يقول بزيز ساخرا. ولم يفت السنوني أن يوجه الشكر، عبر جريدة هسبريس الإلكترونية، إلى كل من سانده في قضيته ومساره الفني، مشيرا إلى أنه حاول أن يدعم كل الحركات الاحتجاجية في البلاد، ومؤكدا أنه سيستمر في هذا الأمر لكونه اختيار لا رجعة فيه، و"ماغاديش نحني الراس"، يؤكد بزيز بحزم.