أحمد السنوسي الملقب ب "بزيز" واحد من الفنانين المغاربة القلائل الذين آختاروا طريق صعبا من خلال إعتماد الفن الساخر من اجل تقديم مجموعة من المشاهد المجتمعية و الاحداث السياسية في قالب فكاهي ينتقد من خلالها تفشي الرشوة و المحسوبية وبيروقراطية الإدارات،ذاع صيته في أواخر السبعينيات من القرن الماضي وأصبح حضوره جماهيريا يُلخص الذكاء في استعمال النكتة أو الطرفة المضحكة المبكية إذ لم تكن أعمال الفنان بزيز سوى مرآة تعكس معضلات تنخر المجتمع المغربي ولم يكن الظرف السياسي في المغرب وقتها يمنح سقفا يسمح بإنجاح مثل هذه التجربة التي كان يعاب عليها الميول إلى التحريض أكثر منه إلى السخرية والمسرح الساخر، النتيجة كانت كما توقع كثيرون، مُنِع أحمد السنوسي"بزيز" من أي إطلالة بأعماله من خلال التلفزيون الرسمي ومُنع من تنظيم العروض في المسارح والقاعات العمومية ومُنِع من ممارسة مهنة لا يُتقِن سواها واستمر المنع نحو 16 عاما.في هذا الحوار يكشف أحمد السنوسي عن تجربته القاسية مع المنع وكيفية تعامله مع هذه التجربة القاسية التي قال عنها بن عبد الله وزير الإتصال انها مجرد اسطورة،لنكتشف بزيز من خلال هذه الدردشة القصيرة .من هو أحمد السنوسي؟* أحمد السنوسي مواطن مغربي رغم أن هذه السلطة لا تريد أن تعترف بالمواطنة و لا تريد أن تعترف بنا كمواطنين،لكن من غير الممكن المرور إلى مرحلة أخرى من الأستقرار السياسي و الإجتماعي دون ان تتعامل معنا الدولة كمواطنين،فنحن لسنا رعايا ولسنا حشودا تصفق فقط لما تفعله السلطة.أحمد السنوسي من مواليد الجديدة،هاجرت العائلة إلى الدرا البيضاء و كان سني انذاك سنة،ترعرعت في حي شعبي بالدار البيضاء،طفولتي كانت مثل اغلب الأطفال المغاربة،من عائلة فقيرة وغنية بحب تربة هذا الوطن وغنية بالتماسك العائلي . وما هو سر لقب بزيز؟* هو لقب أطلقه علي المغاربة ،وهو يحيل في الثقافة المغربية على حشرة و تقال كذلك للطفل الصغير ،و السلطة في المغرب بالمناسبة تنظر إلينا مرة كحشرات ومرة كرعايا و مرة كما قلت كقطيع عليه ان يردد ما تريده السلطة.تعرضت للمنع من تقديم عروضك الساخرة في المسارح و القاعات العمومية و شاشات التلفزة قرابة 16 سنة،ألم يكن ذلك صعبا على أحمد السنوسي؟* معلوم صعب صعب،لان السلطة في المغرب صدرها ضيق جدا للنقد والسخرية،السلطة ترفض الفن المشاكس وترفض هذا النوع من الفن من المسرح الإحتجاجي،هذه اللوحات الساخرة التي تنتقد هيبة السلطة المصطنعة،هذه السخرية التي تريد تدمير تعامل السلطة معنا،لان في اعتقاد السلطة هذا النوع من الفن ومن المسرح معدي ومن الممكن ان يتسرب إلى فنانين آخرين.العدوى خطيرة16 سنة من المنع أو قل قرابة 18 سنة امر صعب لكن بقيت متشبثا بحقي، و بفضل مساندة الجمهور و مواقف الجمعيات الحقوقية و على رأسها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و الصحافة الوطنية و الدولية التي تبنت هذه القضية، بالإضافة إلى طلبة الجامعات المغربية والجمعيات الحقوقية بالخارج،لقد حاولت السلطة قرابة 18 سنة من اجل محو اسم احمد السنوسي من الذاكرة الشعبية للشعب المغربي لكنها لم تنجح و لن تنجح لأن المغاربة تشبثوا بهذا النوع من الفن لانه منبثق من صلبهم ومن معاناتهم اليومية.هل يمكن القول أن قضية احمد السنوسي تجاوزته و أصبحت قضية شعب بالنظر إلى العدد الكبير من الجمعيات و المؤسسات التي تبنت الدفاع عن قضية منع احمد السنوسي؟*لم أعتبر في يوم من الايام ان هذه القضية شخصية تمس احمد السنوسي وحده،قضيتي هي جزء من محنة حرية التعبير في المغرب،وأعطيك مثال على محنة حرية التعبير: مؤخرا قامت مجموعة من الفعاليات السياسية المنتمية لمجموعة من الاحزاب السياسية المغربية بوقفة إحتجاجية أمام مقر التلفزة المغربية وكنت حاضرا معهم تنديدا بسياسة الراي الواحد الذي تتبناه التلفزة المغربية رغم أنها تمول بضرائب أبناء الشعب،وتستبعد كل رأي مخالف للسلطة،وهو الامر الذي ادى إلى هجرة المشاهد المغربي للقنوات المغربية لانها بعيدة كل البعد عن معاناتهم و مشاكلهم اليومية،إذن قضية احمد السنوسي هي نموذج للوضعية التي يعيشها المغرب على مستوى حرية التعبير.وأين يتجلى ذلك؟هل لك ان تعطينا مثالا على ذلك؟*سأعطيك مثالا على دكتاتورية الراي الواحد في التلفزيون،بن عبد الله قال كلاما في البرلمان تحت ضغط البرلمانيين،حوصر في الجامعة منذ اسبوعين ،حوصر في مراكش من طرف الصحافيين و المتتبعين،ومن جملة ما قاله أن المنع غير موجود و انه مستعد لتقديم إستقالته إذا تبين أن السنوسي ممنوع من المرور في التلفزة.ومباشرة أعطى أوامره من اجل قراءة تصريحاته في فقرة قراءة الصحف على قناة دوزيم،وفعلا تمت قراءته و لمرتين و في جريدتين مختلفتين،ولكن عندما قمت بالرد من اجل تبيان الحقيقة تم رفض قراءة الرد.إذن الاسبقية للرأي الوحيد ،الاسبقية هي للتضليل،الأسبقية هي لكلام الوزير،الاسبقية في التلفزة المغربية هي الحرية للجلاد و ليس للضحية و بن عبد الله اراد تحويل التلفزة المغربية إلى ضحية و ان يحول الدولة إلى ضحية و المغاربة يرفضون الحرية ويعتدون على الدولة،ياللعجب؟؟؟؟ولكن بن عبد الله هدد بالإستقالة إذا ثبت انك ممنوع؟* بن عبد الله يردد و يقول بانه لا يوجد منع و أبواب التلفزة مفتوحة في وجه احمد السنوسي في أي وقت و حين،وإذا ثبت اني ممنوع فسوف يقدم إستقالته،هذا كلام غير مسؤول و لا يمكن ان ينفذ فكيف يعقل ان يذهب احمد السنوسي هكذا فجاة ليقول للمسؤولين على التلفزة المغربية:أريد ان امر الان في التلفزة؟هذا كلام غير منطقي و لا يمكن تنفيذه لان التلفزة لها برمجة و من غير المعقول ان تغير برمجتها من اجل سواد عيون احمد السنوسي.وبن عبد الله قبل ان يكون وزيراكان يتضامن معي في إطار الشبيبات المغربية(شبيبة الاحزاب)،واليوم لما اصبح وزيرا للإتصال لم يعد متصلا بقضايا المنع بل اصبح يدافع عن المنع ويضلل الناس.هل إلى هذه الدرجة يمكن إعتبار أحمد السنوسي مخيفا للدولة المغربية؟وهل يمكن اعتبارك بعبعا يخيف المخزن؟*الذي يخيف الدولة المغربية هو هذا التسلط هو هذا التزوير، تزوير الحقائق،الذي يخيف في المغرب ليس هو احمد السنوسي و لا أعمال أحمد السنوسي و لا الصحافة ولا الفعاليات الامازيغية التي ستتحدث في التلفزة عن الثقافة الامازيغية، أنا اعتبر ان النظام الذي يخشى السخرية هو نظام غير ديموقراطي.وماذا عن الوقفة الإحتجاجية الأخيرة التي تزامنت مع فعاليات مهرجان الفيلم السينمائي الدولي بمراكش؟لماذا اخترت هذا التوقيت بالضبط؟*قبل وقفة مراكش كانت هناك وقفات،وسنقوم بوقفات اخرى مستقبلا تنديدا بسياسة الإقصاء،ذهبت إلى مراكش حيث تفتح الابواب لعرض أفلام ذات مضمون سياسي والتي يحرم علينا نحن في المغرب التعرض لها،بل الاكثر من ذلك فبن عبد الله طلب مني الإبتعاد عن السياسة و الدفاع عن حقوق الإنسان، وان أقدم فقط الفن و السخرية و هذا خطير جدا هذه مكارتية جديدة و رقابة قبلية،ذهبت إلى مراكش لابلغ رسالة للمشاركين في المهرجان من مختلف الدول وأقول لهم إنكم تشاركون في مهرجان فرنسي تم إسقاطه "بالباراشوت" في مراكش، وفي الوقت الذي يسمح لكم بملاقاة الجمهور المغربي على ارض مراكش امنع أنا من تقديم عروضي وملاقاة جمهوري مدة 18 سنة.وفي مراكش لم اكن ضد المهرجان و لم اكن ضد السينما ولم أكن ضد الإنفتاح على الثقافات الاخرى، بل كنت ضد المنع وضد هذه السينما التي تمارسهاالسلطة المغربية ،50 سنة من التضليل 50 سنة من تحقير هذا الشعب،الفنان من حقه اتخاذ موقف سياسي كما فعلت الممثلة الامريكية "سوزان" في ندوتها الصحفية حين انتقدت سياسة بوش ولم تتدخل السفارة الامريكية لمطالبة الدولة المغربية بإيقاف سوزان لأنها تشوه الصورة الخارجية للولايات المتحدةالامريكية.يعني حلال عليهم وحرام علينا،انا سأظل متشبثا بحقي في الإحتجاج سواء في مراكش او غيرها.بالموازاة مع الوقفة الإحتجاجية تزعم الممثل المغربي رشيد الوالي عريضة تستنكر تنفيذك للوقفة الإحتجاجية على اعتبار أنها تسيء إلى صورة المغرب و المهرجان، كيف تفسر الامر؟* من حق رشيد الوالي "إكري حنكو" من حقه ان تستعمله السلطة كدمية للوقوف ضد إحتجاج فنان منع لمدة 18 سنة،أعطي الحق للوالي لرفض الوقفة لأنني ديموقراطي و احترم الراي الاخر لاننا نعطي حق التعبير لمن نختلف معهم وليس للذين لا نتفق معهم و الوالي عبر عن راي السلطة عن رأي اسياده عن راي المخزن.لان رشيد الوالي كفنان لم يسبق له ان آتخذ موقفا واحدا مناهضا لعدوان السلطة على المغاربة سواء ضد المعطلين أو الصحافيين او الفنانين.إذا كان الوالي يدافع عن سمعة المغرب في الخارج،فالذي يشوه صورة المغرب في الخارج هي السياسة الحكومية المتبعة و الظالمة في المغرب،سياسة الإقصاء و المنع،وليس الإحتجاج،فالإحتجاج حق والمنع هو الممنوع،بمعنى يجب منع المنع.أما رشيد الوالي ف" كرا حنكو" لان السلطة لم تستطع إظهار وجهها أمام الوقفة الإحتجاجية،لكنه فشل فشلا ذريعا لأن الفنانين رفضوا التوقيع معه،وللإشارة فرشيد الوالي منعه الامن الفرنسي من دخول المهرجان"لان الفرانسويين ماعرفوهش حتى دخلوا بعض المغربة اللي غالولهوم راه هدا سميتو الوالي"وبالمناسبة فأنا اتضامن مع رشيد الوالي ضد هذه الإهانة التي وجهت عبره للفنانين المغاربة الذين شاركوا في هذا المهرجان،ونحن الان بصدد الإعداد لعريضة للتضامن مع رشيد الوالي "باش إيخليوه إدخل المرة الجاية في المهرجان المقبل".تداولت مجموعة من الصحف مؤخرا خبر تلقيك لمكالمة تهددك بالتصفية الجسدية،ما حقيقة الامر؟ التهديد بالقتل تعرضت له مرارا ،مؤخرا عندما اعلنت اني ذاهب إلى مراكش تلقيت سيلا من المكالمات التهديدة في انصاف الليل،تهددني بالقتل و التصفية الجسدية إن أنا ذهبت إلى مراكش،ولكنني ذهبت إلى مراكش ونفذت الإحتجاج بفضل تجمع اليسار و بفضل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و بفضل الجمهور المراكشي الذي ساندني بشكل كبير.في نظرك من قد يكون وراء هذا التهديد؟أكيد السلطة،أو أدوات السلطة.فرشيد الوالي مثلا عندما كلفوه بمهمة الشغب على الوقفة الإحتجاجية الناجحة و التي وصل صداها إلى العالم،كانت هناك مقالات في الجرائد المصرية،الإسبانية و فرنسا و إنجلترا،وطبعا تبقى هناك أدوات تعرض نفسها لاداء مثل هذه المهمات القذرة ضد الحرية وضد الذين يحتجون لإنتزاع حقهم.سبق لك ان زرت الريف(الشمال)،ماللذي تحتفظ به بالنسبة لهذه المنطقة؟عندي ذكريات رائعة لن انساها ابدا في الحسيمة،الناظور،وجدة، بركان و في مختلف مدن الشمال،أنا منطقة الشمال قريبة جدا إلى قلبي،وانت تلاحظ ان اهم الرموز التي اعتز بها في إنتاجاتي هو البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي،وبالمناسبة فالشريط الجديد الذي سيصدر مؤخرا يتضمن اغنية تذكر بثورة الريف وتذكر بثورة الشمال و بهذا الإنتقام الرسمي من الشمال.وماذا عن رايك في البرامج الفكاهية التي قدمت على القناتين المغربيتين خلال شهر رمضان الماضي؟لم أشاهد كثيرا التلفزة و اترك الحكم للمشاهد المغربي.وهل من جديد يحضره أحمد السنوسي؟نعم،حاليا أشتغل على فيلم سأتعرض فيه بطريقة فنية لكل هذه المضايقات التي تعرضت لها،وعندي عرض ساخر جديد بالإضافة إلى الإشتغال على مسرحية تحت عنوان"الجاحظ معاصرنا".ما ذا تعني لك الكلمات التالية؟*التلفزة المغربية: تلفزة مخزنية وليست مغربية*حرية التعبير: لازال الطريق طويلا لإنتزاعها*وزارة الداخلية: رمز من رموز الإستبداد*الريف: منطقة عظيمة حبلى بالثوار*عبد الكريم الخطابي: رمز من رموزنا الوطنية و العالمية و هو في نفس الوقت ثائر كبير –رحمه الله-*الامازيغية: ثقافة وطنية اعتز بها*الديموقراطية:يجب تقديم التضحيات من اجل ترسيخها و فرضهالنفترض جدلا انك أصبحت وزيرا للإتصال،ما هو اول شيء ستقوم به؟هو رفض وزارة الإتصال،لا يجب ان تكون وزارة الإتصال في بلد ديموقراطي.كلمة اخيرة.أتمنى ان ألتقي بالجمهور لتصل أصداء الريف إلى كل مناطق المغربabdellah bakkali bakkaliasعن أصداء الريف