متى يا ترى تكلمت "خناتة" الفاسية مع زوجها الحاج بنيس بلغة خديجة بن قنة /جنة/غنة... على "الجزيرة" ؟ و متى اشتكت العيدية الدكالية لجارتها السعدية من الجفاف و نقص ذات اليد بلغة كوادلوبي/ غوادلوبي/ جوادلوبي/ قوادلوبي في مسلسلات " جوج فرنك" المكسيكية المدبلجة ؟ و متى سمعتم أطفال الحي المحمدي ب"كازابلانكا" يتبادلون قصص عطلتهم الصيفية على طريقة بي بليد و بوكيمون في فضائيات مسخ الطفولة ؟!! "" إن القول بأن اللغة الأم للمغاربة ،أو على الأقل الجزء المدرج منهم ، هو ضحك على الذقون و الآذان و الألسن ، و طمس لحقائق ووقائع الدروب و الحارات و الأسواق ،حيث لم يسمع أحد منا يوما أحدهم يخاطب صديقه أو عابر سبيل أو زبون بلغة الكواسر و البواسل كما في الدراما السورية ... هذه اللغة التي تٌتداول و تٌكرس فقط من أجل خلق نخب تتعالى على الواقع المغربي : *نخب "دينية": تجعل من خطبها المطلسمة بطاقة تميز عن بقية الرعاع الأميين ، و منها من أفتى بعدم جواز خطبة الجمعة بغير اللغة العربية ،لا لشيء سوى لاحتكار شرف الدنيا و جنان الاخرة ،فأصبح جواز المرور إليها مشروطا بتعلم لغة الألفية ( ألفية بن مالك طبعا فالألفية الثالثة لها لغاتها الخاصة *نخب "مثقفة": تصر على تحضير طبخاتها "الإبداعية" بلغة لا يفهمها أحد كي يرضوا عجرفتهم و أوهامهم بالتفرد ، فتجدهم دائمي البحث عن تعابير لا تعني غير ما لا تعنيه و مصطلحات تثبت قدرتهم الفائقة على التصنع ، و أحيل القراء الكرام ،هنا، على الملاحق الثقافية للجرائد "الوطنية" جدا . و إن فهم أحدكم شيئا من قصائدها أو نصوصها فأنا مستعد للانتحار مباشرة بعد توصلي برسالة من أحدكم تثبت ذلك ... * نخب سياسية : تجد في لغة الخشب الملجأ الامن لتثبت قدرتها على ممارسة الخداع و النفاق، فعبرها تحلل ما لا يحلل ، و تعقد ما لا يقبل التعقيد ، عبر لغة تحتمل من الغموض و الإبهام أكثر مما تمنحه إيانا من الوضوح و التبيين... فمن التيارات "الراديكالية" و مرورا عبر الأحزاب المتياسرة و المتيامنة ، ووصولا إلى أعلى هرم السلطة في البلاد ، لا نجد من يفهم خطاباتهم سوى أشباه الصحفيين في جرائد لا قراء لها غير من تستهويهم أخبار الحوادث و الجرائم و أعمدة " برق ما تقشع ". [email protected]