إلى جانب المسلسلات المغربية، المعادة، ربما، للمرة الألف (!)، مثل «العوني» و«عائلة محترمة جدا»، وبعض المسلسلات العربية والغربية، تتحدث شبكة برامج القناة الثانية عن صنف رابع من المسلسلات أعطته اسم «المسلسلات المدبلجة»، وهو ما يعني أننا بصدد جنس جديد من المسلسلات، يبدو بلا لون أو طعم أو جنسية، اختارت دوزيم أن تمطر بها ماتبقى من مشاهديها، على امتداد اليوم، من الاثنين إلى الجمعة، في 10 و5 دقائق صباحا، و11 و45 دقيقة، و2 و10 دقائق، و5 و15 دقيقة، و7 : خمس مسلسلات في فترة زمنية لا تتعدى التسع ساعات. «تبارك الله .. غير اللي مابغاش يشبع دبلجة». والمثير أن قناة عين السبع ما إن تغلق صفحة نهارها مع المسلسلات المدبلجة، التي تتحدث عن «ثمار الحب» و«الحب الأسير» و«سحر الغجريات»، حتى تفتتح ليلها، بالأخبار المفرنسة والسهرات الشعبية (من الغناء الشعبي وليس الشعب المغربي). عندها لن يكون عليك إلا أن تربط النهار بالليل لتتابع الحصاد المغربي في «العربية» و«الجزيرة» و«ميدي آن سات» و«فرانس 24»، أو الحصاد السينمائي في «ميلودي أفلام» و«إم بي سي» 2 و4 و«إم بي سي أكسيون» و«فوكس موفيز» و«دبي وان»، وغيرها من القنوات المتخصصة التي لا تنسى اللغة العربية، وهي تتحدث الإنجليزية. وحين ستفكر، يوما، في العودة إلى الأرض، للتفرج على مباراة في كرة القدم، سيمطرك المعلق الرياضي بجمل تجر المرفوع وترفع المجرور وتنفرك من متابعة «ما تبقى من عمر اللقاء». هذا المساء، ورغبة مني في التعرف على ما يكتب عن دوزيم، لم أتفاجأ كثيراً وأنا أقرأ في بعض المدونات والمواقع الإلكترونية جملة عناوين، تتناول قناة عين السبع بكثير من السخط والانتقاد... وإليكم بعض النماذج: «دوزيم، العربية الواطئة، الفرنسية المقدسة». «من سنوات المجد إلى سنوات الضياع». «دوزيم ورهان الانتقال إلى قناة ضاحكة». «دوزيم شابة اغتصبها فرنسي يوم ميلادها». «دوزيم من ورائكم واثم من أمامكم..!». «ضااااااااع شباب المغرب باستوديو دوزيم، فهل من منقذ؟». ومن بين كل المواضيع والعناوين الإلكترونية، توقفت عند مقالة لأحد الزملاء، نشرها في مدونته، تحت عنوان «دوزيم تبتكر شوارع جديدة في خريطة المدن المغربية»، تناول فيها تلك الوصلات الضاحكة التي ظلت تقترح على الراغبين في المشاركة في مسابقات استوديو دوزيم وضع طلباتهم بعناوين تتضمن أسماء شوارع وساحات تلخص أزمة الهوية التي تعيشها القناة الثانية، حيث يتحول شارع الزرقطوني إلى شارع «الزركتوني» وشارع مولاي رشيد إلى شارع مولاي «غاشيد» وشارع علال بن عبد الله إلى شارع «ألال بن أبدالا» وعمارة السعادة إلى عمارة «سأدا» وشارع محمد الخامس إلى شارع «مهماد سانك» وشارع المقاومة إلى شارع «المكاومة» وشارع الزلاقة الى شارع «زلاكة». وقبل أيام، نقلت إحدى الجرائد خبراً، يقول إن القناة الثانية انخرطت في «عملية دبلجة لأشهر المسلسلات التركية والمكسيكية بالدارجة المغربية». وأشار الخبر إلى أن العملية ستشرف عليها شركات إنتاج خارجية «ستلجأ إلى كبار الممثلين المغاربة للدبلجة». لم أملك إلا أن أبتسم وأنا أتخيل «كبار» فنانينا، بعد طول تمثيل، يتحولون إلى مُدبْلجين «يُدرّجون» عبارات «أحبك» ب«كانْبغيك» و«اشتقت إليك» ب«تْوحشتك»! ثم، تحولت الابتسامة إلى سخرية من هذا الواقع الفني الذي سيجعل بعض مشاهدينا، ممن لا يمتلكون «البارابول»، يشاهدون مسلسلات مدبلجة يلعب بطولتها ممثلون «كاركاسهم» (هيكلهم) تركي أو مكسيكي وصوتهم مغربي، قبل أن تتحول السخرية إلى حيرة، بصدد الطريقة التي سيكون عليهم (أي ما تبقى من مشاهدي القناة) أن «يجمعوا» بها صوت الممثل المغربي إلى وجه الممثل التركي أو المكسيكي، خاصة حين سيسمعون صوت عبد القادر مطاع، مثلا، يتحرك على شفاه عارض أزياء تركي، أو صوت أمينة رشيد يساير دلع عارضة أزياء تركية أو شقراء مكسيكية! لم يقنع القائمون على قناة عين السبع بعرض خمسة مسلسلات مدبلجة، يومياً، ولذلك فكروا في مغربتها، عبر تقديمها بلساننا الدارج. يبقى عليهم، الآن، أن يكملوا خيرهم فيعملوا على دبلجة الأخبار والأفلام وكل البرامج الناطقة بالفرنسية... ياك احنا امغاربة؟