دخل المغرب في حرب مفتوحة مع شبكات تبييض الأموال، بعد أن كشفت تحريات الأجهزة الاستخباراتية، وجود امتدادات لها في مدن مختلفة في البلاد، انطلاقا من عدد من الدول الأوروبية، خصوصا عبر عصابات تهريب المخدرات على الصعيد الدولي. وتشير مصادر أمنية مطلعة، إلى أن تحركات أموال شركات موجودة في المنطقة الحرة الصناعية بميناء طنجة، لا تخضع للمراقبة، ما يجعل هذه المنطقة واحدة من الفضاءات المستغلة في تبييض الأموال. وأبرزت أن هذه الشركات وهمية، وأغلبها توجد مقراتها الرئيسية خارج المغرب، مضيفة أن هذه المؤسسات التي لا تخضع أيضا للنظام الضريبي المغربي المرتبط أساسا بنظام التعشير. "" ولم تقتصر هذه الحرب على الجانب الأمني، بل انخرطت فيها حتى الحكومة، إذا أعلن وزير الاقتصاد والمالية صلاح الدين مزوار، الثلاثاء، أن وحدة معالجة المعلومات المالية، التي تعتبر الآلية الأساسية في إطار جهاز مكافحة غسل الأموال، ستباشر مهامها في القريب العاجل. وشدد مزوار، في معرض رده على سؤال شفوي بمجلس المستشارين حول القانون المتعلق بمحاربة تبييض الأموال تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن الحكومة ستسهر على توفير جميع الوسائل التقنية والبشرية الكفيلة بتمكين الوحدة من القيام بمهامها في أحسن الظروف وبالنجاعة المطلوبة، سيما في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وقال إنه من المرتقب أن تكون للقانون المتعلق بمحاربة تبييض الأموال، الذي أصبح ساري المفعول منذ نشره بالجريدة الرسمية في ماي 2007، آثار إيجابية على جميع الأنشطة المالية والتجارية، بالنظر للأهداف المتوخاة منه، خاصة فيما يتعلق بضمان التمويل السليم للاقتصاد الوطني وتعزيز وضعه المالي للتمكن من تعبئة التمويلات الخارجية وجلب الاستثمار، وكذا تخليق الحياة العامة. وذكر أن الحكومة، وبشراكة مع البنك المركزي، بادرت إلى تنظيم حملة وطنية تحسيسية تهدف إلى توضيح مضامين هذا القانون والأهداف المتوخاة من وضع جهاز لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، شملت جميع المناطق المغربية، مشيرا إلى التوقيع على عقد في إطار التعاون بين المغرب والمجموعة الأوروبية يتعلق بالتكوين في مجال مكافحة هاتين الآفتين، ستستفيد منه جميع الأطراف المعنية. وتأتي هذه الحرب بعد أن صادقت حكومة الرباط على القانون رقم 50 -43 المتعلق بمكافحة هذه الظاهرة، وهو ما سيمكنها من احترام التزاماتها الدولية والاتفاقيات الأممية الخاصة بمحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ويهدف هذا القانون، الذي صدر أخيرا، إلى تقوية الثقة في النظام المالي والبنكي ومصداقيته، وتعزيز مناخ الاستثمار في المغرب، وإنعاش المعاملات مع الخارج، وإلى المساهمة في الجهود المبذولة من طرف المنتظم الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة، واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المعمول بها دوليا. كما أنه يضمن أحكاما للمعالجة الزجرية لظاهرة غسل الأموال بغية تفادي ومنع تسرب أموال عائدة من أنشطة إجرامية إلى الدورة الاقتصادية والمالية المشروعة، حسب ما أكده عبد الله العلوي البلغيثي، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في الدارالبيضاء، في لقاء صحافي نظمه بنك المغرب، الأربعاء، بالتعاون مع وزارة العدل ووزارة الاقتصاد والمالية، في إطار الحملة الوطنية التحسيسية للوقاية من غسل الأموال. وكان عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، كشف، أخيرا، عن معطيات جديدة بشأن عمليات تزوير النقود في المغرب، مشيرا إلى أنه، في إطار مكافحة تزوير العملة، رصد بنك المغرب، خلال سنة 2007، ما يقارب 14.574 ورقة بنكية مغربية مزورة تناهز قيمتها الإجمالية مليون درهم . واختلف تطور الأوراق البنكية المزورة بشكل كبير من فئة إلى أخرى، إذ ارتفع بنسبة 35 في المائة بالنسبة إلى فئة 200 درهم، فيما انخفض ب 29 في المائة بالنسبة إلى فئة 100 درهم. كما جرى تسجيل ارتفاع بنسبة 39 في المائة بالنسبة إلى فئة 50 درهما، بينما سجل انخفاض ب 30 في المائة بالنسبة إلى فئة 20 درهما. وأشار والي بنك المغرب إلى مبادرة البنك إلى اقتراح إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة تزوير العملة، التي يوجد المرسوم المنظم لها قيد الصياغة النهائية لدى الأمانة العامة للحكومة، موضحا أنها ستتكون من كل من وزارة الداخلية والإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الملكي ووزارة العدل ووزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب. وتتجلى أبرز مهام هذه اللجنة، حسب الجواهري، في التشاور وتنسيق العمل في ما يخص تزوير العملة وكذا دراسة وإبداء الرأي بشأن التدابير القانونية والمؤسساتية والعملية والتقنية الواجب اتخاذها للوقاية من هذه الجرائم.