شهدت ردهات محاكم العاصمة الاقتصادية، الدارالبيضاء، خلال السنة التي نودعها قضايا ساخنة، وملفات كبرى، تنوعت ما بين قضايا الفساد المالي والإداري، وقضايا المخدرات والهجرة السرية.وأشاد عدد من المتتبعين بالخطوات الكبرى، التي سجلت خلال هذا العام من خلال فتح تحقيقات جادة ونزيهة، بل وكانت لقضائنا الجرأة على تناول قضايا كانت حتى وقت قريب من الطابوهات، والبت فيها، أيضا. أعلنت الدولة عبر هذا النهج سياسة واضحة، وحربا ضد الفساد وتجارة المخدرات، كما فتحت ورشا مجتمعيا كبيرا من خلال إعادة النظر في أداء جهاز القضاء، ما سيساهم في تحديث الدولة، بالنظر إلى الدور الحيوي، الذي يضطلع به هذا الجهاز في توطيد أسس الديمقراطية ودولة القانون وترسيخ الثقة اللازمة لتحفيز الاستثمار والنهوض بالتنمية. مجلة فرنسية تطيح بشبكة "محمد الغاني" تفجر ملف "شبكة الناظور" لتهريب المخدرات، في يناير الماضي، عندما قامت مصالح الأمن، بأمر من النيابة العامة، بإيقاف تاجر مخدرات بارز كان ينشط في تهريب مخدر الشيرا انطلاقا من منطقة الناظور في اتجاه الشواطئ الإسبانية، بناء على مقال منشور بجريدة "باري ماتش" الفرنسية. وكانت مصادر قضائية أوضحت أن هذا المهرب، الذي جرى إيقافه كان يعمل لحساب جهات مقيمة بإسبانيا وبلجيكا وهولندا ومدينة مليلية المحتلة. وحسب ما ورد من معطيات في محاضر البحث التمهيدي مع أفراد الشبكة، فإن عمليات التهريب كانت تجري على خمسة مسارات، انطلاقا من قرى ساحلية بالناظور وصولا إلى ألمرية ومورسيا أو طراغونة، عبورا من منطقتي سان سيباستيان الإسبانية و"بيايون" الفرنسية وانتهاء بمدينة بيربينيون، التي يجري فيها التفريغ ثم الشحن من جديد في عربات أخرى لنقل المخدرات إلى بلجيكا وهولندا. وكان قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف في الدارالبيضاء، أمر يوم 30 يناير الماضي، باعتقال المشتبه بهم، وتجميد ممتلكاتهم العقارية والمنقولة، وحساباتهم البنكية سواء الشخصية منها أو تلك التي تعود لأزواجهم وفروعهم. وأصدر قرار الإحالة على غرفة الجنايات بالمحكمة نفسها، والمتابع فيه في حالة اعتقال 113 شخصا ما بين دركيين ومدنيين ورجال بحرية ملكية وقوات مساعدة ورجال أمن. ويتكون قرار الإحالة، الذي استغرق التحقيق فيه ثمانية أشهر من أزيد من 2000 صفحة وأصدر قاضي التحقيق أمرا بالإفراج عن 17 متابعا في حالة اعتقال من بين المتهمين في قضية محمد الغاني ومن معه، بعدما جاء هذا الأمر القضائي في إطار إحالة الملف على الوكيل العام للملك، من أجل عرض المتهمين على المحاكمة، فيما جرى الإبقاء على 93 متهما من بين 113 رهن الاعتقال ودخل الملف أطواره الأخيرة بعد إنهاء هيئة المحكمة الاستماع إلى كل المتهمين المتابعين ضمن الشبكة. رسالة مجهولة تفجر ملف اختلاس وقود الفيول مكنت رسالة مجهولة لسائق شاحنة لم يجر إدخالها إلى المحطة الحرارية بالقنيطرة، من الكشف عن الاختلاسات المتعلقة بمادة وقود الفيول من المحطة المذكورة، إذ ذكر السائق في رسالته أن بعض الشاحنات الصهريجية، التي تشحن بمادة الفيول من شركة "لاسامير" بالمحمدية، بغرض تفريغ حمولاتها بخزانات المحطة الحرارية، التابعة للمكتب الوطني للكهرباء بالقنيطرة، يجري توجيهها إلى مرائب في ملكية شخص بمركز السبيت قرب الدارالبيضاء، ولدى شخص آخر بعين حرودة. شمل البحث الأولي، بناء على الرسالة المجهولة، خصاص 1509 أطنان من وقود الفيول المحمل ب 51 شاحنة، بقيمة 430 مليون سنتيم، إضافة إلى فترات أخرى جرى التحقيق فيها من طرف لجنة خاصة، وذكر المصدر أن هناك اختلاسات بمئات الملايين. توبع هؤلاء المتهمون، الذين تقلص عددهم إلى 36 شخصا (عوض 39) بعدما تقرر عدم متابعة ثلاثة منهم كانوا في حالة سراح مؤقت لعدم كفاية الأدلة، بتهم "تكوين عصابة إجرامية واختلاس أموال عمومية واستغلال، عن علم، وصولات مزورة وخيانة الأمانة والمشاركة"، كل حسب ما نسب إليه. وكشف مصدر قضائي أن تحقيقات وتحريات جارية مع مجموعة جديدة من الأشخاص، بينهم منتسبون إلى المكتب الوطني للكهرباء، للاشتباه في صلتهم بما بات يعرف بقضية "اختلاسات الفيول"، فيما تواصل غرفة الجنايات المكلفة بقضايا الأموال بملحقة سلا، النظر في الملف الذي من المنتظر أن يعرف جلسات ماراطونية. القضاء ينظر في اختلاسات سوق الجملة بالبيضاء تقدم أحد تجار سوق الجملة للخضر والفواكه، ويدعى مراد الكرطومي، بتاريخ 15 يناير الماضي، بشكاية إلى الوكيل العام للملك بالبيضاء، جاء فيها أن "خروقات سافرة يقوم بها بعض موظفي السوق، على حساب المصلحة العامة للوطن، من أجل الاغتناء السريع وبطرق مشبوهة"، ويجري ذلك، حسب الشكاية، بواسطة "التطفيف في الميزان لبعض الحمولات باهظة الثمن، وتغييرها، واستبدال السلع ذات الأثمان المرتفعة بأخرى بخسة الثمن". وجرى الاستماع إلى متهمين، بينهم مدراء سابقون ومراقبون سابقون وحاليون، ورؤساء سابقون بالسوق، إضافة إلى أعوان سابقين ووكلاء مداخيل سابقين بالسوق، ناهيك عن حوالي 14 شاهدا بخصوص كل من لديهم معطيات حول الملف. وانصبت التحقيقات حول الاتهامات الموجهة لمسؤولين بالسوق، وكذا مدراء سابقين ومنتخبين سابقين وموظفين، بشأن تزوير أوراق "الكشف"، وكذا اتهامات بشأن اختلاس موارد الجبايات، التي يتهم مسؤولون بالتلاعب فيها وتقديم بيانات غير حقيقية مخالفة للواقع، ناهيك عن مداخيل المراحيض، ومداخيل كراء المحلات التجارية، والتفويتات "المشبوهة" للمحلات، دون اللجوء لطلب العروض حسب ما يفرضه القانون، إضافة إلى الإدلاء بتصاريح مزورة عند الدخول، وتغيير الحمولة في الورقة البيضاء إلى خضر أو فواكه رخيصة الثمن، إلى التلاعب في التصريح بنوع الصناديق خشبية أو بلاستيكية، والتلاعب في الأسعار الحقيقية والوزن والإفراغ أمام السوق وخارجه. ويواصل قاضيا التحقيق جمال سرحان ونور الدين داحن، الاستماع إلى عدد من الأسماء الوازنة بشأن الاتهامات التي حملتها الشكاية. شبكة "طريحة" تسقط مسؤولين أمنيين وأسماء وازنة أثارت قضية المفضل أكدي، الملقب ب "اطريحة"، الموجود حاليا رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن عكاشة بتهمة الاتجار في المخدرات، رجة حقيقية وسط مختلف الأجهزة الأمنية والقضائية للدولة، نظرا لأن المعني بالأمر فجر قنابل من العيار الثقيل أثناء التحقيق معه، من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، عندما كشف من غير تردد عن أسماء وازنة متورطة معه في ترويج المخدرات. تتابع في ملف الطريحة، حسب بلاغ للإدارة العامة للأمن الوطني، "مجموعة من أباطرة المخدرات" يبلغ عددهم 16 متهما، يشتبه في تورطهم في أعمال إجرامية، من ضمنها تكوين عصابة إجرامية، وحيازة واستهلاك المخدرات، والاتجار فيها على الصعيد الدولي والارتشاء، وتزوير وثائق إدارية وانتحال هوية. وأشارت مصادر أمنية أنه حجزت لدى المتهمين كمية مهمة من المخدرات الصلبة، إضافة إلى مجموعة من الوثائق مكونة من بطائق التعريف الوطنية ورخص السياقة المزورة، ومجموعة من الآليات والسيارات التي كانت تستغل من طرف أفراد هذه العصابة لتسهيل نشاطهم الإجرامي". وذكرت مصادر مطلعة أن عدد بارونات المخدرات المستنطقين من قبل محققي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في ملف "طريحة"، وصل إلى 17، منهم متمرسون، وآخرون بارونات صغار، يطمحون إلى بلوغ مستويات الكبار. أصبح "اطريحة" بعد مدة من الزمن، الحلقة المحورية بمنطقة الشمال والمحاور الرئيسي لتجار المخدرات بأوروبا ومزودهم الرئيسي بمخدر الشيرا (الحشيش) إلى أن جاء اعتقاله وعرضه على أنظار قاضي التحقيق باستئنافية البيضاء. ملف القرض العقاري والسياحي في مراحله الأخيرة بلغ ملف المؤسسة البنكية، القرض العقاري والسياحي "السياش"، سنته العاشرة بين ردهات غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، إذ تواصل هذه الأخيرة النظر في الملف، الذي يتابع فيه 17 متهما. والمحاكمة الآن في مراحلها الأخيرة استئنافيا، في الوقت الذي ما زال ثلاثة من المتهمين الرئيسيين، من بينهم امرأة، في حالة فرار، رغم صدور أحكام جنائية ابتدائية نافذة في حقهم، ويتعلق الأمر بمولاي الزين الزاهيدي، ونعيمة هيام وأحمد الصقلي. ويتابع في الملف، رؤساء ومدراء وموظفين سابقين بالمؤسسة المالية السياش، باختلاس وتبديد أموال عمومية، والرشوة، واستغلال النفوذ، والغدر، والتزوير واستعماله، وخيانة الأمانة". وتفجر هذا الملف على إثر تقرير صادر عن لجنة تقصي الحقائق النيابية، الذي سجل وجود خروقات في تسيير المؤسسة على مدى عقود من الزمن، إذ جرت إحالة الملف على التحقيق، وأكد تقرير الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن المسؤولين، الذين تعاقبوا على تسيير المؤسسة "خرقوا الالتزامات والأمانة الملقاة على عاتقهم، وآثروا مصالحهم الشخصية بصرف الأموال في أعمال لا علاقة لها بنشاط البنك". وكشف مضمون التقرير أن المديرين العامين، وزعا، قبل 1998 أرباحا وهمية على المساهمين، مع كل ما تنطوي عليه هذه العملية من مخاطر وعقوبات مترتبة عنها. وربط التقرير تصرفات المسؤولين على ذلك النحو ب"حصولهم على منافع شخصية". وصل العدد 55 متهما في قضية التهجير السري شهدت أولى جلسات قضية شبكة التهجير السري، التي يتابع فيها 55 متهما رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن عكاشة، حضورا أمنيا مكثفا، وحضور عدد كبير من أفراد أسر المتهمين في ملف يتابع فيه 18 رجل أمن وجمركية ما أعطى أكثر من إشارة بأن الملف يعد بدوره من الملفات الكبرى التي تداولها القضاء المغربي خلال السنة التي نودعها. يوجد ضمن شبكة التهجير السري 18 رجل أمن، سبق لبعضهم أن اشتغلوا بميناء طنجة وبمركز باب سبتة، قبل أن تشملهم حركة انتقالية سنة 2004، فجرى تعيين بعضهم بمطار محمد الخامس في الدار البيضاء. وحسب مصادر قضائية، فإنه يشتبه أن يكون رجال الأمن تورطوا في تهجير عشرات المواطنين بوثائق مزورة، نظير حصولهم على عمولات تجاوزت 70 ألف درهم عن كل رحلة. كما أن شبكة ما يعرف بالتهجير غير الشرعي، التي تورط فيها 29 رجل أمن برتب مختلفة، من بينهم عميد شرطة، ومفتشو شرطة، عجلت بتعيين أفراد يعملون بمديرية الدراسات وحفظ المستندات (لادجيد) بمطار محمد الخامس الدولي، قصد إنجاز تقارير مفصلة حول الأجهزة الأمنية العاملة بالمطار ونقط أخرى للعبور. وتواصل غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، النظر في القضية التي يتوقع أن تمتد لشهور قبل أن تقول العدالة كلمتها الأخيرة. برلماني سابق يتزعم شبكة ل"الكوكايين" وصف عدد من المتتبعين شبكة "الكوكايين"، التي جرى تفكيكها والتي يتزعمها "محمد جوهري"، الملقب ب"الرايس" البرلماني السابق عن التجمع الوطني للأحرار، الذي يوجد رهن الاعتقال الاحتياطي بالمركب السجني عكاشة في الدارالبيضاء، بالصيد الثمين واعتبروا أن الدولة باعتقالها لعدد مرتفع من تجار المخدرات تكون أعلنت سياسة واضحة تتعلق أساسا باجتثاث بارونات المخدرات. وتضم عناصر شبكة المخدرات الصلبة إضافة إلى محمد جوهري، كلا من البرلماني السابق بمكناس (لحسن.ر) الملقب ب"الحمق" أو"جنفر" و "حسن 17"، و"حسن.د" الملقب ب"العروبي"، و"حميد1" و"حميد.ك" و"حميد.ه " وشخص آخر يدعى "م.ك". وأشار مصدر أمني إلى أن الشبكة تستطيع ترويج المخدرات في اليوم نفسه بعدة مدن مغربية، منها مدن أكادير، الدار البيضاء، تمارة، مكناس، فاس، طنجة، الناظور، جهة الغرب، وخصوصا الأقاليم الجنوبية، إذ استطاعت عناصر الشبكة نسج علاقات مع شبكات أخرى تنتمي إلى منطقة الساحل جنوب الصحراء ووسط إفريقيا. ويضيف المصدر ذاته أن التحريات كشفت أن شبكة "محمد الجوهري" لترويج المخدرات هي واحدة من الشبكات، التي يترأسها 17 بارونا للمخدرات أو تجار للمخدرات في طريقهم إلى تكوين شبكاتهم الخاصة. وكشفت التحريات الدقيقة، التي قامت بها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتعاون مع أجهزة أمنية أخرى، منها عناصر جهاز حماية التراب الوطني، أن أفراد الشبكة استطاعوا اختراق الأجهزة الأمنية عبر تقديم "رشاوى" لبعض العناصر الأمنية، كما استغلوا علاقة القرابة لبعضهم في تسهيل تحركاتهم داخل جهة مكناس-تافيلالت وكشفت التحريات أن محمد جوهري، حاول استغلال صفته البرلمانية السابقة، لتسهيل نقل هذه المخدرات من المناطق الجنوبية في اتجاه مدينة الرباط، عبر سيارته التي تحمل علامة "البرلمان"، ما يدفع العناصر الأمنية إلى عدم الاشتباه به.