تعرّف ضريبة الدخل قانونا بأنها ضريبة تفرض على الشخصيات الطبيعية أو المعنوية التي تمارس أنشطة تتلقّى منها مردودا ماليا يزيد عن مقدار معين من المال في السنة.. ولا يخرج عن أدائها الفنانون والمثقفون الذين يمارسون نشاطاتهم بشكل مدر للدخل، كمشاركتهم في أعمال تلفزية وسينمائية، أو إصدار كتب ومؤلفات يتم ترويجها بمقابل مالي.. قانون وبطاقة الفنان.. هل هما لتنظيم تعامل الفنان مع الضريبة المهنية؟ بعد خروج قانون وبطاقة الفنان إلى حيز الوجود اعتبر ذلك في إبانه حدثا تاريخيا قد يكون بداية في طريق تنظيم الحقل الفني بالمغرب، إذ تحيل البطاقة المهنية للفنان على أجرأة ما جاء به قانون الفنان الصادر في 17 يوليوز 2003، وتؤكد على إيلاء الأهمية القصوى للفنان ولوضعه الاعتباري داخل المجتمع، زيادة على كون الخطوة تميّز حامليها وتقر بدورهم الفني وما يمارسه من بناء للمجتمع وتوعيته، إضافة لحماية المهنة من الانتهازيين والدخلاء المتطفلين الذين يسيئون إلى الميدان، وتضمن لحامليها الأولويّة في الشغل، وتساهم في حماية حقوقهم المادية والمعنوية في إطار العلاقة المهنية مع المنتجين، وتخول المجال للتعاقد مع جميع المؤسسات التي يتعاملون معها، وتؤهلهم لعقد اتفاقيات الشراكة المختلفة الأبعاد والتوجهات. أسئلة لا بدّ منها.. في ظل الاشتغال وسط السوق الفنية المغربية بالأجور الموجودة حاليا، ما هي طبيعة العلاقة التي تحكم الفنان بواجب تسديده للضريبة المهنية أو ما يعرف بالضريبة على الدخل ؟ ما هي ملاحظات ومؤاخذات الفنان المغربي على الصيغة الحالية المعمول بها في تحصيل الضريبة على الدخل؟ ماذا عن شركات الإنتاج الخاصة التي تسدد الضرائب للدولة ومع ذلك تتعامل مع الفنان من تحت الطاولة "بالنوار"؟ ما هي المقتضيات القانونية التي تضبط اشتغال الفنان والضريبة على الدخل؟ وما موقف النقابات الفنية وما هي حدود تدخلاتها لدى الوزارة الوصية لفائدة الفنان المغربي بخصوص تسديده للضريبة المهنية؟ حسن النفالي: أغلب شركات الإنتاج لا تتوفر فيها المواصفات المطلوبة (عضو ديوان وزير الثقافة) الميدان الثقافي والفني هو كسائر الميادين، فيه شركات الإنتاج الفني التي يحكمها قانون يسري على جميع الشركات، ونحن لا زلنا نناضل من اجل أن يكون لنا قانون خاص بالشركات أو المقاولات الفنية كما يسميها قانون الفنان، ولكن إلى حد الساعة لا يوجد مرسوم تطبيقي ينظم مجال اشتغال الشركات والمقاولات الفنية. وأغلب شركات الإنتاج الفني هي شركات لا تتوفر فيها المواصفات الضرورية، نتحدث هنا عن الرأسمال الذي يجب أن تشتغل به أي شركة إنتاج، نجد أن معظم الشركات التي تشتغل مع التلفزيون، يظل الفنانون الذين تشغلهم مدينون لها بأجورهم، معظم الشركات لا تتوفر على مقرات، إما تشتغل في مكاتب مكتراة، أو يحمل مديروها الملفات والوثائق في محافظهم الخاصة أو داخل سياراتهم.. فمعظم الشركات لا تتوفر على ما يفرضه القانون من حد أدنى للأطر، وحتى من يتوفرون على هذه الأطر، تجد أغلبيتها غير مصرح بها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتبقى شركات الإنتاج، بين قوسين، وضعيتها هشة غير مبنية على أسس قانونية وإدارية ومهنية صلبة، وبالتالي ما بني على الهشاشة لابد أن يكون تعامله هشا، لا يتوفر على رأس مال لن يدفع للمشتغلين معه أجورهم ومستحقاتهم المالية، إذا لم تمكنه القناة الأولى أو القناة الثانية أو المركز السينمائي المغربي من التسبيقات، وقد يحدث في بعض الحالات أنه حتى ولو تسلم المنتج الغلاف المالي من القناة لا يسدد ما عليه من مستحقات للفنانين والمشتغلين معه. علاقة الفنان بشركات الإنتاج غير مبنية على أسس قانونية وإدارية ومهنية صلبة، فعلاقة شركات الإنتاج بالميدان الفني هي علاقة طبيعية، خصوصا و أن القنوات التلفزيونية والمركز السينمائي المغربي، أصبحوا يفرضون اليوم على أن الأعمال الفنية المنتجة من الضروري أن تمر عبر الشركات، بعد أن تم إلغاء النظام السابق الإنتاج عبر الأفراد، بحيث أن شركة الإنتاج هي التي توقع عقد الإنتاج مع القنوات وتوقع كذلك العقد مع كل العاملين معها، ويتم الاتفاق معهم وفق عقود معينة، وهي عقود تدخل بدورها في إطار الهشاشة التي تحدثنا عنها بخصوص شركات الإنتاج، عقود لا تتضمن توقيعات المسؤولين عن الشركة، وقد لا تتضمن أحيانا المبلغ المالي الذي سيتقاضاه الفنان وشروط العمل، من قبيل السكن والتغذية، عقود لا تتضمن تحديدا للمدة الزمنية لإنهاء التصوير، هناك أعمال يتم الاتفاق على إنهاء تصويرها في غضون شهر فتصبح ستة أشهر، وتظل هذه العقود تطرح إشكالات كبيرة، بالرغم من أن قانون الفنان أوضح طبيعة العقد والبنود التي يجب أن يتضمنها بالأساس.الأكثر من هذان حسب ما نتوصل به من قضايا وملفات، أن كل المبدعين الذين يتعاملون مع هذه الشركات لا يتوفرون على نسخة من العقد، وعندما يقع نزاع مهني، لا يجد الفنان ما يدافع به عن حقوقه لأنه ببساطة يفتقد لنسخة من العقد التي وقعه مع شركة الإنتاج مما يترتب عنه جملة من المشاكل. عبد الرحيم مجد: الاستناد يتمّ على العقد بين الشركة المنتجة والفنان (منتج فنّي) موضوع الضريبة المهنية هو ذو شجون في مجال اشتغالنا، مهم و شائك في نفس الوقت، فكل عمل تريد أن تنتجه لا تنال رخصة تصويره إلا بعد أن تدلي بأوراق تثبت التوفر على عقود عمل وقّعت مع كل المشتغلين.. سواء الفنانين أو التقنيين أوغيرهم، وإذا ما تقدم طرف ما بشكوى عن عدم تلقي مستحقاته فإن الاستناد يتمّ على العقد المبرم بين الطرفين. البشير واكين: كيف لفنّانين يتقاضون 100 درهم أن يؤدّوا الضريبة؟ (ممثّل) لا زال هذا المجال غير مقنن بالتمام، وإن كانت هناك شركات تتفق مع الفنان على مبلغ معين، وتطلب منه الإدلاء ب "لاَبَاطُونْتْ"، هناك شركات أخرى غير ذلك.. وحسب علمي فإن النقابات الفنية سبق وأن تدخّلت ضمن عدة ملفات مرتبطة بصرف مستحقات فنانين شاركوا في أعمال تلفزية.. الفنان المغربي لا زال لا يتقاضى أجورا محترمة، ولا بد من إعادة النظر في مستحقات الفنانين التي لا تسدد في معظمها حتى متطلبات عيشه، فلا زال هناك من الفنانين من يتقاضون 100 أو 150 درهما.. فكيف لهم أن يطالَبوا بسداد مبالغ ضريبيّة عن هذا الدخل؟.. أمّا بخصوص علاقة قانون وبطاقة الفنان فأنا أتساءل عن قيمة المضافة التي جاءا بها، إذ يجب البدء بتقنين هذه المهنة قبل كل شيء. سعاد صابر: "لاَبَاطُونْتْ" أوّل ما تسأل عنه شركات الإنتاج قبل نقاش الأجر (ممثلة) مقتعة بواجب كل مغربي يشتغل أفي تسديد قدر من مدخوله لفائدة الدولة، إلاّ أنّ المجال الفني، وعلاقة الفنان بشركات الإنتاج تحديدا، مفرزة لمن يشتغلون باستمرار وآخرين لا يعملون إلاّ مرّة أو اثنتين في العام مقابل أجور هزيلة.. لو اشتغلت أنا مثلا بمعدل أربع أو خمس إنتاجات في السنة لن يضرّني أن سدد الضريبة علها تستثمر من أجل الصالح العام.. أمّا شركات الإنتاج فإنّ أوّل ما تسأل عنه هو "لاَبَاطُونْتْ" وإن كنت لا تتوفر عليها فأنت تتلقى عروضا بأجر متدنّ، وهذا ما لا أقبل أو أفهمه. محمد بسطاوي: فراغ قانوني يؤثث تعامل الفنانين وشركات الإنتاج (ممثل) ليست لدي أية فكرة عن هذا الموضوع، وليس هناك قانون واضح وصريح يحدد أجور الفنانين الذين يشتغلون مع شركات الإنتاج، وبالتالي لا تنظيم يطال مجال اشتغال الفنان وعلاقته بالالتزامات الضريبيّة.. ولا زال تعاطي الفنانين والممثلين مع المستحقات والأجور التي تقترحها شركات النتاج وسط السوق الفنية المغربية بعيدا عن أي تقنين حتى الحين.. إلاّ أني أعتقد التعاطي بين الطرفين يجب أن يتم بالتراضي في حال الاتفاق أو الشقاق، ما دام الفنان المغربي لم يصل بعد إلى مستوى التوفر على مدير أعماله، بسبب الأجور المتدنية ومحدودية سوق الاشتغال الفني، فإن مثل هذه الأمور واردة. نجاة خير الله: لا أقبل اشتغال الفنان مع منتجين بأموال "تحت الطاولة" (ممثلة) في بعض الأحيان يتعاقد الفنان مع الشركة المنتجة على مبلغ خارج نطاق الضريبة، ولكن بعد الانتهاء من التصوير تطالب الشركة الفنان بأن يمدها بالفواتير، أو ب"لا باطونت"، وهناك من الفنانين من لا يتوفر على "لاباطونت" وفي هذه الحالة لا يتسلم مستحقاته إلا بعد أن يدلي ب "باطونت أحد معارفه".. زيادة على ذلك تبقى أجور الفنانين المغاربة هزيلة ومتواضعة، وأنا شخصيا لا زلت لم أتقاضى أجرا من المستوى الذي أستحقه عن الأدوار التي لعبتها لحد الآن، باستثناء تجربتي الفنية بمصر مع فيلم "الوعد" والتي لفّها تعاقد مهني احترافي.. أنا ضد قبول الفنان للاشتغال مع شركات إنتاج بأموال "تحت الطاولة". أسماء بنزاكور: الضريبة واجبة على الفنانين ذوي المداخيل المحترمة (ممثلة) إذا اشتغل الفنانون بورش فني ضخم، يتقاضون عنه مبالغ محترمة، حينها سيكونون مطالبين بتسديد الضريبة على مداخيلهم.. أما تقاضي مبالغ ال500 وال 600 درهم فهو لا يضمن حتّى العيش، ولا مجال هنا للحديث عن تسديد لضرائب مداخيل هي ضعيفة من الأصل. [email protected]