ماتزال أجور الفنانين المغاربة، تحظى باهتمام كبير في المجتمع، بسبب التفاوت الكبير بين ما يكسبه المواطن العادي في سنة، و ما يجنيه الفنان في ليلة واحدة. إلا أن أرباح نجوم الغناء والتمثيل، تتسم دائما بالغموض والسرية. وكلما توجهنا بالسؤال لفنانين مغاربة عن قيمة أجورهم ، كان رد البعض منهم بالإيجاب، فيما راوغ البعض الآخر في رده عن سؤالنا. وإذا كان البعض منهم، قد أفصح بكل تلقائية عن الأجر الذي يتقاضاه نظير كل عمل فني، فإن البعض الآخر رفض الإدلاء بأي معلومات حول هذا الموضوع، معتبرا إياه شأنا شخصيا لا دخل للآخرين فيه. وقد أكد لنا أغلبهم أن الفنان المغربي يحتاج اليوم لقانون يحسن وضعيته المادية، فهناك فنانون يعيشون أوضاعا مزرية، في ظل الإنتاجات التلفزيونية القليلة وندرة السهرات الفنية. ..كم يتقاضى الفنانون المغاربة؟ وكم هي أجورهم؟ موقع "نون بريس" خصص ملفه الأسبوعي عن أجور مشاهير الفن بالمغرب. فنانو الشعبي الأعلى أجرا: يعد فنانو الشعبي الأعلى أجرا على الساحة الفنية،إذ يستعين منظمو الحفلات بنجوم الغناء الشعبي، في حفلات الزفاف، فضلا عن إحيائهم للحفلات الخاصة والعامة أيضا. الداودي: 20 مليون "غرامة" و10ملايين سنتيم عن كل سهرة حسب التصريحات الأخيرة للفنان الشعبي عبد الله الداودي عند حلوله ضيفا على أحد البرامج التلفزيونية، أكد هذا الأخير أنه حصل على 20 مليون غرامة في إحدى السهرات، و حسب مصادر متطابقة ، فالداودي يشتغل في الأعراس بأجر يتراوح ما بين 40 و50 ألف درهم، في حين يحيي السهرات الكبرى خارج المغرب بأجر يتراوح ما بين 7 إلى 10 ملايين سنتيم. زينة الداودية: 20 مليون سنتيم "غرامة" في سهرة واحدة حصدت الفنانة الشعبية زينة الداودية 20 مليون غرامة عن أغنيتها "عطيني صاكي" خلال سهرة أحيتها بأحد الملاهي الليلية بعين الذياب، وقد طالب الحاضرون الداودية بأداء الأغنية وترديدها خاصة بعد الهجوم الذي تعرضت له بسببها مؤخرا، ووفق مصادر متطابقة فقد أدت زينة الداودية عددا من أغانيها المعروفة. خالد البوعزاوي: الفنان يحتاج إلى دخل قار ورسمي الفنان لا يملك دخلا شهريا قارا لذا يجب أن "يترزق الله" هكذا عبر الفنان خالد البوعزاوي عضو فريق أولاد البوعزاوي ل"نون بريس" عندما طرحنا عليه سؤال" كم تتقاضى عن كل سهرة؟"، ويضيف خالد أن الفنان الشعبي إذا لم يشتغل في الفترة الصيفية متقاضيا خلالها أجرا جيدا، فلن يستطيع تغطية مصاريف أسرته، مؤكدا أن الفنان المغربي عموما وجب عليه الاشتغال في أوج شبابه كي يضمن مستقبله، فكم من فنان عاش فقيرا ومات فقيرا، ويردف قائلا: "الفنان يحتاج إلى دخل قار ورسمي لأنه إذا لم يشتغل فلن يرحمه أحد". وعن إذا ما كان يقوم بعمل آخر في غير المجال الفني يدر عليه دخلا مريحا، يقول خالد البوعزاوي: " أنا عندي الفن والله تعالى، والفن هو مورد رزقي فقط، والذي به أعيل أسرتي". ويضيف خالد أن الفنان يجب أن يوصل رسالة نبيلة ويقدم أغاني محترمة من خلال فنه، وفي نفس الوقت يجني مبلغا محترما يحفظ كرامته. مصطفى بوركون: أشتغل بثمن بسيط جدا، ولم أحصل يوما حتى على 5000 درهم "غرامة" في سهرة واحدة الفنان الشعبي مصطفى بوركون يرى أن الفن الشعبي كان مربحا في فترة من الزمن إلا أنه اليوم يعاني من ركود واضح ، ويضيف بوركون في تصريحه ل"نون بريس" أن الحفلات الخاصة قليلة جدا موازاة مع ما كان من قبل، وإن كانت فهي لا تغطي المصاريف التي يحتاجها الشخص في حياته اليومية، مشيرا إلى أن السهرات خارج المغرب لم تعد كالسابق. وأوضح بوركون أنه رغم اشتغاله لمدة 35 عاما في الميدان الفني، إلا أنه يملك فقط منزلا بسيطا وسيارة، كما أن رصيده البنكي خالي تماما، على حد تعبيره، وأضاف قائلا: أشتغل بثمن بسيط جدا، ولم أحصل يوما في سهرة حتى على 5000 درهم غرامة". ويضيف بوركون: "الفن هو مورد رزقي، فرغم المعاناة، الحمد الله على كل حال". حجيب والتسونامي : من 2 إلى 9 ملايين سنتيم في السهرة الواحدة تمكن الفنان الشعبي حجيب من حصد 9 مليون سنتيم "غرامة" في مدة لم تتجاوز ساعة من الزمن، في حفل بأحد الملاهي الليلية. فيما تمكنت إيمان المرضية المعروفة ب "الشيخة التسونامي" من جلب مبلغ مالي "محترم" من "الغرامة" من إحدى الحفلات التي أحيتها ليلة رأس السنة الماضية، بأحد الملاهي الليلية بالدار البيضاء، وبلغت قيمتها 2 مليون ونصف (سنتيم). الممثل المغربي يعاني من قلة الإنتاج وعلى نطاق آخر، طرقنا باب بعض الممثلين المغاربة، آملين في الحصول على معلومات كافية، بخصوص أجورهم، فكانت هذه ردود بعضهم.. عبد الكبير الركاكنة: أشتغل بأجر محترم وتقاضيت 80 ألف درهم عن دوري في ناس الحومة الفنان عبد الكبير الركاكنة يعتبر أن الفنان المغربي لا يستطيع فرض ثمن معين في أي عمل، و ذلك بسبب قلة الإنتاجات على مستوى المسرح أو السينما أو التلفزيون، ما يجعل الفنان يقبل الاشتغال في أي عمل وكيفما كان نوعه وبأي ثمن، ويضيف الركاكنة أنه في ظل غياب قانون يحمي الفنان المغربي، لا يمكن تحديد الحد الأدنى لأجور الفنانين. ويسترسل قائلا: " أنا متفرغ للفن، وبهذا الفن أعيش، وليست لي أي وظيفة أخرى، ولا يمكن أن أشتغل في مجال آخر غير الفن". وعن الأجر الذي يتقاضاه عن كل عمل فني يقول الركاكنة: "طبعا أشتغل بأجر محترم، فأنا لا أفرض نفسي في أي عمل، مثلا تقاضيت 80 ألف درهم عن اشتغالي في ناس الحومة وشركة الإنتاج هي التي تفاوضت معي". وشاي: الفنان المغربي في حاجة إلى قانون يحدد أجرته الفنانة المغربية فاطمة وشاي ترى أن الفنان المغربي في حاجة إلى قانون يحدد أجرته، ويوفر له مبلغا محترما يضمن حقوقه. مضيفة في تصريح لموقع "نون بريس": "أنه في ظل انعدام قانون ينظم الحد الأدنى لأجور الفنانين، سيظل الفنان غير راض عن أجره". وأوضحت وشاي أن الأجر الذي يتقاضاه الفنان عن أعماله، لا يغطي التكاليف والمصاريف التي يحتاجها، إنما ينقذ ما يمكن إنقاذه فقط. كما أعربت عن استيائها من بعض المنتجين الذين يستغلون الفنانين ولا يعطونهم الاعتبار الحقيقي الذي يستحقونه، حيث أضافت قائلة: " المنتج الذي يعي جيدا قيمة الفنان يمنحه أجرا محترما أما إذا "طحتي ف المريقية ، وما أكثرهم، ماكيعطيكش أجر محترم" ، لذا يصبح الفنان مضطرا إما الاشتغال في ذلك العمل لضمان استمرارية مسيرته، أو التوقف عن الفن والغياب عن الساحة الفنية. سعيد التغماوي: الأعلى أجرا يعتبر الممثل المغربي ذو الأصول الأمازيغية، سعيد التغماوي، من أشهر الممثلين في العالم ، إذ استطاع أن يثبت نفسه، وبجدارة، في الساحة الفنية العالمية. يصل أجر سعيد التغماوي إلى 75 مليون أورو ، ما جعله الأعلى أجرا مقارنة بالممثلين الفرنسيين والعرب، أما الممثل المغربي جمال الدبوز فيبلغ أجره 46 مليون أورو في السنة الواحدة، في حين يصل الأجر السنوي لجاد المالح إلى 7 ملايين أورو. فنانون مغاربة يجنون الملايين وآخرون يعانون.. عبد الوهاب الدكالي: المتسولون صار وضعهم أفضل من الفنانين عميد الأغنية المغربية ،عبد الوهاب الدكالي، هاجم، في وقت سابق، المكتب المغربي لحقوق التأليف، وذلك بسبب ما وصفه بالتعويضات الهزيلة التي صار يتوصل بها في الفترة الأخيرة عن أعماله الفنية، والتي لا تشرف تاريخه الفني، على حد قوله في أحد تصريحاته الإعلامية. وأضاف الدكالي، في ذات التصريح، أن المتسولين صار وضعهم أفضل من الفنانين في المغرب، مشيرا إلى أن المتسول يمكن أن يجني ما لا يقل عن ثلاثمائة درهم يوميا، أي ما يقارب عشرة آلاف درهم في الشهر، في الوقت الذي لا يتوصل الفنانون إلا بمبلغ زهيد مقابل أعمالهم الفنية. أحمد شوقي 30 مليون سنتيم في سهرة افتتاح الموندياليتو بعد النجاح الذي حققه الفنان أحمد شوقي مع المنتج العالمي ريدوان، أصبح ابن الحمامة البيضاء مطلوبا من قبل منظمي الحفلات والمهرجانات، حيث حصد على أغنيته come alive في حفل افتتاح بطولة كأس العالم للأندية، على مبلغ 30 مليون سنتيم. دنيا باطما: تجني الملايين في الحفلات والمهرجانات تعتبر من الوجوه الشابة التي برز اسمها مؤخرا على الساحة الفنية العربية، بعد وصولها لنهائيات برنامج "آراب آيدل"، تحولت دنيا باطما من فتاة عادية إلى نجمة تجني الملايين من السنتيمات، بفضل إحيائها للسهرات والمهرجانات وحفلات الزفاف داخل المغرب وخارجه. ووصلت قيمة عقد إشهاري وقعته باطما مع شركة اتصالات المغرب إلى 60 مليون سنتيم. عبد الجبار الوزير من الشهرة إلى المعاناة من كان يظن أن الفنان ،عبد الجبار الوزير، سيصبح ،اليوم، من الفنانين المغاربة الذين يعانون التهميش ولا تمتد إليهم يد المساعدة حين احتاجوها، فبعد الشهرة والأضواء، عبد الجبار الوزير يعاني، اليوم، في صمت من ظروف قاسية، إذ يعيش حالة صحية حرجة. كانت الانطلاقة الفنية لعبد الجبار الوزير مع فرقة الأطلس الشعبي ، حيث نجح كثنائي كوميدي مع الفنان الراحل محمد بلقاس، كما قدم عددا من المسرحيات والمسلسلات والأفلام الناجحة أهمها: الحراز، دار الورثة، وحلاق درب الفقراء وولد مو وغيرها… مقترح جديد لحماية الفنان المغربي قدم الفنان المغربي وعضو فريق العدالة والتنمية، ياسين أحجام، في دجنبر الماضي، مقترح قانون يقضي بتغيير القانون 99.71 والمتعلق بالفنان، وذلك من خلال إضافة باب تحت عنوان "الدعم العمومي للممارسة الفنية الاحترافية". وينص المقترح على ضرورة أن يكون الفنان الذي يشتغل بصفة دائمة بالمقاولة الفنية غير المستفيدة نهائيا من الدعم العمومي في مشاريعها الفنية، أجيرا، تطبق عليه مقتضيات قانون الشغل. ما الذي يعنيه حصول فنان أو فنانة على أجر بالملايين نظير اشتغاله في عمل فني؟ لماذا لا تنبري الرقابة المالية لاستخلاص الضرائب على هذه الأجور بنوع من الشفافية والعدل، تحقيقا للمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات؟ وهل بإمكان وزارة الثقافة أن تطلعنا في المستقبل القريب بسلم متحرك لأجور الفنانين حسب الشهرة والتألق، ووفق نوع المناسبات، التي يحيون فيها أنشطتهم الفنية؟ أم أن كل شيء سيبقى على حاله، يعاني تضاربا في المصالح والتوجهات، مما يعيق ازدهار الأعمال الفنية، بدفعها نحو نقلة نوعية، حتى لا نفاجأ ، كما هو الحال اليوم، بين نجوم تتلألأ وتعيش الرفاه والبذخ والرفاهية، ونجوم تعيش البؤس وضنك العيش والحرمان والفراغ؟