تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال (بوريطة)    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟        عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحيون يتحدثون عن الوضع الاجتماعي والاعتباري للفنان

إجماع على مأسسة الرعاية الاجتماعية من طرف الدولة بمساهمة الفنانين
بمناسبة اليوم الوطني للمسرح، الذي يصادف سنويا اليوم الرابع عشر من ماي، والذي يخلد ذكرى الرسالة الملكية التي وجهها الملك الراحل الحسن الثاني للمناظرة الوطنية الأولى للمسرح المغربي المنعقدة بالدار البيضاء بتاريخ 14 ماي 1993 أي منذ عشرين سنة، اتصلت بيان اليوم بمجموعة من الوجوه المسرحية العاملة في الساحة الوطنية والمشهود لها بالاستمرارية والعطاء في المشهد المسرحي الوطني، لاستطلاع آرائها حول الأوضاع الاجتماعية للفنانين ومشروع إحداث مؤسسة وطنية تعنى بالرعاية الاجتماعية للفنانين والمبدعين المغاربة، فكانت التصريحات التالية:
الباحث المسرحي عز الدين بونيت
نحو هيكلة شاملة للقطاع المسرحي
أظن أن الوضعية الاجتماعية للفنانين تعكس، في الواقع، وضعية القطاعات الفنية التي يشتغلون بها. إذ هناك تلازم بين درجة نضج القطاع وهيكلته من الناحية الاقتصادية، ومدى المنافع التي يجنيها منه العاملون فيه والمكاسب الاجتماعية التي يحققونها. ومن الواضح أن قطاع الثقافة على وجه العموم، ما زال قطاعا غير مهيكل من الناحية الاقتصادية، بل ما زال ينظر إليه على أنه قطاع خارج دائرة الاقتصاد، قطاع مخصص فقط للتعبير عن الذات أو لتبادل الأفكار أو لتبادل القيم الرمزية وأحيانا للمتعة المتبادلة بطريقة مجانية.
ولم يعترف في المغرب بالفنان كمشتغل وبالفن كشغل إلا في سنة 2003 عند صدور قانون الفنان، الذي يعد جزء مكملا لقانون الشغل، ويحدد محتوى وشكل العلاقات الشغلية التي تربط الفنان بمشغله، أو المقاولة الفنية بالمتعاقدين معها. غير أن هذا الاعتراف ما زال مجرد اعتراف مبدئي، ما دامت سوق الفن غير مهيكلة باعتبارها قطاعا اقتصاديا قائما بذاته. وقانون الفنان نفسه، يتحدث عن عدة آليات من شأنها المساعدة على هيكلة هذه السوق، مثل المقاولة الفنية، أو وكالة الخدمات الفنية، أو إحداث بطاقة الفنان التي يفترض أن تضبط وتنظم الولوج إلى فرص الشغل التي يتيحها النشاط الفني،.. لكن القانون وحده لا يخلق السوق ولا يستطيع أن يهيكلها، بل لا بد من سياسة عمومية متكاملة تضع نصب عينيها إحداث تحول جذري في شروط الممارسة الفنية، وتوفير الظروف الملائمة لإطلاق دينامية اقتصادية متمحورة حول الصناعات الثقافية، يكون إنتاج الفن وتسويقه واستهلاكه من بين محاورها الرئيسية.
لذلك اتجهت المطالب النقابية للعاملين في القطاع المسرحي منذ أكثر من خمس سنوات إلى التركيز على المطالبة بهذه الهيكلة الشاملة للقطاع المسرحي، عبر ما سمي بمشروع الخطة الوطنية لتأهيل القطاع المسرحي الاحترافي. بل إن النقابة المغربية لمحترفي المسرح، لم تكتف بصياغة هذا المطلب كمطلب فقط، وإنما وضعت بالفعل، لدى الحكومة مشروعا جاهزا لهذه الخطة، لا ينتظر سوى اتخاذ الخطوات العملية للبدء في التفاوض بشأنه، وإنضاج التعاقدات المختلفة التي يقتضيها.
إننا على وعي تام بأن الوضعية الاجتماعية للفنانين، لا يمكن أن تحل عن طريق إجراءات جزئية، غالبا ما تكون ترقيعية، تغفل حقيقة أنه لا يوجد قطاع فني – بالمعنى الاقتصادي للعبارة – وإنما نشاطات فنية متفرقة هنا وهناك. لا بد أن تعالج وضعية الفنان في سياق سياسة شاملة لبناء سوق فنية واقتصاد ثقافي مندمج.
أما بخصوص التغطية الصحية للفنانين، ونظرا للطابع الاستعجالي للموضوع، حيث لا يمكن أن نظل رهيني هيكلة القطاع، ولا الشروع في وضع سياسة عمومية متكاملة، وهو أمر قد يطول أمد انتظاره، فقد عملت عدد من التجمعات الفنية منذ بضع سنوات على أخذ زمام المبادرة، فأنشأت التعاضدية الوطنية للفنانين التي تقوم على مبادئ التعاضد المتعارف عليها في هذا الميدان (التكافل المتبادل، مساهمة الكل من أجل البعض، عدم استهداف الربح..). وقد حظيت هذه المؤسسة بدعم من الدولة، وإن كان محدودا. لكن عدم هيكلة السوق الفنية وعدم انتظام العلاقات الشغلية، وفرص الشغل نفسها، يعرض هذه التعاضدية لصعوبات مالية كثيرة. فضلا عن أن الفنانين أنفسهم لا يولون عناية للمساهمة في هذه التعاضدية. وكثير منهم يعتقد أن العناية بالتغطية الصحية ينبغي أن يكون تلقائيا من طرف الدولة، ويخلطون بين التغطية الصحية وبين الرعاية الظرفية التي قد يحظى بها هذا الشخص أو ذاك من طرف الملك خلال محنة صحية قد يتعرض لها. وبعض الفنانين، ما زالوا يعتقدون أن شهرتهم – أو حتى مجرد انتمائهم للقطاع الفني – يكفيان لكي يشفعا لهم في الحصول على رعاية صحية تلقائية. بل إن الإعلام نفسه يكرس هذه الفكرة. ففي كثير من المناسبات المؤلمة، حين يكون بعض الفنانين طريحي الفراش، ترتفع الأصوات من هنا وهناك لإدانة الإهمال الذي يتعرض له هؤلاء الفنانون. والحال أن كثيرين منهم يهملون أنفسهم وأسرهم عندما يعتبرون أن الانخراط في التعاضدية وأداء المساهمات السنوية أمر ثانوي يمكن التملص منه أو على الأقل تأجيله. وكثيرا ما يبرر هؤلاء الفنانون هذا التملص بارتفاع كلفة الانخراط؛ وهو أمر غير صحيح على الإطلاق. إذ أستطيع التأكيد أن مبلغ الانخراط السنوي الجزافي في تعاضدية الفنانين هو أرخص مبلغ من نوعه في السوق، مقارنة مع باقي أنظمة التغطية الصحية التعاضدية أو التأمينية.
لقد حان الوقت للقطع – في الوسطين الفني والإعلامي – مع الخطاب الاستجدائي الذي طبع لعدة عقود طريقة طرح الفنان لمعاناته الاجتماعية على ساحة النقاش العمومي، واستبداله بخطاب المسؤولية. لا يوجد ما يبرر الفكرة السائدة التي تقضي بأن الفنان ينبغي أن يحظى بالرعاية لمجرد أنه فنان، أو بدعوى أنه أعطى الكثير للوطن والمجتمع، لأن مثل هذا الخطاب لا يصمد أمام أي تحليل. ألم يعط الصحافي والمدرس والمهندس وموظف الجماعة والممرض... للوطن والمجتمع مثلما أعطى الفنان؟ بلى. فلماذا يكون على كل هؤلاء أن يخضعوا لاقتطاعات إجبارية شهرية لفائدة التغطية الصحية، بينما يعتقد الجميع أن الفنان ليس مطالبا بأداء واجب المساهمة في تأمين صحته وصحة أسرته، علما أن المجتمع والدولة وقطاع التأمين، جميعهم أخذوا بعين الاعتبار رمزية الفنان وهشاشة وضعيته، عندما مكنوه من تغطية صحته بأقل تكلفة موجودة في السوق. ويهمني هنا أن أشير إلى بعض الفنانين – بحسن نية طبعا – تجدهم يتعاملون بانتهازية مع مؤسستهم التعاضدية، مما يضر بهم وبزملائهم المتعاضدين، وذلك حين يهملون الانخراط في التغطية الصحية ما داموا في غنى عنها، لكنهم يسارعون في آخر لحظة بالانخراط عندما يصبحون بحاجة إلى خدمات التعاضدية. وهذا عمل لا يمكن وصفه سوى بالانتهازية لأنه يقتل مبدأ التعاضد نفسه. وهو المبدأ الذي يقوم على أن الجميع يسهم في تكوين رصيد مالي قد يحتاجه البعض من حين لآخر. فإذا قصر كل شخص مشاركته فقط على اللحظة التي يكون هو فيها محتاجا فإن التعاضد سينعدم والتعاضدية ستموت، ولن يظل هناك تغطية صحية، وسنعود أدراجنا إلى الاستجداء والتباكي على الإهمال و...
لكن التغطية الصحية، هي جزء فقط مما يعرف بالرعاية الاجتماعية. ومن الضروري أن ننتبه إلى أن كل النماذج المعروفة اليوم المعنية بالرعاية الاجتماعية، تقوم على مبدأ مشاركة المعنيين بالأمر أنفسهم. فالتقاعد يكون عبارة عن نوع من التأمين الجماعي المرتبط بالمستقبل، والتغطية عن عدم الشغل تخضع لنفس المبدأ، ومؤسسات الخدمات الاجتماعية الموازية تقوم على نفس الأساس، وهذه كلها أنظمة تحتاج إلى أن تكون هناك سوق وقطاع اقتصادي نشيط وراءها، الأمر الذي يعود بنا إلى ضرورة خلق هذا القطاع الاقتصادي في المجال الفني. وعلى العموم يتعين على الفنانين أن يتقبلوا بشكل لا رجعة فيه فكرة أنهم مدعوون مثل غيرهم من العاملين في القطاعات الأخرى إلى المساهمة في أي نظام للرعاية الاجتماعية يحلمون به، وأنه لن ينوب عنهم أحد في ذلك، لمجرد أنهم فنانون. والأهم من ذلك أن يكفوا عن استجداء هذه الخدمات، وأن يشرعوا، بدلا من ذلك في صياغة مشاريع للتغطية الاجتماعية، تقوم على مبدأ المساهمة، ثم يطالبون بعدئذ بتدخل الدولة لدعم هذه المشاريع بشكل منتظم.
**
رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح الدكتور مسعود بوحسين
الطريق لفرض الحماية الاجتماعية للفنانين يمر عبر مراجعة قانون الفنان
اليوم الوطني للمسرح، هو مناسبة للاحتفال بأبي الفنون، وهو يوم للتفكير والتأمل في المنجزات وتحديد النواقص سواء على المستوى الفردي أو الجماعي لمحترفي هذا الفن النبيل.
ولكن للأسف العمل الفني وخصوصا في مجال الفنون الدرامية هو معرض دائما للهشاشة الاجتماعية وهي قاعدة يشهدها العالم بأسره، لأن عمل الفنان هو عمل ذو طبيعة موسمية، فهو لا يشتغل بصورة مستمرة، ونحن الآن نناضل من أجل تقنين هذا المجال وخلق أنظمة اجتماعية مواتية لطبيعة عمل الفنان.
الآن المكتسب لدينا هو التعاضدية الوطنية للفنانين، ومازال لدينا ملف التقاعد الذي يعد من الملفات الكبرى التي نسعى لإخراجها لأرض الواقع، وهو طريق صعب يجب أن يمر من مراحل تنظيمية مرتبطة بمراجعة قانون الفنان، هناك أيضا ملحاحية إحداث مؤسسة للرعاية الاجتماعية للفنانين، وهو ملف سبق أن رفعناه إلى وزارة الثقافة ونحن ننتظر تفعيل هذا الملف لحماية للفنان وصونا لكرامته، خصوصا وأن العديد من الفنانين يعانون حالة من الفقر والعوز والحاجة، كذلك من الأمور المستعجلة لدينا بطاقة الفنان التي تضمن أولوية التشغيل وأن تكون آلية من آليات تقنين سوق الشغل من خلال وضع كوطا في جميع الأعمال الفنية مدعمة من طرف الدولة تفوق النصف، وهو إجراء لا يهدف فقط إلى حماية الفنان بل كذلك تحسين الجودة، والاعتراف لحاملي البطاقة بمجموعة من الحقوق كالتخفيض في تذاكر التنقل والتخفيض في الإقامة بالفنادق وغيرها من الأمور التي تضمن للفنان حياة كريمة.
**
المخرج المسرحي بوسرحان الزيتوني
على المجتمع المدني والفنانين والمهنيين انتزاع اعتراف الدولة بمهنية الفن وسن تشريعات تحمي السوق الفنية
للأسف الشديد أن وضعية الفنان المغربي تطرح باستمرار لتؤكد حقيقة أساسية مرتبطة بضعف الإنتاجية في الحقل الفني وانعدام شروط الحماية فيه، فلحد الآن لا يزال المشرع متذبذبا في الإقرار بالفن ضمن منظومة الشغل، وتحديد العلاقة بين الفنان كأجير والمؤسسات الفنية كمنتج، بما يستتبعه ذلك من واجبات وحقوق، ترتبط بالحد الأدنى لأجور الفنانين، وحقهم في جميع الصناديق التي يستفيد منها الأجير، الضمان الاجتماعي والتقاعد. لقد ظلت الدولة المغربية لزمن طويل، ولا تزال، تعتبر، في ممارستها، الفن شكلا غير منتج، وأسلوب عمل لا يراكم الرأسمال، في الوقت الذي تفرض فيه الدولة ضرائب على أجور الفنانين، وعلى تعاقداتهم. في ظل هذه الوضعية الملتبسة، واعتبارا لكون الفن بطبعه موسمي، وليس عملا يوميا، يرتبط بساحة إنتاج محدودة وفقيرة، وفرص الشغل داخله غير مقننة، وتسودها الفوضى والزبونية، فإن العديد من الفنانين يجدون أنفسهم في وضعية هي أقرب للتسول منها للعمل، وهزالة الأجور التي يتفنن بعض المنتجين في سنها خلال إنتاجاتهم، قلت يجد الفنان نفسه غير قادر، لا على التأسيس لحياة كريمة، ولا هو بالقادر على الوفاء بالتزاماته تجاه التعاضدية الوطنية للفنانين أو أي شكل من التأمينات وصناديق التقاعد. وبغض الطرف عن بعض العوامل الذاتية، فإن الفنان، إن سقط مريضا أو ألمت به أية مشكلات أخرى، في وضعية اجتماعية مأساوية. فما الحل؟ أعتقد أن الحل يبدأ أصلا بتغيير الدولة لموقفها من الفن، وأن تتجند جمعيات المجتمع المدني والمهنيون لانتزاع اعتراف الدولة لا بهم كفنانين، بل بالفن كمهنة يشرع لها بما يشجع على الاستثمار فيها، تشريعات تحمي السوق الفنية، وتسهم في إعطائه دينامية.. إن خضوع الفنان للممنتجين ولشروطهم يضر بمصالح الفنانين على المدى الطويل، وأنا هنا أتحدث عن شريحة كبيرة منهم، وليس على القلة المحظوظة داخلهم. إن التشريع هنا، وتشجيع الاستثمار وحماية الشغل داخل السوق الفنية وتقنينها، كلها ستسهم لا فقط في خلق مؤسسة تعنى بالفنانين، بل بجميع صناديق المؤسسات التي يحق للأجير الاستفادة منها. هنا، لا بد من التنبيه إلى أنه من غير المحبب أن نخلق مؤسسات تعفي الدولة من التزاماتها، أو أن تجد فيها الدولة تسكينا لربح الوقت، مؤسسة تضخ فيها الدولة بعض المال لرفع العتب عنها. يجب أن يعي القائمون على هكذا مشروع أن كل حل مؤقت في بلادنا يتحول بقدرة قادر إلى حل دائم، وأي قرار إجرائي وقتي يتخذ صفة الخلود. إن المعركة الأساسية في تقديري هي الاعتراف بالفن، والدراما بالخصوص، كمهنة بكل ما يعطيه ذلك من حقوق ويفرضه من واجبات. لقد جربت الحركة الفنية كثيرا من الإجراءات وحلول غير واقعية وغير جذرية، ولم تفلح جميعها في تحسين صورة الفنان المغربي.
**
المخرج المسرحي بوسلهام الضعيف
الفنان المغربي يعيش على هامش المجتمع
الفنان المغربي مهمش داخل المجتمع المغربي، إنه يعيش حالة فقر اجتماعية، وأعني بالفنان ذلك المحترف الذي يكون مصدر عيشه هو الفن.
الفن لا يضمن حياة اجتماعية كريمة لمن يتخذه حرفة، في حين أن الحياة هي معادل للكرامة. فباستثناء بعض الفنانين الذين تيسرت لهم ظروف العمل واستطاعوا أن يحققوا نوعا من التوازن في حياتهم الاجتماعية، فإن أغلب الفنانين المغاربة يمكن القول إنهم يعيشون على هامش المجتمع.
يجب في نظري القطع مع مفهوم الرعاية، هذا مبدأ أساسي، لأن الفنان بحاجة إلى من يضمن له قوانين تؤمن له ظروف عمل مناسبة. وإذا كانت هناك مؤسسة للرعاية الاجتماعية للفنانين، فينبغي أن تنوع مواردها بما في ذلك اقتطاع نسب مائوية من مداخيل الفنانين الأجانب الذين يأتون لتقديم عروضهم الفنية ببلادنا.
من الصعب جدا التحدث عن مؤسسة لرعاية الفنان في غياب مجال حقيقي للشغل وقوانين ومعايير منظمة لمهنة الفنان.
**
الممثل والمخرج المسرحي عبد الإله عاجل
لولا مساندة بعض عشاق الفن المسرحي لعروضنا المسرحية لما أمكن لنا أن نصمد
الممثل المسرحي المغربي في بداية انطلاق الممارسة المسرحية ببلادنا، كان يجد ظروفا مواتية للعمل، بالرغم من أنه لم يكن هناك قانون الدعم المسرحي، حيث أن العروض كانت تقدم بشكل متواصل على مدار السنة، وكانت هناك العديد من الفرق المسرحية التي تقدم عروضها في آن واحد وتقوم بجولات في مختلف المدن والأقاليم، إلى حد أنها كانت تضطر في كثير من الأحيان للتنسيق في ما بينها لأجل بلوغ أكبر نسبة من الجمهور، وكان هذا الأخير يدعمها، ولم يكن ينتظر الحصول على الدعوات المجانية لكي يذهب إلى المسرح، كما هو الحال اليوم، مع الأسف. كانت الفرق المسرحية إذن تعول على قدراتها الذاتية، مع ذلك كانت جد نشيطة.
اليوم قد يمر شهران بكاملهما دون أن يكون هناك عرض مسرحي واحد، في الوقت الذي ينبغي أن تكون الحركة المسرحية مثل دوري البطولة في كرة القدم، ويتم الالتزام بتقديم عروض مسرحية كل سبت وأحد على الأقل.
فلولا تآزر ومساندة بعض عشاق الفن المسرحي لما نقوم بتقديمه من عروض مسرحية، لما أمكن لنا أن نصمد، سيما وأن العمل المسرحي يتطلب إمكانيات كبيرة: أداء أجور الممثلين والتقنيين، إعداد وإنجاز الديكور والملابس والملصقات والتذاكر وكراء قاعة العرض وغير ذلك من المتطلبات.
المتضرر من الوضع الحالي للمسرح، هو الجمهور.
أنا مع تجربة رعاية الوضع الاجتماعي للفنان، وأشيد بكل مبادرة تصب في هذا الاتجاه، لأن الفنان المغربي فعلا بحاجة إلى من يتضامن معه.
آمل أن تخرج مؤسسة للرعاية الاجتماعية للفنان إلى حيز الوجود، وتتلقى ملفات الفنانين الخاصة بأوضاعهم الاجتماعية، لأجل تحسينها.
فالفن شيء ضروري، بل يمكن القول إنه إذا أردنا معرفة شعب، علينا النظر إلى فنه وليس إلى برلمانه أو حكومته..
**
الممثلة فاطمة وشاي
ينبغي وضع حد للظروف التي تجعل الفنان يستجدي
وضعية الفنان المغربي لا تبعث على الاطمئنان في الظروف الحالية، سيما وأن القانون الخاص بمهنته لم تتم أجرأته، وبالتالي فإن هذا ينعكس على وضعه الاجتماعي الذي يمكن القول بلا مبالغة إنه مزري، خصوصا بالنسبة للذين يشتغلون في فن التمثيل. صحيح هناك مكاسب تحققت، خصوصا ما يتعلق بالتعاضدية الوطنية للفنانين، لكن الممثل قد يظل عاطلا عن العمل لمدة تفوق سنة، وبالتالي قد لا يستطيع حتى الالتزام بأداء واجب الانخراط السنوي في التعاضدية.
ينبغي وضع حد للظروف التي تجعل الفنان يستجدي، أتمنى تسوية وضعيته، من خلال سن قوانين، تعطي الأولوية للفنان المحترف للاشتغال، وضمان عيشه الكريم، سيما وأن الفن هو مصدر عيشه الأساسي، فلا يمكن له مزاولة عمل آخر لكسب القوت، سيما وأنه من طباعه أن لا يقبل التملق.
أتمنى أن تتم مراجعة قانون مهنة الفنان ليتلاءم مع مستجدات الوضع. كما أتمنى صادقة أن يتم الإسراع بإحداث مؤسسة وطنية تعنى بالرعاية الاجتماعية للفنانين والمبدعين ببلادنا.. وعندما نقول الرعاية الاجتماعية فنحن لا نستجدي، بل نطالب بحق يضمنه الدستور وكل المواثيق.. كما هو الشأن بالنسبة لسائر المهن التي تنتظم في مؤسسات تابعة لقطاعاتها والتي تختص بالعناية بمنخرطيها وأسرهم، كقطاع التعليم والداخلية والتجهيز والبريد إلى غيرهم من القطاعات، نحن أيضا كفنانين علينا الالتفاف حول هذا المشروع وعلى الدولة أن تتخذ مبادرة في هذا الشأن.
**
الممثل والمخرج رشيد الوالي
المسرحيون يواصلون كفاحهم لا حبا في المال أو الشهرة ولكن حبا في الفن
بهذه المناسبة أقدم أحر التهاني للفنانين المسرحيين بالمغرب، والذين أعتبرهم أناس مكافحين ومجاهدين، نظرا لأن المسرح المغربي يعاني ويحتضر منذ سنين خلت ومع ذلك نجدهم مستمرين في مسارهم الفني، لا حبا في المال أو الشهرة ولكن حبا في الفن، في العطاء، في تقديم منتوج ثقافي، في تبليغ رسالة وقيم للجمهور، أرفع القبعة احتراما للعاملين في المجال المسرحي رغم التهميش وقلة الموارد المالية، فهم يعطون الكثير والكثير في سبيل القليل، ولكن مع ذلك نراهم والبسمة بادية على وجوههم، وهذا إنما يعبر عن حبهم للمسرح ولولا هذا الحب لما استمر في ظل غياب ثقافة مسرحية وفي ظل غياب قاعات مسرحية رغم وجود بعض منها إلا أنها لا تتوفر على إضاءة في انتظار أن ينعم عليها الله بالضوء، وهو ما يحرم الجمهور من حضور مسرحيات كثيرة ويحرم الفنانين من القيام بجولات متعددة.
**
الممثل والمخرج ادريس الروخ
العودة إلى مسرح القرب للتواصل مع جميع طبقات المجتمع
في هذه المناسبة أحث الجمهور المغربي على الرجوع إلى مشاهدة العروض المسرحية وتبادل الإبداع بينه وبين الفنانين، على الشاكلة التي كانت عليه في سنوات السبعينات وما فوق.
فمؤخرا أصبحنا نرى انتفاضة قوية للمسرح بالمغرب، من خلال عودة العديد من الفرق المسرحية للاشتغال وهذا راجع بالخصوص إلى العديد من الأسباب نجد على رأسها حالة العطالة التي تشهدها الدراما التلفزيونية وشركات الإنتاج والممثلين والتقنيين، وبالتالي كان المسرح حلا من الحلول وهو ما أثر إيجابا على أبي الفنون، وارتقى بمكانة العمل المسرحي على مستوى التشخيص والإخراج وعلى مستوى الحضور الجماهيري.
ما يخص المسرح المغربي الآن هو الاعتماد على طريقة ذكية للاشتغال على الملفات الساخنة، خصوصا فيما يتعلق بالبنية التحتية والأرضية التي يمكن أن تعطينا مسرحا مغربيا راقيا إلى بعد الحدود، ومنها الرجوع إلى مسرح القرب لأنه هو الذي سيقربنا من الجمهور وسنتمكن من خلاله التواصل مع جميع طبقات المجتمع، كما يجب التفكير والاهتمام بالفرق الجهوية والإقليمية والفرق الوطنية.. كما ينبغي التفكير في بناء جمهور من خلال الاهتمام بإدراج ثقافة المسرح بالمدارس والمؤسسات التعليمية ودور الشباب والمراكز الثقافية، التفكير بصيغة جديدة لدعم الفرق المسرحية بإمكانيات مادية ولوجستيكية ذات أبعاد مستقبلية لا تنحصر في سنة أو سنتين من الإبداع بل مشروع في دفتر تحملات على الأمد البعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.