خرج المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمته جمعية "ماتقيش ولدي بالقنيطرة بشراكة مع جمعية اتحاد المحامين الشباب، يوم الجمعة 6 يوليوز الجاري، تحت شعار "الاستغلال الجنسي للقاصرين..لنكسر جدار الصمت"، بعدة توصيات واقتراحات تم تقديمها على مستوى الأسرة والمؤسسات التعليمية، والإعلام والمجتمع المدني والجهاز القضائي، وعلى مستوى المقتضيات القانونية أيضا. الصرامة مع المتهمين وطالب المشاركون في الندوة ذاتها بعدم تمتيع المتهمين في قضايا الاعتداءات الجنسية على القاصرين بظروف التخفيف في أفق تعديل القانون الجنائي بهذا الخصوص، وأيضا بتوفير كل سبل الحماية القانونية والصحية والنفسية والاجتماعية لضحايا الاعتداءات الجنسية من القاصرين، من أجل تسهيل اندماجهم في المجتمع، وتجاوز آثار فعل الاعتداء. وأوصى الحقوقيون بالمنع المطلق لتزويج القاصرات ضحايا الاعتداءات الجنسية للمعتدين، باعتباره شكلا من أشكال التشجيع على الإفلات من العقاب، علاوة على تجريم الإهمال واللامبالاة وكل الأفعال السلبية الصادرة عن الأسرة في عدم التحرك في قضايا الاعتداءات الجنسية على أبنائها، دون نسيان الاعتراف للجمعيات الجادة المعنية بحقوق الطفل بصفة المنفعة العامة، وإعفائها من المصاريف والرسوم القضائية أمام المحاكم لتسهيل عملها وعدم إثقال كاهلها. واقترح المشاركون في اليوم الدراسي تخصيص مادة في المقررات الدراسية تعنى بالتربية الجنسية، والقيام بحملات تحسيسية حول ظاهرة الاعتداءات الجنسية في مختلف المؤسسات التعليمية، فضلا عن التنصيص في دفتر تحملات الإعلام العمومي على تخصيص برامج للتوعية والتحسيس بظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، ومدى تأثيرها على تماسك الأسرة والمجتمع. نقد الذات ونبهت نجية أنوار، رئيسة جمعية ما تقيش ولدي، في بداية اليوم الدراسي بالقنيطرة، إلى ضرورة نزع قناع الصمت ومحاربة "العار والحشومة"، والابتعاد قد الإمكان عن لغة الخشب والتسويف، من خلال سرد أرقام وصفتها بال"مفزعة والمهولة، والتي تنطق بالكثير من المآسي"، تجسدت في "اعتداءات بالجملة على قاصرين وقاصرات كانوا تحت رحمة وبطش جناة عتاة". وتساءلت أنوار في مداخلتها: "هل استطعنا أن نضع أحداثنا في السكة الصحيحة؟، وما المعيقات الحقيقية أمام ما نطمح إليه كجمعية ومجتمع مدني ومواطنين؟"، قبل أن تردف بأنها "أسئلة لا نخجل البتة من طرحها وهي تعكس هواجسنا، وتشكل نقدا صريحا لذواتنا، لكنها بالنسبة لنا على الأقل ليست عائقا أمام استمرارنا في الصراخ والمرافعة والاحتجاج ضد المعتدين، وضد من يحميهم، وضد تخفيف عقوباتهم..". وشهد اليوم الدراسي ذاته تقديم قراءة تحليلية للإحصائيات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية على القاصرين بجهة الغرب اشراردة بني حسن عن سنوات 2009-2010- 2011، والتي كشفت عن تطور لافت في ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال خلال السنوات الأخيرة، سواء من حيث الكم المتصاعد في عدد الضحايا، أو من حيث طبيعة وأشكال الاعتداءات الجنسية والفئات المستهدفة. لا لتزويج القاصرات للمعتدين وخلصت القراءة التحليلية لجهة الغرب إلى أنه في سنة 2009 شكلت الملفات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية على القاصرين 21.88 في المائة من مجموع الملفات المدرجة أمام غرفة الجنايات، أما في سنة 2010 فإن نسبة الملفات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية على القاصرين بلغت 20,86% من مجموع الملفات، من ضمنها نسبة 71.28 في المائة تم الحكم عليها بالحبس أو السجن النافذ. وفي عام 2011 وصلت نسبة الملفات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية على القاصرين إلى 21,17% من مجموع الملفات. وبقراءة هذه الأرقام وغيرها، استنتج المحللون بأن حجم الظاهرة ككل في استفحال مستمر، بالنظر لعدد الملفات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية على القاصرين، إذ نلاحظ أن العدد انتقل من 101 قضية سنة 2010 إلى 130 قضية سنة 2011، أي بزيادة تقدر بحوالي 30 في المائة، وهو تصاعد مخيف. وتوضح الإحصاءات المقدمة في اليوم الدراسي أن عدد الملفات المحكومة بالبراءة لا يتعدى 5,17 في المائة عن سنة 2009، و2,30 في المائة عن سنة 2011 من مجموع هذه القضايا؛ وهو يؤكد بأن قضايا من هذا النوع يغيب فيها بشكل كبير مجال الشكايات الكيدية والمفبركة. ومن الملاحظات المُسجلة الأخرى وجود حالات كثيرة لتزويج القاصرات للمعتدين عليهن أو مغتصبيهن، تتراوح ما بين 21,55 في المائة سنة 2009 و 13,84 في المائة سنة 2011، لكن النقطة الإيجابية في هذا النوع من الحالات أنها تراجعت في السنة الأخيرة. وأشار المشاركون إلى ما سموه "غياب أية ردود فعل أو مبادرات من طرف مؤسسات الدولة، إن على المستوى القانوني أو غيره لحماية الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية، وتوفير سبل الدعم النفسي والاجتماعي لهم من أجل تجاوز آثار هذه الاعتداءات".