تصدر الاغتصاب أشكال الاعتداء الجنسي على الأطفال بالمغرب، بما مجموعه 147 حالة اغتصاب بنسبة 48 في المائة، من مجموع 306 حالة اعتداء تضمنها التقرير السنوي ل جمعية ما تقيش ولدي، وسجل التقرير 59 حالة اغتصاب كانت مصحوبة بالعنف بنسبة 82,19 في المائة، أما التحرش الجنسي فبلغ 96 حالة بنسبة 31.37 في المائة، وسجلت أربع حالات حمل ناتج عن اغتصاب بالنسبة للفتيات، بنسبة 1.31 في المائة. وكشف التقرير عن ارتفاع الاعتداءات الجنسية على أطفال المغرب خلال سنة 2008، بنسبة 5.36 في المائة (306 حالة، 166 حالة منها تبنتها الجمعية، واشتغلت عليها على امتداد السنة، و140 حالة اعتداء استقتها مما نشرته وسائل الإعلام في إطار تتبعها للظاهرة، موزعة على 56 منطقة من مناطق المغرب)، مقارنة مع سنتي 2006 (20 حالة)، و2007 (50 حالة)، وهو رقم سجل التقرير بأنه يتجاوز 6 مرات ما جاء به تقرير الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال، إلى حدود منتصف سنة .2007 وبحسب أرقام المرصد الوطني لحقوق الطفل برسم سنة 2009، فإنه من أصل 493 شكاية التي تم تلقيها، فإن 94 منها تهم الاستغلال الجنسي للأطفال، وهي شكايات تم الإبلاغ عنها من قبل الآباء ( 73 في المائة)، والأقارب ( 10 في المائة)، ومنظمات المجتمع المدني والإدارات (7 في المائة). أرقام مخيفة، وما خفي كان أعظم، فهذا التقرير نسبي، أما المسكوت عنه في هذه الظاهرة فأكثر حدة، ويحتاج لتكاثف الجهود ومساعدة الجهات الرسمية للجمعيات التي تعمل في هذا المجال للحد منه. وبسبب الارتفاع المتزايد لاغتصاب الطفولة، أجرينا الحوار التالي مع الأستاذة نجاة أنوار، رئيسة جمعية متقيش ولدي، التي أكدت على الدور المهم في تطويق جريمة الاعتداء الجنسي على الطفل، وشددت على أن الاعتداءات ليست مرتبطة بوضع ثقافي معين أو فئة اجتماعية معينة. * نلاحظ غيابا للإحصائيات الرسمية المتعلقة بهذا الموضوع، ألا يعني هذا أن الوزارة الوصية لا تكثرت لهذه المشكلة، والتي تعرف ارتفاعا في الآونة الأخيرة؟ ** هذا السؤال في الأصل يجب أن يوجه إلى الوزارة الوصية كي نبتعد عن التغليط وحتى لا ندعي المعرفة. هل بالإمكان حصر الوسائل التي ينبغي على الأهل اتباعها لتوعية الأبناء ليكونوا بمنأى عن مخاطر التحرش، أو الاغتصاب الجنسي للأطفال؟ نعم للأسرة دور مهم في تطويق جريمة الاعتداء الجنسي على الطفل، من خلال استيعاب خطاب الجمعية والانطلاق من منطلقها في التحسيس بخطورة الظاهرة ومحاولة إيجاد أساليب الحوار مع أطفالها، وذلك وقاية مما قد لا تحمد عقباه. إذن البدء هو فهم الظاهرة، تدبير أسلوب للحوار المباشر مع الاطفال، الوضوح في الحديث عن مشكل الاعتداء الجنسي، عدم الإهمال و تربية متوازنة ومتفتحة، التواصل المستمر مع الطفل، مراقبة علاقاته، زيارة المؤسسة التعليمية التي يدرس بها والتعرف على الأساتذة، وإدارة المؤسسة، زيارة النوادي الرياضية أو الترفيهية التي يقضي بها وقت فراغه، محاولة ملء أوقات فراغه، تربيتة تربية صريحة تعلمه كل شيء و تشرح له كل شيء، الانتباه لمحيطه العائلي، تتبع كل أخباره، الإنصات الدائم لحاجاته، وتربيته على الصراحة. يجب تربية الأطفال على الحميمية؛ أي علينا أن نفسر لأطفالنا أن هذه الأعضاء ملك لهم ولا يحق لأحد الإقتراب منها أو لمسها. * من خلال عملكم في هذا المجال، ما هي الطرق التي يتبعها المتحرش للتقرب من الطفل؟ ** عندما اشتغلت الجمعية على الظاهرة، افترضنا أن هاته الاعتداءات ممكن أن تصدر عن أي شخص وفي أي موقع، بمعنى أن الاعتداءات ليست مرتبطة بوضع ثقافي معين أو فئة اجتماعية معينة، فكما يمكن أن تصدر عن صاحب مقاولة مثلا، تصدر عن المهمش وغيره، وكما يمكن أن نجدها في المدرسة يمكن كذلك أن نعاينها في ورشات العمل...إلخ، وبالتالي فإن هذا المعتدي في الغالب هو شخص مقرب من الطفل وهو محل ثقة بالنسبة له ما يدفع المعتدي لاستغلال هذه الثقة والعبث بالطفل جنسيا. أما الأشخاص الغرباء عن الطفل، فهم يلجؤون لإغراء الطفل بأشياء يحبها وفي حالة تعنته ورفضه؛ يقومون بتهديده بشتى الوسائل لكي يرضخ لنزواتهم الشاذة، ونجد أيضا من يستعمل الشبكة العنكبوتية للإطاحة بالطفل في فخ الاستغلال الجنسي، ويمكن الختم بأولائك الذين يستغلون الظروف الاجتماعية القاسية لبعض الأطفال لاستغلالهم جنسيا دون أدنى مجهود. * ما هي مؤاخذاتكم عن تعاطي القضاء مع هذه الملفات، من حيث تكييف الجريمة، الإثبات...وأخيرا العقوبة؟ ** نحن غير مقتنعين ولا يمكن أن نكون كذلك، إزاء مستويات الزجر والعقوبات التي تطبق في هذا النوع من القضايا، لسبب بسيط مؤداه؛ غياب اللغة المشتركة بين قضاة تفريد العقاب وحضور السلطة التقديرية للقاضي في الأحكام، وهنا تدخل عوامل شتى لتبعدنا عن الحكم العادل الزاجر والرادع لهذا النوع من السلوكات. لقد حصل هناك تقدم لا ننكره، بفعل الضغط الممارس من قبل الفاعلين جميعهم؛ جمعيات وصحافة ورأي عام. هذا التقدم يمكن رصده كالتالي: - المحاولات الحثيثة لإيجاد موطئ قدم للقانون الدولي الإنساني وتكييفه مع الواقع والقانون المغربي. - تبني جميع الاستراتجيات الاجتماعية الكفيلة بإيجاد بيئة ل الكرامة، التي نبحث عنها جميعا، ونقصد كرامة الطفل وحقه في العيش في مجتمع لا يلفظه ويحميه. * ما هي الصعوبات التي تعترض عملكم الميداني في هذا المجال؟ ** حجم المشاكل يقدر بحجم اشتغال الجمعية وحجم طموحاتها، وكي ندقق أكثر نقول بأنها تختصر في قلة الأطر المدربة العاملة بالجمعية، ما يطرح صعوبات في التعاطي مع بعض القضايا والملفات المعروضة على الجمعية في بعض الأحيان، ويمنع عليها التدخل السريع. وكذلك يمكن اختصاره، في الإمكانات والعوز المادي، وهي المشاكل التي تمنع الجمعية من تحقيق مجموعة من الأهداف المسطرة. حجم المشاكل كذلك يمكن رده إلى كثرة الملفات وتنوعها ومسحها لجغرافية الوطن في بعض الحالات، وهنا يكمن المشكل في طبيعة اشتغال المنسقيات المحلية للجمعية، وبعضها في بدايته الأولى بمعنى ضرورة الرجوع إلى المركز للتداول بشأن هده القضايا، وهنا إشكالية البث السريع كما قلنا سالفا .. إلى آخره من المشاكل. **************************************** البيضاء تتصدر الاعتداءات الجنسية في صفوف الأطفال احتلت مدينة الدارالبيضاء، وفق ما جاء في تقرير أعدته جمعية ما تقيش ولدي، صدارة الاعتداءات الجنسية على الأطفال ب35 حالة وبنسبة 71.23 في المائة من مجموع الحالات، ثم مراكش ب 92 حالة وبنسبة 9.74 في المائة، فأكادير ب 42 حالة بنسبة 7.48 في المائة، والقنيطرة ب 22 حالة 7.91 في المائة، وفاس ب02 حالة بنسبة 6.35 في المائة، وبتارودانت 81 حالة بنسبة 5.88 في المائة، ثم سلا ب11 حالة بنسبة 3.95 في المائة. وذكر التقرير أن 771 حالة اعتداء بما نسبته 75.8 من مجموع حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال التي عرفها المغرب خلال سنة 2008، سجلت بهذه المدن الكبرى، في حين توزعت بقية حالات الاعتداء (921 حالة) على 94 منطقة. واعتبر أول تقرير لجمعية ما تقيش ولدي منذ تأسيسها سنة 2004، أن المدن السبعة المذكورة شكلت نقطا سوداء وبؤرا لكل أشكال الاعتداء الجنسي، وذلك بسبب السياحة الجنسية وتشغيل الأطفال، والتزايد الكمي للأطفال المتخلى عنهم وأطفال الشوارع، وتشغيل الفتيات القاصرات خادمات بالبيوت. فيما تصدرت الاعتداءات الجنسية على الإناث من الأطفال، الانتهاكات التي عرفتها الطفولة خلال السنة الماضية، بما مجموعه 861 حالة اعتداء، وبنسبة 45.09 في المائة من مجموع الحالات المرصودة في التقرير، وسجلت 831 حالة بالنسبة للذكور من الأطفال، وبنسبة 54.01 في المائة. **************************************** الرضع وأطفال الثماني سنوات..أكثر الأطفال عرضة للاعتداءات الجنسية حدد تقرير متقيش ولدي أن الفئة العمرية المتراوحة بين صفر و8 سنوات هي الأكثر تعرضا للاعتداءات الجنسية، ب961 حالة بنسبة 55.32 في المائة، وأرجع ذلك عامل السن الذي لا يؤهل هذه الفئة لإدراك الممارسات المشينة للاعتداء، وقابليتها للإغراءات والخضوع للضغوط والإكراه. واعتبرت نجاة أنوار، رئيسة الجمعية، أن هذا الرقم الذي يخص هذه الفئة يدق ناقوس الخطر، وينبئ بأن الطفولة المغربية في خطر، مؤكدة على أن الأرقام التي اشتغلت عليها الجمعية مبنية على عمل ميداني، والتقرير يتوجه نحو تعرية هذه الظاهرة الخطيرة. وتأتي في المرتبة الثانية، الفئة العمرية من 8 سنوات إلى 51 سنة، ب401 حالة اعتداء بنسبة 33.99 في المائة، أما الفئة العمرية من 51 سنة إلى 81 سنة، فهي الفئة الأقل اعتداء ب33 حالة فقط وبنسبة 01.87 من مجموع الحالات. واعتبرت الجمعية، من خلال تقريرها الذي وقفت فيه عند ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال بالمغرب، بناء على دراسة تحليلية، أنجزت على قاعدة مجموعة من الحالات التي رصدتها وتتبعتها في عملها الميداني، أن الإحصاءت المتوفرة تدل على أن الظاهرة في تصاعد متنام وخطير، وإلى أنها أصبحت تكتسي طابعا بنيويا وهيكليا، لارتباطها بجزء من السياحة، ومن جهة أخرى، بالطابع المنظم لارتباطها بشبكات ومنظمات إجرامية تجعل من الأطفال تجارة تتجاوز حدود المغرب، ولها امتدادات على الصعيد الدولي.