كشف تقرير لـ جمعية ما تقيش ولدي أن الاعتداءات الجنسية على أطفال المغرب ارتفعت خلال سنة 2008 بنسبة 536 في المائة (306 حالة، 166 حالة منها تبنتها الجمعية، واشتغلت عليها على امتداد السنة، و140 حالة اعتداء استقتها مما نشرته وسائل الإعلام في إطار تتبعها للظاهرة، موزعة على 56 منطقة من مناطق المغرب)، مقارنة مع سنتي 2006 (20حالة)، و2007 (50 حالة)، وهو رقم سجل التقرير بأنه يتجاوز 6 مرات ما جاء به تقرير الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال إلى حدود منتصف سنة 2007. وتصدر الاغتصاب أشكال الاعتداء الجنسي على الأطفال، بما مجموعه 147 حالة اغتصاب بنسبة 48 في المائة، من مجموع 306 حالة اعتداء تضمنها التقرير السنوي لـ جمعية ما تقيش ولدي الذي تم تقديمه صباح الثلاثاء 19 ماي 2009 بالرباط، وسجل التقرير أن 59 حالة اغتصاب كانت مصحوبة بالعنف بنسبة 19,82 في المائة، أما التحرش الجنسي فبلغ 96 حالة بنسبة 31,37 في المائة، وسجلت أربع حالات حمل ناتج عن اغتصاب بالنسبة للفتيات بنسبة 1,31 في المائة. وكان تقرير أنجزه الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال خلص إلى استنتاجات صادمة، بحيث أشار إلى أن الظاهرة عرفت خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2007 ارتفاعا بنسبة 50 في المائة، مقارنة مع سنة 2006, وأن ضحايا هذه الظاهرة ارتفع من 20 حالة سنة 2006 إلى حوالي 30 حالة. هذا، واحتلت مدينة الدارالبيضاء بحسب تقرير جمعية ما تقيش ولدي صدارة الاعتداءات الجنسية على الأطفال بـ 53 حالة وبنسبة 17,32 في المائة من مجموع الحالات، ثم مراكش بـ 29 حالة وبنسبة 9,47 في المائة، فأكادير بـ 42 حالة بنسبة 7,84 في المائة، والقنيطرة بـ 22 حالة 7,19 في المائة، وفاس بـ 20 حالة بنسبة 6,53 في المائة، وبتارودانت 18 حالة بنسبة 5,88 في المائة، ثم سلا بـ 11 حالة بنسبة 3,59 في المائة. وذكر التقرير أن 177 حالة اعتداء بما نسبته 57,8 من مجموع حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال التي عرفها المغرب خلال سنة 2008, سجلت بهذه المدن الكبرى، في حين توزعت بقية حالات الاعتداء (129 حالة) على 49 منطقة. واعتبر أول تقرير لـ جمعية ما تقيش ولدي منذ تأسيسها سنة 2004, أن المدن السبعة المذكورة شكلت نقطا سوداء وبؤرا لكل أشكال الاعتداء الجنسي، وذلك بسبب السياحة الجنسية وتشغيل الأطفال، والتزايد الكمي للأطفال المتخلى عنهم وأطفال الشوارع، وتشغيل الفتيات القاصرات خادمات بالبيوت. فيما تصدرت الاعتداءات الجنسية على الإناث من الأطفال، الانتهاكات التي عرفتها الطفولة خلال السنة الماضية، بما مجموعه 168 حالة اعتداء، وبنسبة 54,90 في المائة من مجموع الحالات المرصودة في التقرير، وسجلت 138 حالة بالنسبة للذكور من الأطفال، وبنسبة 45,10 في المائة. وحدد التقرير، أن الفئة العمرية المتراوحة بين صفر و8 سنوات هي الأكثر تعرضا للاعتداءات الجنسية، بـ 169 حالة بنسبة 55,23 في المائة، وأرجع ذلك عامل السن الذي لا يؤهل هذه الفئة لإدراك الممارسات المشينة للاعتداء، وقابليتها للإغراءات والخضوع للضغوط والإكراه. واعتبرت نجاة أنوار رئيسة جمعية ما تقيش ولدي بالمناسبة أن هذا الرقم الذي يخص هذه الفئة يدق ناقوس الخطر، وينبئ أن الطفولة المغربية في خطر، مؤكدة على أن الأرقام التي اشتغلت عليها الجمعية مبنية على عمل ميداني، والتقرير يتوجه نحو تعرية هذه الظاهرة الخطيرة. وتأتي في المرتبة الثانية الفئة العمرية من 8 سنوات إلى 15 سنة، بـ 104 حالة اعتداء بنسبة 33,99 في المائة، أما الفئة العمرية من 15 سنة إلى 18 سنة، فهي الفئة الأقل اعتداء بـ 33 حالة فقط وبنسبة 10,78 من مجموع الحالات. واعتبرت الجمعية من خلال تقريرها الذي وقفت فيه عند ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال بالمغرب بناء على دراسة تحليلية، أنجزت على قاعدة مجموعة من الحالات التي رصدتها وتتبعتها في عملها الميداني، أن الإحصائيات المتوفرة تدل على أن الظاهرة في تصاعد متنام وخطير، وإلى أنها أصبحت تكتسي طابعا بنيويا وهيكليا، لارتباطها بجزء من السياحة، ومن جهة أخرى بالطابع المنظم لارتباطها بشبكات ومنظمات إجرامية تجعل من الأطفال تجارة تتجاوز حدود المغرب، ولها امتدادات على الصعيد الدولي. وفي الإطار ذاته أشار التقرير إلى أن ضعف العقوبات الصادرة في حق المعتدين والمتحرشين جنسيا، والتسهيلات المفضية إلى الإفراج عن المعتدين ذووا الجنسيات الأجنبية، وغض الطرف عن تلك التصرفات من الجهات المسؤولة لجلب العملة الصعبة زاد من تفاقم الاعتداءات الجنسية على الأطفال بالمغرب، ومن تنامي أحد عوامل هذه الظاهرة وهي السياحة الجنسية، بحيث أصبح المغرب وجهة مفضلة للشواذ الجنسيين. ومن جهة أخرى، سجل المصدر ذاته أن الأحكام الصادرة اتجاه الجناة المعتدين على الأطفال والمحاكمات التي تابعها محاموا الجمعية تراوحت بين أربعة أشهر سجنا نافذا وست سنوات سجنا نافذا، في حين تراوحت الغرامات بيت تسعة آلاف درهم، وستون ألف درهم، وهي عقوبات بحسب الجمعية لا تتماشى وحجم ضرر الأطفال المعتدى عليهم. وسجل التقرير من خلال الملفات (166 حالة)، التي تتوفر عليها جمعية ماتقيش ولدي، التي اشتغلت عليها والمستوفية للمعلومات الكافية ، أن حالات الاعتداء من قبل الآباء وصلت 6 حالات، والعم حالة واحدة، والأخ حالتين، و16 حالة من قبل المحيط العائلي (ابن العم ابن الخالة...) في حين سجلت تسع حالات بالنسبة للمدرسين، وتوزعت بقية الحالات بين مشغل، ومدرب، وممرض، ورئيس جمعية، وفقيه بمسجد، ثم الغرباء. وخلص التقرير، إلى أنه في غياب إحصائيات رسمية مضبوطة من الجهات الرسمية المعنية (وزارة العدل، وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، الشرطة، الدرك..)، فإن الوصول إلى حجم جرائم الاعتداءات الجنسية على الأطفال يبقى مجهولا، الشيء الذي يجعل إحصائيات التقرير نسبية ومحدودة لا تكشف عن حجم الظاهرة وانتشارها. هذا، ويؤكد العديد من المتتبعين أن الأرقام المقدمة لا تعكس سوى 10 في المائة مما هو جار في الواقع، فيما تؤكد الكثير من الدراسات أن 90 في المائة من حالات الاعتداء الجنسي تقريبا مسكوت عنها، وهو الشيء الذي جعل ظاهرة اغتصاب الأطفال يتزايد سنة بعد سنة.لكن الأرقام التي يتم الكشف عنها في تقارير وإحصائيات الجمعيات العاملة في ميدان حماية الطفولة تكشف عن هول الجريمة التي تقترف في حق القاصرين، وتؤكد بالملموس أن الأطفال في المغرب تحولوا إلى ضحايا المهووسين جنسيا، و المنتهكين لبراءة الطفولة والمستغلين لأجسادها أبشع أنواع الاستغلال. وتسجل هذه الجمعيات في مقاربتها للظاهرة، على ضعف آليات ووسائل التدخل لمساعدة وحماية ضحايا الاعتداءات الجنسية على المستوى الصحي والقانوني، وكذا على غياب التوعية والثقافية الجنسية داخل المجتمع، فيما تدعو إلى ضرورة المبادرة بإدخال تعديلات في القوانين حتى تكون أكثر زجرية.