وضعت الحكومة الفرنسية اللمسات الأخيرة على مشروع قانون ضد "التطرف الديني" أعلن عنه الرئيس إيمانويل ماكرون عقب اغتيال الأستاذ صامويل باتي. ويشمل المشروع تشديد الرقابة على تمويل الجمعيات ومعاقبة المحرضين على الكراهية عبر الإنترنت. ولا توجد في النص العبارات التي استعملها ماكرون خلال خطابه في 2 أكتوبر، حين دعا إلى "محاربة الانعزالية الإسلامية"، ويحمل بدل ذلك اسم "مشروع قانون تعزيز قيم الجمهورية". ويجرّم مشروع القانون، الذي اطلعت عليه وكالة "فرانس برس"، كل من يشارك معلومات حول شخص تتسبب في كشف هويته أو مكانه لأشخاص يريدون إيذاءه. وأطلقت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون حملة ضد التطرف الديني إثر الاغتيال المروع لباتي، الذي كان هدفا لحملة تشهير على الإنترنت عقب عرضه على تلامذته رسوما كاريكاتورية للنبي محمد خلال حصة حول حرية التعبير. وخلّف اغتيال باتي صدمة في فرنسا، التي استهدفها متطرفون إسلاميون، أغلبهم مواطنون فرنسيون، بشكل متكرر منذ 2015. ونشر والد تلميذة اسم باتي على الإنترنت، ووصفه بأنه "مجرم" في فيديو دعا فيه إلى تسريحه من وظيفته بسبب الرسوم. كما تبادل هذا الأب أيضا رسائل مع قاتل باتي، اللاجئ الشيشاني، البالغ من العمر 18 عاما، الذي تنقل مسافة تزيد عن 80 كلم من منزله بنورماندي للاعتداء على الأستاذ بضاحية كونفلان سانت أونورين بباريس، وقد أعطى هناك مالا لبعض التلاميذ ليدلوه على باتي. وقبل بضعة أسابيع من مقتل الأستاذ، وضع ماكرون خطة لمواجهة ما أطلق عليه "الانعزالية الإسلامية" في الأحياء الفرنسية الفقيرة التي تهدف إلى إنشاء "مجتمع مضاد" تسوده الشريعة. وقدم الرئيس الفرنسي أمثلة عن تنامي النزعة الطائفية، منها مثال أطفال من عائلات مسلمة شديدة المحافظة أُخرجوا من المدرسة، وجمعيات رياضية وثقافية تستعمل لتلقين الشباب أفكارا متطرفة. "ارفعوا أيديكم عن أستاذي" ويورد النص أنه "في مواجهة الإسلام المتطرف، وفي مواجهة كل (النزعات) الانعزالية، علينا الإقرار بأن ترسانتنا القانونية عاجزة جزئيا". وينص مشروع القانون، الذي وضعه وزير الداخلية جيرالد دارمانان ووزير العدل إيريك ديبون- موريتي، على منح كل طفل رقم تعريف لضمان ذهابه إلى المدرسة. وقال دارمانان لصحيفة "لوفيغارو"، الأربعاء، إنه "يجب أن ننقذ أطفالنا من قبضة الإسلاميين". كما يهدف مشروع القانون أيضا إلى مكافحة الكراهية على الإنترنت المشابهة لتلك التي تعرض لها باتي، وضمان "المثول الفوري" للمتهمين أمام القضاء، وفق ما صرح به ديبون- موريتي لإذاعة "إر تي إل" الأربعاء. ويضع مشروع القانون عقوبات محددة على من يتعرض لموظفي الدولة أو مسؤولين منتخبين على أساس ديني (تهديد أو عنف أو تحرش). وقال وزير العدل للإذاعة إن "هذا القانون (يقول): ارفعوا أيديكم عن أستاذي، ارفعوا أيديكم عن الجمهورية". وجاء في المشروع أنه يجب على كل جمعية تتلقى دعما ماليا أن "تحترم مبادئ وقيم الجمهورية". كما سيتم اعتبار التبرعات الأجنبية، التي تتجاوز 10 آلاف يورو، موارد يجب التصريح بها لجهاز الضرائب. ويحرص النص على "ضمان شفافية ظروف ممارسة الديانة" عبر تغيير قانون 1905 حول الفصل بين الكنيسة والدولة في شق تمويل الجمعيات الثقافية من ناحية تعزيز الشفافية. ويوجد فصل "ضد الانقلاب"، ويهدف إلى تجنب سيطرة متشددين على المساجد، ومنع أشخاص من ارتياد أماكن العبادة "في حال الإدانة بالتحريض على أفعال إرهابية أو التحريض على التمييز أو الكراهية أو العنف". وشرح دارمانان لصحيفة "لوفيغارو" أنه "سنعرف من يمول من على أراضينا، وسنعطي إمكانيات كبرى لوكالة "تراكفين" (الحكومية لتعقب الأموال) لصد كل التدفقات غير المرغوب فيها". وتوجد في الشقّ التعليمي إشارة إلى مكافحة مدارس الجمعيات غير القانونية، وإنهاء التعليم في المنزل لجميع الأطفال ابتداء من سن الثالثة "إلا لدواعٍ محدودة جدا تتعلق بوضع الطفل أو عائلته". وتوجد فصول أخرى حول منع شهادات العذرية وتعزيز الترسانة القانونية ضد تعدد الزوجات والزواج بالإكراه. *أ. ف. ب