خالقة مزيدا من التقاطبات التدبيرية، تواصل سياقات جائحة كوفيد19 حشد النقاشات بشأن ميزانية جماعة الرباط، فقد استعرضت أطراف المعارضة والأغلبية، مساء اليوم السبت، أوجها مختلفة من أفهام التسيير المالي لعاصمة المملكة. وفي ندوة نظمها منتدى الحداثة والديمقراطية، اجتمعت أطراف المعارضة والأغلبية، وعلى رأسها عبد الصمد أبو زهير، رئيس لجنة الميزانية والشؤون المالية بجماعة الرباط، الذي قال في هذا الصدد: "أولى عوائق الجماعة هي كثرة الأحكام المالية". واشتكى أبو زهير من تراكم 120 مليون درهم كأحكام قضائية في ذمة الجماعة منذ ولاية المجلس الماضي، مشيرا إلى أن هذا الأمر غير مطروح في كثير من الجماعات الأخرى، أو على الأقل ليس بنفس الحدة والكثرة. وبالنسبة لأبو زهير فالعديد من الضوابط تؤطر عمل المدبر للشأن الجماعي، أولها المرجعيات القانونية والتنظيمية، ثم الاتفاقيات الدولية، مثمنا الاتفاقية الإطار للبرنامج المندمج للرؤية الحضرية، الذي مكن الرباط من تحقيق مكتسبات عديدة. وأضاف عضو الجماعة المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية أن جماعة الرباط أصبحت تولي اهتماما للمساحات الخضراء أيضا، وتمكنت من رفع الميزانية إلى 45 مليون درهم، بعدما لم تكن تتجاوز 4 ملايين، وخصصت 12 مليون درهم للإنارة العمومية. وأشار المتحدث ضمن الندوة ذاتها إلى أن الجماعة تهتم كذلك بمركز تيط مليل لرعاية المشردين، وتخصص له 11 مليار سنتيم، كما استطاعت تمكين كافة الموظفين من ترقياتهم، وذلك بعد توقف دام ثلاث سنوات كاملة. من جهته، سجل أديب بنبراهيم، وهو مستشار بجماعة الرباط عن حزب الأصالة والمعاصرة، أن تنظيم العدالة والتنمية ساهم بدوره في تراكم الديون على الجماعة، فقد كان هو الآخر ضمن المجلس، منتقدا عدم إدراج سياقات كوفيد ضمن ميزانية السنة المقبلة. وأضاف بنبراهيم، ضمن الندوة ذاتها، أن الميزانية لا تدعم المستشفيات العمومية بالشكل اللازم، رغم أن الجائحة تفرض بالضرورة إيلاء الاهتمام الكبير بهذا الجانب، متأسفا لاهتمام المجلس ب"أمور تكميلية قد توحي بتجاوزنا أزمة كوفيد". وطالب المستشار عن حزب الأصالة والمعاصرة بضرورة اقتناء المستلزمات الطبية والصحية، فمؤشرات الوضع الحالي مقلقة، ولا يمكن أن يستمر الوضع وكأنه طبيعي، خصوصا بتوفير الدعم للجمعيات مثلا، أو التغذية، في حين أن كثيرا من الأمور لها الأولوية. محمد كريم، رئيس لشعبة الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط، أورد أن العديد من الاختلالات تشوب تدبير الجماعات في المغرب كاملا، مسجلا أن الأمر مرتبط كذلك بالترسانة القانونية المؤطرة، واعتبر أن المملكة تحتل المرتبة الرابعة في نضج هذه القوانين على مستوى إفريقيا. وأضاف كريم أن من بين أكثر المشاكل التي تواجه الجماعات الترابية يتواجد تراكم الأداءات وتأجيلها للسنة المقبلة، معتبرا أن هذا الأمر يخلف التعثرات، ويحول الجماعات إلى أدوات تمتلك ميزانيات إستهلاكية ولا تساهم في أية إضافة. وأكمل أستاذ الاقتصاد والخبير لدى البنك الدولي، ضمن الندوة ذاتها، مشددا على أن الملك طرح ضرورة إيجاد نموذج تنموي جديد للبلاد، وبالتالي على الجماعات الترابية أن تساير هذا المعطى، وذكر أن الاستدراك يقتضي القيام بتحركات عديدة في اتجاه المزيد من التجويد.