شُيع، عقب صلاة الظهر لنهار الثلاثاء، جثمان أيقونة العيطة الجبلية شامة الزاز إلى مثواها الأخير بمسقط رأسها بدوار الروف بجماعة سيدي المخفي، التابعة لإقليم تاونات، بعد وفاتها عن عمر يناهز 71 عاما. وفارقت الفنانة شامة الزاز الحياة، مغرب أمس الإثنين، إثر مضاعفات صحية ناجمة عن معاناتها، منذ فترة، من قصور حاد على مستوى صمامات القلب، وذلك فترة قصيرة بعد نقلها إلى المستشفى الإقليمي لتاونات إثر تدهور حالتها الصحية. وتمت مواراة جثمان الفنانة شامة الزاز الثرى وسط تدابير احترازية ضد الجائحة، في حضور جيرانها من ساكنة المنطقة؛ فيما اقتصر حضور الفنانين المغاربة على عدد محدود من فناني العيطة الجبلية، يتقدمهم الفنان عبدو الوزاني. وإثر ترجلها عن منصة الفن والحياة جراء معاناتها الطويلة مع المرض، غمر الحزن الجمهور العريض للفنانة الراحلة في كل مكان، خصوصا بإقليم تاونات، وهي التي تركت خلفها أعمالا فنية غزيرة ستبقى خالدة في وجدان ذاكرة كل محبي فن العيطة الجبلية. وتحدت الفنانة شامة الزاز، التي كانت تعرف في بدايتها الفنية الأولى بالاسم المستعار "نجمة الشمال"، تقاليد المنطقة وظروفها الاجتماعية الصعبة لتعانق فن العيطة الجبلية، فتمكنت، رغم أنها أصبحت في سنة 18 سنة أرملة متكفلة بابنين أحدهما يعاني من الإعاقة، من أن ترسم لنفسها مسيرة حافلة بالعطاء امتدت لأزيد من أربعة عقود. وتتميز شامة الزاز في الوسط الفني بصوتها القوي وبكلمات أغانيها التي تتحدث عن الأرض ومعاناة نساء الجبل والبادية، وهي أغاني أسعدت جمهورها العريض الذي أصبح يطلب حضورها في المهرجانات والحفلات الكبرى، حيث شاركت في ذلك رائد العيطة الجبلية محمد العروسي في كثير من حفلاته الناجحة. عبد الواحد الذهبي، الباحث في فن العيطة الجبلية، الذي عبر عن حزنه العميق لوفاة الفنانة شامة الزاز، قال إنه بفقدان الراحلة يكون المغرب فقد أحد أعمدة الطرب الجبلي والغناء وفن أعيوط خصوصا، مبرزا أن الزاز ساهمت في الحفاظ على هذا الموروث الثقافي. وأشار الذهبي، في تصريح لهسبريس، إلى أن الزاز كانت ذات صوت جبلي قوي وأصيل خال من الشوائب، و"عاشت مراحل في حياتها الفنية من امرأة مغمورة إلى مرحلة النهوض والشهرة، اعتلت خلالها مع فنانين كبار منصات المهرجانات والمناسبات الكبرى". وأكد متحدث الجريدة أنه يصعب إيجاد صوت نسائي يخلف شامة الزاز في أداء العيطة الجبلية، مطالبا وزارة الثقافة والمهتمين بالطرب الجبلي بالتأسيس لفعل فني جاد عبر إحداث نوادي موسيقية بدور الشباب لتأهيل الشباب للحفاظ على هذا التراث. وكانت هسبريس زارت الفنانة شامة الزاز وتناولت معاناتها مع المرض والفقر والإهمال داخل بيتها المتواضع الكائن بدوار الروف، قبل أن تمتد لها يد المساعدة، في آخر أيامها، ليتم نقلها إلى المستشفى قصد العلاج من مرضها الذي لم ينفع معه دواء.