لم تمضِ سوى بضعة أيام على بروز مؤشرات وجودِ رغبة لدى الحكومة في تشجيع السياحة الداخلية، خاصة بعد إلزام سعد الدين العثماني وزراء حكومته بقضاء عطلهم داخل البلاد طيلة ما تبقى من السنة الجارية، حتّى تلقّى قطاع السياحة ضربة قاصمة مساء أمس الأحد، بإعلان منع التنقل من وإلى ثمانية مدن، دفعة واحدة. البلاغ المشترك الصادر عن وزارة الداخلية ووزارة الصحة، مساء أمس حوالي الساعة السابعة مساء، وتقرر بمُوجبه منع التنقل انطلاقا من أو في اتجاه مدن طنجة، تطوان، فاس، مكناس، الدارالبيضاء، برشيد، سطات ومراكش، نزل كالصاعقة على مهنيي القطاع السياحي، إذ تلتْه مباشرة طلباتٌ بإلغاء آلاف الحجوزات من طرف الزبائن. حسب المعطيات التي حصلت عليها هسبريس فإنّ مئات الحجوزات ألغيت خلال أقل من ساعة فقط بعد صدور البلاغ المذكور، وكبّدت أرباب مؤسسات الإيواء السياحي خسائر مالية فادحة، وهم الذين كانوا يمنّون النفس بتعويض جزء من الخسائر التي ألحقتها بهم جائحة كورونا طيلة أربعة شهور الأخيرة، إذ شُل القطاع السياحي وتوقفت أنشطته بشكل كلّي. وأفاد مصدر مسؤول تحدث إلى هسبريس بأن فنادقَ خسرتْ مئات الآلاف من الدراهم قبل مرور نصف ساعة فقط من إعلان قرار منع التنقل من وإلى ثمانية مدن ابتداء من منتصف الليلة السابقة، إذ سارع الزبائن إلى إلغاء حجوزاتهم، ليس فقط في المدن التي يُمنع التنقل إليها أو منها، بل حتى في مدن سياحية أخرى خارج النطاق الجغرافي الذي شمله المنع. ولم تتوقف الخسائر الفادحة التي نزلت فجأة على مهنيي القطاع السياحي عند إلغاء الحجوزات القبْلية، بل إنّ البلاغ المشترك بين وزارة الداخلية ووزارة الصحة دفع بنزلاء المؤسسات الفندقية إلى جمع حقائبهم والمغادرة بسرعة، خاصة الذين يقطنون في المدن التي شملها قرار منع التنقل، حسب المعلومات التي حصلنا عليها. ولا يُعرف كيف ستتعامل المؤسسات الفندقية مع الزبائن الذين سبق لهم أن أدّوا مقابل حجوزاتهم قبل إلغائها ابتداء من مساء أمس، ذلك أن القانون رقم 30.20 المتعلق بسن أحكام خاصة تتعلق بعقود الأسفار والمقامات السياحية وعقود النقل الجوي للمسافرين لا يُلزمهم بذلك، ولكنهم في المقابل مطوَّقون بهاجس الخوف من فقدان الزبائن. "قانونيا، أصحاب الفنادق ليسوا مُلزمين بإرجاع المال إلى الزبون الذي ألغى الحجز، ولكنّهم يرجعون إليه قيمة ما دفع، لأنهم يعتبرون سمعتهم عند الزبون أهم من المال"، يقول مصدر من القطاع السياحي تحدث إلى هسبريس، مضيفا: "إذا رفض صاحب الفندق إرجاع المال إلى الزبون، رغم أن القانون لا يُلزمه بذلك، فإنه سيفقد هذا الزبون بدون شك". ووفق الإفادات التي حصلت عليها هسبريس من مصدر رسمي فإنّ عددا كبيرا من المؤسسات الفندقية الكبرى بالمدن السياحية كان متوقعا أن تشهد انتعاشا مهما خلال الفترة الحالية، إذ سجّلت نسبة ملْء مرتفعة، وعمد أغلبها إلى وقف حجوزات عطلة العيد بعد استنفاد جميع الحجوزات، قبل أن تتقاطر عليها طلبات إلغائها من طرف الزبائن مباشرة بعد صدور بلاغ منع التنقل مساء أمس. وكانت وزارة السياحة ألزمت أرباب مؤسسات الإيواء السياحي باتخاذ جملة من التدابير لحماية زبائنها ومستخدميها من الإصابة بفيروس كورونا، فأنفقوا في إعمال هذه التدابير مبالغَ مهمة كانوا يأملون في استعادتها مع انتعاش القطاع اعتمادا على السياحة الداخلية، لكن قرار منع التنقل من وإلى ثمانية مدن، الصادر مساء أمس، نسف كل تطلعاتهم، وجعل القطاع، وفق تعبير أحد الفاعلين فيه، "تحت وقع الكارثة".