يسود قلق كبير وسط الفاعلين في قطاع السياحة بالمغرب جرّاء استمرار إلغاء الحجوزات والأنشطة التي دأبت الوحدات الفندقية الكبرى على احتضانها، بسبب توسع دائرة انتشار فيروس "كورونا"، المعروف طبيا ب"كوفيد19". وحسب المعطيات التي حصلت عليها هسبريس فإن مصالح وزارتي السياحة والداخلية تتابع الوضع عن كثب، خاصة في الشق المتعلق بإلغاء الحجوزات، والذي بلغَ مستوى لم يتوقّعه أرباب الفنادق. وقال مصدر من مصالح وزارة السياحة، فضّل عدم ذكر اسمه، إنّ قطاع السياحة يعيش وضعا "جدَّ سيء"، جراء انكماش حركة السياح، وإلغاء عشرات الآلاف من الحجوزات، مضيفا: "الوضع أخطر بكثير مما كنا نتوقع". وكلفت وزارتا السياحة والداخلية مصالحهما بالتتبع الأسبوعي لإلغاء الحجوزات، وسَط مخاوف مهنيي السياحة من أن يسوء الوضع أكثر. وقال المصدر الذي تحدث إلى هسبريس: "كنا نتوقع أن تكون نسبة إلغاء الحجوزات قليلة، لكن الأرقام كانت أكبر من توقعاتنا". وحسب المعلومات المتوفرة فإنّ الوحدات الفندقية الكبرى هي الأكثر تضررا من تداعيات فيروس "كورونا"، إذ لم تتضرّر من إلغاء الحجوزات فقط، بل تضررت أيضا من إلغاء التظاهرات والمؤتمرات الكبرى. ومن بين التظاهرات التي أضرَّ إلغاؤها بالفنادق "رالي عائشة"، الذي كان مقررا أن ينطلق يوم 13 مارس، بمشاركة 324 مشاركة، لكنّه ألغي في آخر لحظة، كإجراء احترازي بعد الدورية التي أصدرتها وزارة الداخلية، والتي بموجبها ألغيت التظاهرات التي يشارك فيها أجانب. ويوم أمس أعلنت وزارة السياحة تأجيل كل أنشطة المكتب الوطني المغربي للسياحة، التي كانت مقررة خلال مارس الجاري، في إطار تفعيل إجراءات وزارة الداخلية لمواجهة فيروس كورونا، وفق ما جاء في مراسلة وجهها المكتب إلى شركائه، اطلعت عليها هسبريس. شركات على حافة الإفلاس إلغاء الحجوزات والأنشطة والمؤتمرات لم يؤثّر فقط على الفنادق، بل كانت له انعكاسات "خطرة جدا على جميع العاملين في القطاع السياحي"، حسب تعبير نجيب حنكور، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للنقل السياحي بالمغرب. وقال حنكور في تصريح لهسبريس إنّ عددا من شركات النقل السياحي، خاصة المتوسطة والصغيرة، تسير نحو الإفلاس، إذ وجدت نفسَها عاجزة عن إرجاع الديون التي بذمتها، والمتعلقة أساسا بمعاملاتها مع شركات بيع السيارات. وأوضح المتحدث أنّ شركات النقل السياحي تقتني السيارات بناء على طلبيات وكالات الأسفار التي تتعامل معها في الخارج، وعندما تمّ إلغاء عشرات الآلاف من الحجوزات وجد أرباب شركات النقل السياحي أنفسهم وقد اقتنوا سيارات دون مردودية، متسائلا: "من أين سنأتي بالمال لدفع الديون التي بذمتنا؟". وعقدت النقابة الوطنية للنقل السياحي بالمغرب لقاء مع مسؤولي وزارة السياحة، بحثا عن حل لمشكل القروض التي بذمة شركات النقل السياحي، لكن مسؤولي الوزارة قالوا للمهنيين إن بنك المغرب هو الذي له سلطة على الأبناك. وإلى حد الآن لم تتخذ الحكومة أيّ تدابير لتخفيف تداعيات إلغاء الحجوزات على القطاع السياحي، بينما حذّر نجيب حنكور من استمرار الوضع على ما هو عليه، قائلا: "الحكومة لم تستوعب بعد أن هناك أضرارا كبيرة يتكبدها مهنيو القطاع السياحي إذا لم تسارع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة"، وأضاف: "على الحكومة أن تباشر حوارا مع وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب، من أجل تأجيل أجَل سداد الديون المتراكمة على شركات النقل السياحي، إلى أنْ ينتعش القطاع؛ فهذا أفضل من إفلاس هذه الشركات، التي يصل عددها إلى أربعة آلاف شركة، تشغّل تسعة عشر ألف سائق". مستقبل غامض ويبدو أنّ توسّع دائرة انتشار فيروس "كورونا"، وما يواكبه من تراجع حادّ على مستوى إقبال السياح، ستكون له انعكاسات سلبية أكبر في المستقبل القريب على قطاع السياحة بالمغرب، تشمل الفنادق وشركات النقل والمرشدين السياحيين، وغيرهم. ووفق المعلومات التي حصلت عليها هسبريس فإنّ الوحدات الفندقية تكبّدت خسائر مالية كبيرة بسبب إلغاء الحجوزات المسجّلة، فيما لم تتوصل فنادق بأي طلبات حجز جديدة منذ أسبوعين. وعلّق مصدر من مصالح وزارة السياحة على الوضع قائلا: "الأثر الاقتصادي لإلغاء الحجوزات قاصْح بزاف". وتوقع المصدر ذاته أن يتفاقم الوضع أكثر خلال الأيام المقبلة، خاصة في ظل احتمال انكماش السياحة الداخلية أيضا، التي كان أرباب الفنادق يعوّلون عليها لإنعاش مداخليهم خلال العطلة المدرسية المقبلة المرتقبة خلال الأسبوعين الأوّلين من شهر أبريل المقبل. وبدأت تداعيات إلغاء الحجوزات بسبب فيروس كورونا تنعكس سلبا على الأجراء العاملين في الفنادق، حيث أقدمت وحدات فندقية في مراكش، اليوم الثلاثاء، على تسريح ثلاثين أجيرا، حسب ما أفاد به نجيب حنكور. وفي مراكش أيضا اجتمع أصحاب العربات المجرورة "الكوتشيات" بالوالي يوم أمس، بعد أن تراجع نشاطهم خلال الأيام الأخيرة. ونبّه نجيب حنكور إلى أنّ استمرار الأزمة الزاحفة على قطاع السياحة ستكون له تأثيرات مجتمعية سلبية، قائلا: "إذا استمر الوضع على ما هو عليه فإنّ أرباب الفنادق سيلجؤون إلى تسريح العمال، أو تخفيض أجورهم، أو منحهم عُطلا غير مدفوعة الأجر، وهذا سيضرب قدرتهم الشرائية الضعيفة أصلا".