لقاء بالداخلة يناقش مبادرة الحكم الذاتي    مقتل 65 فلسطينيا في قصف إسرائيلي    ترامب يعين "كارولين ليفيت" متحدثة باسم البيت الأبيض في إدارته الجديدة    بيع هيكل ديناصور عملاق بستة ملايين يورو قرب باريس        مراهقون يعبثون بالأمن الطرقي بواسطة دراجات نارية مستأجرة في شوارع طنجة    وزير الصحة: نصف المغاربة عاشوا ويعيشون اضطرابات نفسية    سقوط قنبلتين مضيئتين في ساحة منزل نتنياهو (فيديو)    جمعية فنون تقدم أحدث إعمالها الفنية و التراثية أغنية " لالة منانة" من أداء المجموعة الموسيقية لأكاديمية ميزينوكس    وزير الداخلية يدعو الولاة والعمال إلى التصدي للنقل "غير القانوني" عبر التطبيقات الرقمية    أكبر الشركات العالمية تواصل إبداء اهتمامها بالطريق السيار الكهربائي الداخلة-الدار البيضاء    الجامعة الملكية للملاكمة تنتخب بالإجماع عبد الجواد بلحاج رئيسا لولاية جديدة    صحيفة بريطانية تستعرض الوقائع التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    بالصور.. ارتفاع كمية المؤثرات العقلية التي تم حجزها بميناء طنجة المتوسط إلى أزيد من 188 ألف قرص مهلوس    المنتخب المغربي يُحقق الفوز الخامس توالياً في تصفيات كأس إفريقيا 2025    فرقة "يوبا للابد المسرحي " تطير عاليا بنجوم ريفية في تقديم عرضها الأول لمسرحية " هروب في ضوء القمر    انعقاد الدورة الثانية للجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن لمنظمة الكشاف المغربي بجهة مراكش-أسفي    حاتم عمور يكشف تفاصيل ألبومه الجديد "غي فنان"    ندوة حول موضوع الفلسفة والحرب: مآزق العيش المشترك    حصة تدريبية خفيفة تزيل عياء "الأسود"    أسباب اندلاع أحداث شغب في القليعة    الرايحي يقنع موكوينا قبل مواجهة الرجاء في "الديربي"    انعقاد الاجتماع الإقليمي للمدن المبدعة لليونيسكو بتطوان من 19 إلى 22 نونبر الجاري    حريق ياتي على العديد من المحلات التجارية في سوق الجوطية بالناظور    تراجع طفيف في ثمن البنزين في محطات الوقود    المغرب يعزز جهوده لإغاثة فالينسيا عبر إرسال دفعة جديدة من الشاحنات ومعدات الشفط    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    منظمات مغربية تدين تحيّز الإعلام الهولندي للاسرائيليين في أحداث أمستردام    عمر حجيرة: لا ترضيات في التعديل الحكومي    تعهدات في مؤتمر وزاري في جدة بمقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030 (فيديو)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    من أصول مغربية.. وزيرة هولندية تهدد بالاستقالة بعد أحداث أمستردام    المحامون يتوصلون إلى توافقات مع وزارة العدل    إنعقاد المؤتمر الدولي بالداخلة حول "المبادرة المغربية للحكم الذاتي:نموذج للحكامة الترابية بإفريقيا الأطلسية".    جائزة المغرب للشباب تحتفي بالتميز    السكوري يكشف تشكيل لجنة حكومية تدرس منح دعم للكسابة في العالم القروي لمواجهة فقدان الشغل    المرتجي: التراث اللامادي بين المغرب وهولندا أفق جديد للتعاون الثقافي        ‪أمن دبي يقبض على محتال برازيلي    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    أنفوغرافيك | أرقام مخيفة.. 69% من المغاربة يفكرون في تغيير وظائفهم    منع جمع وتسويق "المحارة الصغيرة" بالناظور بسبب سموم بحرية    صانع المحتوى "بول جايك" يهزم أسطورة الملاكمة "مايك تايسون" في نزال أسطوري    السوق البريطاني يعزز الموسم السياحي لاكادير في عام 2024        فريق الجيش الملكي يبلغ المربع الذهبي لعصبة الأبطال الإفريقية للسيدات    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    الأمم المتحدة.. تعيين عمر هلال رئيسا مشاركا لمنتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول العلوم والتكنولوجيا والابتكار    مغاربة يتضامنون مع فلسطين ويطالبون ترامب بوقف الغطرسة الإسرائيلية    "باحة الاستراحة".. برنامج كوميدي يجمع بين الضحك والتوعية    "طاقة المغرب" تحقق نتيجة صافية لحصة المجموعة ب 756 مليون درهم متم شتنبر    مقابلة مثالية للنجم ابراهيم دياز …    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة المخترعين الجدد
نشر في هسبريس يوم 28 - 05 - 2020

في الآونة الأخيرة تناسلت ظاهرة المخترعين، وأصبح لا يمر أسبوع دون أن تطل علينا الصحافة أو أي وسيلة إعلامية بخبر عن مخترع لجهاز أو برنامج أو وسيلة ما، وتكاثرت هذه الظاهرة بشكل لافت بالتزامن مع الحجر الصحي وأزمة كورونا العالمية.
جميل جدا أن يكون الحجر الصحي والأزمة العالمية سببين لقدح زناد العقل والتفكير والمساهمة في إيجاد مخارج وحلول لمشاكل متعلقة بالأزمة وتفرعاتها، لأن المثل يقول "الحاجة أم الاختراع"، بل إن الحكومات والمؤسسات بمختلف أنواعها مطالبة بتشجيع المبدعين وكل فئات المجتمع على التفكير والابتكار. وهذا يذكرني بتلك الحملة الإعلامية التي كانت تقوم بها إذاعات فرنسية في سنوات السبعينيات بعد حصار النفط الذي طبقته الدول العربية والإسلامية انتصارا للقضايا العربية، حيث كان شعار الحملة آنذاك "En France nous n'avons pas de pétrole mais nous avons des idées" أي بمعنى "نحن في فرنسا ليس عندنا نفط ولكننا نتوفر على أفكار".
أكرر وأقول إن ظاهرة التفكير في الحلول هي ظاهرة صحية ينبغي تشجيعها وإقامة مسابقة وجوائز وبرامج دعم لها، لكن لا ينبغي المبالغة فيها، فليس كل من هب ودب يمكن أن نسميه مخترعا.
وليس كل من استطاع أن يجمع ثلاث عجلات مع بعض ويربطها بكمبيوتر للتحكم في حركة العجلات يمكن أن نسميه مخترعا ونطلق الوعود بأن هذا اختراع لروبوت سوف يساعد مرضى كورونا، مع العلم أنه بتفتيش بسيط على الإنترنت سوف نرى أن هذا ليس إنجازا بتاتا وإنما عبارة عن تجميع قطع يتم إنجازه من طرف تلاميذ في المستوى الإعدادي.
وليس مخترعا كل من أتى بمضخة متصلة بمجموعة من الأنابيب البلاستكية ويسوقها على أنها جهاز تنفس اصطناعي لمرضى كورونا (وفي بعض الحالات رأينا أن الجهاز المقترح يزن عدة كيلوغرامات).
وفي السياق نفسه طلعت علينا عشرات الأخبار عن أشخاص يدعون أنهم اكتشفوا لقاحا أو طوروا دواء لكورونا آتين بصور من مختبرات بدائية صدئة ليزفوا إلينا البشرى ويقدمون أنفسهم كباحثين، وبمجرد أن تفتش عنهم في مراجع معتمدة مثل google scholar أو Scopus سرعان ما نكتشف أن معظمهم لا محل لهم من الإعراب ولا تاريخ لهم في البحث العلمي، وأن ما يدعوه غير منشور لا في المجلات العلمية المحكمة ولا من طرف الهيئات الدولية المختصة في تسجيل براءات الاختراع، فكيف يدعون هذا السبق؟
إن أي اختراع لا يشكل أي قيمة علمية ما لم يكن منشورا في مجلات علمية محكمة أو مسجلا في الهيئات الدولية لبراءات الاختراع.
ما عدا هذا فهو أشبه بصاحب أصبع الكفتة في مصر الذي ادعى اكتشاف علاج الأيدز وأضحك العالم كله على مصر التي أنجبت علماء مثل أحمد زويل ومجدي يعقوب وأسامة الباز وغيرهم.
ونفس الشيء ينطبق على الحكومات، ويكفي أن نعطي مثلا عن وزير مغربي سابق للتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، حينما زار إحدى مدارس الهندسة وعرض عليه الطلبة مشروع التخرج الذي هو عبارة عن طائرة مسيرة (ومثلها يمكن أن نشتريها مباشرة من الصين بثمن بخس) عندها خرج علينا الوزير بتصريح إعلامي ليزف إلينا البشرى بأنه في أقل من أربع سنوات سوف يتمكن المغرب من إنتاج وتصدير الطائرات المسيرة. ومرت الأربع سنوات الأولى وبعدها الثانية، وذهب الوزير وإلى الآن لم نر طائرة مسيرة، والخلاصة ببساطة هو أنه لو كان عند هذا الوزير مستشارون مختصون لأفهموه حقيقة الأمر.
إن تسويق مثل هاته الأفكار البدائية أو البسيطة على أنها اختراعات ينم إما عن عدم إلمام الصحفي الذي نشر الخبر أو استخفاف بالعقول من أجل زيادة نسبة المشاهدة أو التصفح.
كما أنه مما نعاني منه في صحافتنا العربية والمغربية هو غياب الصحافة العلمية أو الصحفي المختص في القضايا العلمية الذي يمكن أن يتأكد من مصداقية الخبر العلمي.
تشجيع الإنسان المغربي على الابتكار مطلوب ومن مسؤولية الدولة والمجتمع والأفراد بدءا من الأسرة إلى المدرسة، لكن يجب أن يصاحبه ترشيد وتوجيه وعقلانية حتى لا تفقد العملية مصداقيتها وحتى لا نظلم المخترعين والمبدعين الحقيقيين.
*أستاذ البحوث ومدير نظم الأبحاث - جامعة تكساس أي أند إم - فرع قطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.