من بين الدروس الفلسفية المستفادة من جائحة كورونا فيما يخص النماذج الحضارية والمجتمعية المفيدة والصالحة للإنسية خاصة الاختيارات السياسية والاقتصادية: التأكد من أن اختيار نموذج الرأسمالية في تحديد مفهوم الدولة والاقتصاد وأدوارهما المجتمعية قد برهن عن قصوره وفشله أمام اختيار نموذج الاشتراكية ذات النفس المجتمعي التضامني، من خلال مفهوم الدولة الراعية والاجتماعية، المخططة والمنظمة والمراقبة والمبادرة للحفاظ على التماسك المجتمعي والمصلحة العامة، ذات الخدمات العمومية القوية والاقتصاد المخطط والتضامني. رأينا عالميا كيف أن الرأسمالية واختيارات الخوصصة واقتصاد السوق من خلال الشركات والمقاولات التي تحتكر كل الأنشطة الاقتصادية باعتماد مفهوم الخوصصة، من إنتاج وخدمات وصناعة تجارة تمويل صحة تعليم وغيرها، إما أنها تكشف عن نزوعتها الفردانية والأنانية يحركها فقط منطق الربح والخسارة ضد كل المصالح العامة لمجتمعاتها المحلية أو الدولية، بل لجأت الى الدولة لابتزازها أما لمراكمة المزيد من الأموال أو إنقاذها من الإفلاس. لاحظنا غياب أي وازع أخلاقي أو إنساني أو وطني لعدة دول أو مقاولات رأسمالية، ناهيك عن إفلاس بعض إيديولوجيات التجهيل والخرافة والأساطير والميتافيزيقية عامة أمام العلم والفلسفة العقلانية. زمن كورونا لحظة وعي ونقد تاريخية يجب الاستفادة منها مجتمعيا وإنسيا ومعرفيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا ووجوديا عامة، لإعادة ترتيب وتقييم كل النماذج الحضارية والمجتمعية التي عرفتها الإنسانية، وخلق نموذج جديد يكون في خدمة سعادة الإنسية المحلية والدولية عامة، كأفراد وجماعات.