مآس إنسانية يعيشها مغاربةٌ قبل صرف المساعدات الخاصة بالفئات الهشّة المقررة من "صندوق كورونا"، بعد فرض العزل الصحي المنزلي عقب إعلان حالة الطّوارئ الصحية لوقف انتشار "كوفيد-19" وما رافق ذلك من وقف مجموعة من المهن الحرّة وغير النّظامية التي تعدّ المورد المالي الوحيد لكثير من الأسر. وتُظهِر سلسلة من الفيديوهات صوّرها ناشط جمعوي في مرتيل، نواحي مدينة تطوان، وبثها عبر "يوتيوب"، المعاناة اليومية لمواطنين مغاربة تحت العزل الصحي الإجباري في غياب لقمة العيش. فاطمة، سيدة مسنة تعيش وحيدة، قالت إنّ لا أحد تواصل معها، لا عون سلطة ولا غيره، ولم تتلقّ معونة ولا أي شيء، وأضافت: "عندما أخرج إلى الشارع يعطيني الناس (مساعدة)، وكان هناك رجل يساعدني ولم يعد هنا". سيدة أخرى مطلّقة، من مارتيل أيضا، قالت إنّ لا أحد في أسرتها يشتغل ليغطّي مصاريفها، وليس عندها أيّ مدخول يومي أو شهري، وتنتظر فقط "الجْوَادْ"، أي المحسنين، نافية أن يكون قد دقّ باب دارها أي أحد من السلطة. بدوره، قال محمد، ينحدر من الدارالبيضاء ويشتغل ماسح أحذية بمرتيل، إنّ "المقدّم" أعطاه ورقة الخروج للبحث عن كسرة الخبز، وأضاف: "ليس عندي ما أصرفه، ولا عمل اليوم. أخرج والمرض يدور (أي ينتشر) لأني أحتاج ما آكله، وليس عندي ما يمكن أكله، وقد بعت هاتفي بسبعين درهما". كما اشتكت أمّ، أصلها من مدينة الحسيمة وتقطن بمرتيل، عدم توفّرها على درهم واحد بعدما لزم زوجها البيت لمدّة شهرين، وهو الذي كان يشتغل مياوما، وأضافت: "ليس عندنا ما نأكله (...) ولم يصلني مقدّم، ولم تصلني إعانة من أيّ أحد". بوشتى كراشي، رئيس جمعية أطينكا، قال إنّ هناك حالات توجد في الشارع في قلب مدينة مرتيل خلال فترة الحجر، وهم أطفال في وضعية صعبة أو أطفال الشوارع، يتسوّلون قرب المتاجر ويهربون عندما يرون الشرطة، موردا أنه سألهم فقالوا إنّ أحدا لم يتواصل معهم. وأضاف الفاعل الجمعوي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ هناك حالات تحدّث إليها في بيوتها كلها نفت أن تكون تلقت أي مساعدة من أي جهة كانت، إلا حالة واحدة قالت إنها توصلت بقفة مؤونة من أحد المحسنين. وشدد كراشي على أن هؤلاء في حاجة ماسة إلى أيّ مساعدة يسدّون بها رمقهم، وهم ملتزمون بالحجر الصحي، ولتشجيعهم على ذلك، يجب مساعدتهم. وقال الفاعل الجمعوي ذاته إنّ في الهامش مصائب أخرى، وتساءل: "كيف يعقل أن المقدّمين (أعوان السلطة) لم يصلوا حتى إلى وسط مرتيل، وهنالك حالات لم أستطع تصويرها لم تجد حتى ما تأكله، وأناس رغم الجوع يأبون الخروج وطلب المساعدة من الناس".