بعد التصريحات التي أدلى بها الشيخ محمد بيد الله، قبل أسبوعين، أثناء حلوله ضيفا على برنامج "نقاش في السياسية"، الذي تبثه جريدة هسبريس الإلكترونية، والذي عبر فيه عن رفض أي تقارب مع "الإسلاميين"، يظهر أن هذا الموقف ليس سوى موقف شخصي لبيد الله، وليس موقفا موحِّدا لجميع مكونات "البام". سمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة، المقرر انعقاده يوم 7 فبراير المقبل، كشف توجّهَ الحزب نحو إجراء "نقد ذاتي" لمراجعة المواقف والمبادئ التي تأسس عليها، وفي مقدمتها جعل التحالف مع حزب العدالة والتنمية "خطا أحمر". وقال كودار، في ندوة صحافية عقدها صباح الخميس، بمقر حزب الأصالة والمعاصرة بالرباط، جوابا عن سؤال حول مدى احتمال تحالف الحزب، مستقبلا، مع "الإسلاميين"، ممثلين في حزب العدالة والتنمية، القائد للتحالف الحكومي حاليا، إن "المؤتمرين هم الذين سيحسمون في هذا الأمر، وهم الذين لهم حق الدفع باتجاه التحالف أو العكس". غير أن حزب الأصالة والمعاصرة، وفق ما جاء في تصريحات كودار، وصل إلى قناعة بضرورة مراجعة المبادئ التي أطّر بها نفسه لحظة إنشائه قبل عشر سنوات، قائلا: "مسألة التحالفات ستكون من المواضيع المطروحة في الورقة السياسية خلال أشغال المؤتمر، وعموما فإن الأوان قد حان لمراجعة أوراق الحزب، وهذا الأمر موكول للمؤتمرين". وطرح التقارب الحاصل بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، خلال الآونة الأخيرة، خاصة حين إعادة انتخاب رئيسة مجلس جهة طنجة-طنجة-تطوان، أسئلة كثيرة حول إمكانية توسيع تحالف الحزبين مستقبلا على مستوى البرلمان. ويرتقب أن ينعقد المؤتمر الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة وسط أجواء مشحونة وانقسامات، لكن كودار قلّل من شأن تأثيرها قائلا: "ما يهمنا هو أن يحترم بعضنا البعض، والجميع مقتنع بأن المهم هو إنجاح المؤتمر". ويتنافس على مهمة الأمين العام ل"حزب الجرار" خمسة مرشحين، وهم محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام الأسبق للحزب، وعبد اللطيف وهبي، وسمير بلفقيه، وهما عضوان بالمكتب السياسي، وعبد السلام بوطيب، والمكي الزيزي، عضوا المجلس الوطني؛ في حين لازال باب الترشيحات مفتوحا. ويحاول حزب الأصالة والمعاصرة إظهار "استقلاليته" عن دوائر الحكم في الدولة، وتأكيد عدم تدخل أطراف خارجه في اختيار الأمين العام الجديد الذي سيخلف حكيم بنشماش. وحاول سمير كودار تمرير هذه الرسالة بقوله: "نحن على بعد أسبوع من انعقاد المؤتمر، وإلى حد الآن لا أحد يعرف مَن سيكون الأمين العام الجديد". وبخصوص الموارد التي سيموّل منها الحزب مؤتمره المقبل، أوضح رئيس اللجنة التحضيرية أن نصف الغلاف المالي الذي سيكلفه الموعد، وهو 12 مليون درهم (مليار و200 سنتيم)، سيتأتّى من الدعم المالي الذي تخصصه وزارة الداخلية للأحزاب السياسية، فيما سيتم توفير 600 مليون سنتيم من مساهمة الجهات، إذ ستساهم كل جهة بخمسين مليون سنتيم. علاقة بذلك، فضل كودار اللجوء إلى القرآن لتبرئة "البام" من حصول تلاعبات مالية في ميزانيته، إذ قال، جوابا عن أسئلة الصحافيين بخصوص ما راج حول الاستيلاء على أربعة ملايير سنتيم من مالية الحزب: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا...هذا هو جواب سؤال أين ذهبت أربعة ملايير"، معتبرا أن ما راج حول هذه القضية "مجرد هضرة خاوية". من جهة ثانية، رفض سمير كودار التعليق على التصريحات المثيرة التي أدلى بها عبد اللطيف وهبي مؤخرا، والتي قال فيها إن إمارة المؤمنين تجسيد للإسلام السياسي، مكتفيا بالقول: "كلجنة تحضيرية للمؤتمر لا تهمنا تصريحات المترشحين، فكل مناضل من حقه أن يعبر عن رأيه، وإذا كانت هناك إساءة إلى أي مؤسسة فهي التي ستردّ، وليست بحاجة إلى أن نرد باسمها".