هناك وافدان جديدان على الفيلم الطويل، وهما علاء الدين الجم ومريم التوزاني، وهناك سينمائيون آخرون تحدوا ضعف الإمكانات وصوروا أشرطتهم، بل هناك من أرغم على التخلي عن مال الدعم، واشتغل بما توفر له وتغاضى مؤقتا عما لم يتوفر له. هناك هشام عبد الرحيم وإدريس التباع، وهما مخرجان تلفزيان مغربيان تفننا في طريقة إخراج لقاءي الديربي البيضاوي في كأس محمد السادس للأندية العربية الأبطال، وبينا أننا نتوفر على فنانين شباب يحولون بالحرفة كرات طائشة إلى أهداف محققة. هناك إشارات التفاؤل، وهي التي تحفز على الاستمرار. مع ذلك، أعتبر أن الحدث الأبرز في سينمانا وفي مسرحنا وفي مشهدنا الثقافي في عام هو الانتظار. نحن ننتظر.. هناك فشل ملفوف بشيء من يأس، وهناك أمل ترافقه بين الفينة والأخرى حفنة ثقة.. هناك مجهودات ومحاولات، وهناك إحباطات وإخفاقات.. هناك لجان كثيرة بنفس الوجوه أحيانا، وهناك مهرجانات جدية تجتهد، وأخرى تافهة صار الجميع يعرفها بالاسم. هناك دعم يجب أن يستمر، وهناك قاعات يجب أن نرفع عددها لتحتضن أجساد مشاهدين يعشقون السينما، وآخرين يحلمون بمسرح نستحقه. هناك نقاشات هادفة وكتابات تحترم، وهناك تصفيق مجاني أحيانا، وقصف عشوائي يفضح جهل ممتهنيه. هناك سينما تحتاج للتشجيع، وهناك عاجزون يلتئمون في جماعات ويصطفون في كل مرة لينالوا نصيبهم من مال فن هو منهم براء. هناك فن، وهناك من يغطي على الفن باللافن. الحدث الأبرز في سينمانا وفي مسرحنا وفي مشهدنا الثقافي في عام هو الانتظار. نحن ننتظر.. هناك مغادرون قدموا ما قدموه ورحلوا بدون صخب إلى دار البقاء. هناك أمينة رشيد والمحجوب الراجي، وهناك أحمد الصعري وعبد الله العمراني وعزيز موهوب. في مسرح الحياة، لا يستثني الموت أحدا في الكاستينغ. هناك من غادرونا، وهناك شبان منحوا أنصاف فرص، وأكدوا بما لا يدع مجالا للارتياب أن المستقبل هو الشباب، وهو ما حفزنا نحن أيضا على الاستمرار. هناك أفلام طبعت العام، وهناك بعض ممن غامروا بمالهم الخاص واستثمروا في الفن ولهم انحناءة تقدير، وهناك أيضا من يعيدون إنتاج الرداءة ويتفننون في استفزاز عيوننا بدون خجل؛ وهؤلاء لم تعد لي الرغبة ولا الوقت لتوجيه اللوم لهم. هناك نسرين الراضي التي أثبتت في عام واحد أن الفنان الحقيقي سيبرز كفاءاته حين يمنح الفرص المواتية، وهناك كائنات "إنستغرام" التي أغرقت السوق، ووضعت في الواجهة وأقبرت الحياء. هناك محمد الحر بجائزته المستحقة وهدوئه الدائم، وهناك زيطان وناسور، وهناك آخرون عقدوا العزم على أن يشتغلوا ويتألقوا مسرحيا بما أوتوا من إمكانات، وهناك مسؤولون عن القطاع جاؤوا بضربة حظ أو بقرار تافه ليتفهوا مجهودات أهل الميدان. الحدث الأبرز في سينمانا وفي مسرحنا وفي مشهدنا الثقافي في عام هو الانتظار. نحن ننتظر.. هناك واكين فينيكس وهناك "بونغ جون هو" وهناك ناداڤ لاپيد، وهناك مبدعون آخرون أبهروا هذا العام. هؤلاء لا داعي لأخصص لهم ركنا، لأنهم نالوا ما تيسر من إطراء بعد أن أقنعوا بأعمالهم وأدوارهم. هؤلاء حين نسرد أسماءهم فالغرض لم ولن يكون هو المقارنة، بل مجرد التذكير بأن الناس تشتغل في ظروف أخرى وبإمكانات مختلفة، ويحضر الإمتاع بعد العرض. تحصل المنفعة المتبادلة، ويستفيد المبدع والمتلقي معا. ركن اليوم مخصص لما أنتج عندنا في عام، والحدث الأبرز في سينمانا وفي مسرحنا وفي مشهدنا الثقافي في عام هو الانتظار. نحن ننتظر.. هناك رغبة تنتابني أحيانا في التوقف وترك كل شيء، وهناك أيضا إحساس دفين بأن المواصلة هي الحل، وبأن ترك المساحة الفارغة لأهل الفراغ ستقويهم وتجعلهم يعتقدون واهمين أنهم انتصروا لرداءتهم. هناك خيبات كثيرة تحيط بنا أحيانا، ويتولى الترويج لها أناس نضطر للتعايش معهم على مضض، وهناك طموح ينبعث بين الفينة والأخرى يشحن القلم بمزيد من حبر صادق، لم ولن يهدف يوما إلى الإقصاء أو إرضاء الخواطر. هناك آلام لا يسعفني القلم نفسه على وصفها بالتدقيق، وهناك آمال في أن هذا البلد الذي نحبه ويحتضننا جميعا يستحق منا كل التضحيات. الحدث الأبرز في سينمانا وفي مسرحنا وفي مشهدنا الثقافي في عام، هو الانتظار. نحن ننتظر، وأتمنى أن يفضي هذا الانتظار إلى ما هو إيجابي، وأن تكون النتيجة هي ما كنا ولازلنا نحلم به، بعملة وحيدة هي الكفاءة. نحن ننتظر، لكن الانتظار لا يمكنه أن يعمر أطول من اللزوم. مع ذلك، نحن ننتظر وكلنا أمل.. *سي بي إم، إذاعة ميدي1