تزامنا مع الزيارة التي يقوم بها ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إلى إسبانيا، وجهت مدريد صفعة جديدة إلى جبهة "البوليساريو" الانفصالية. وزارة الخارجية الإسبانية حذرت مواطنيها بشدة من زيارة معسكرات الصحراويين في منطقة تندوف بالجزائر، مؤكدة أن السفر إلى المخيمات "محفوف بالمخاطر بسبب عدم الاستقرار المتزايد في شمال مالي والنشاط المتزايد للجماعات الإرهابية في المنطقة". توصيات وزارة الخارجية الإسبانية شددت على ضرورة الامتناع عن القيام بأي زيارات إلى مخيمات الصحراويين والحدود مع مالي ثم النيجر وليبيا وموريتانيا. كما أوصت إسبانيا بتجنب السفر إلى الحدود مع تونس، إلا عند الضرورة القصوى. وأكدت السلطات الإسبانية ارتفاع مخاطر تعرض السياح الأجانب للاختطاف أو لهجمات إرهابية على كامل التراب الجزائري، داعية المواطنين الإسبان الذين يقومون بزيارات للجزائر إلى التزام "أقصى درجات الحذر" في جميع أنحاء البلاد. وكالة الأنباء الإسبانية "إفي" كشفت أن التنبيه الصادر عن وزارة الخارجية جاء بعد يوم من توصل أجهزة المخابرات بمعطيات تُفيد بوقوع "هجوم خطير وشيك في تندوف (الجزائر) ضد مواطنين إسبان موجودين بالمنطقة أو سيزورنها". وأكدت القائمة بأعمال وزير الدفاع، "مارجاريتا روبليس"، في تصريحات لإذاعة "سير" المحلية، أن هذا التهديد "حقيقي ومتقدم للغاية وقد يكون وشيكا، لذلك وجهت دعوة لاتخاذ الحذر والتصرف بمسؤولية من جانب كل من يفكر في التوجه قريبا لمخيمات تندوف". وتأتي التوصية الإسبانية متطابقة مع التحذيرات التي سبق أن عبرت عنها السلطات المغربية بشأن تحول مخيمات تندوف إلى مرتع للجماعات الإرهابية المسلحة والاتجار الدولي بالمخدرات والبشر. وقبل حوالي شهر، شهدت مخيمات تندوف اشتباكات مسلحة بين أباطرة المخدرات ينتمون إلى قبائل صحراوية مختلفة. المكتب المركزي للأبحاث القضائية سبق أن كشف تواجد عناصر من البوليساريو ينشطون مع الجماعات الإرهابية، وحذر من أن "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي ينشط معها عدد كبير من الانفصاليين، وجدت نفسها متقاطعة مع شبكات التهريب الدولي للمخدرات وأصبحت تتعاون معهم". جبهة "البوليساريو" الانفصالية عبرت عن انزعاجها من التحذير الإسباني، واعتبرت ذلك نتيجة "الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى إسبانيا" ولها "دواعي سياسية"، في ظل التقارب بين الرباطومدريد. وزير الخارجية الإسباني أكد عقب لقاء مع نظيره المغربي ناصر بوريطة على العلاقات المتميزة بين المغرب وإسبانيا، مشيرا إلى أن الاجتماع بينهما تناول الوضع في الصحراء المغربية. ووصفت الخارجية الإسبانية، في بيان، العلاقات مع المغرب ب "الإستراتيجية والعالمية، والتي تجد تعبيراتها في الاجتماعات رفيعة المستوى بين البلدين". وأورد المصدر ذاته أنه بالإضافة إلى "الحوار السياسي المكثف بين البلدين، تشمل العلاقات الثنائية التعاون المثالي في الأمن والهجرة، ثم العمل الثقافي والتعليمي أيضا". وعلى مدار السنوات الماضية، عززت مدريد شراكاتها مع المغرب كأول شريك تجاري بالنسبة للمملكة المغربية. رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، استقبل بدوره وزير الخارجية ناصر بوريطة، أمس الأربعاء في مدريد، حيث أجرى المسؤولان تقييما إيجابيا للعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية. وعبر الجانبان عن ارتياحهما لدخول الاتفاق الزراعي والبحري حيز التنفيذ بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يشمل الأقاليم الجنوبية الصحراوية. واتفق الطرفان على مواصلة العمل من أجل الحد من الهجرة غير الشرعية، والتي انخفضت بنسبة 55 في المائة خلال السنة الجارية مقارنة مع العام الماضي، وفق المعطيات الصادرة عن الحكومة الإسبانية.