وسطَ اسْتمرار خروج جُموع المحتجّين إلى شوارع الجزائر للمطالبة بمحاسبة رموز النّظام السّابق، قفزتْ قضيّة اغتيال محمد بوضياف، الرّئيس الجزائري الأسبق، الذي قضى جزءا كبيرا من عمره متردِّدًا على المغرب، إلى واجهة الأحداث في الجزائر، بعدما اتّهم ناصر بوضياف، أمسِ الأحد، أربعة جنرالات بالضُّلوع في جريمة اغتيال والده. ويتعلّق الأمر، حسبِ إفادات المعارض السّياسي ناصر بوضياف لوسائل إعلام جزائرية، بكلٍّ من وزير الدفاع الأسبق خالد نزار وقائد المخابرات السابق محمد مدين المدعو الجنرال توفيق والجنرالين الراحلين، العربي بلخير وعبد المالك قنايزية. وكشف المتحدث باسم عائلة مُحمد بوضياف، الرئيس الجزائري الأسبق، أنه سيعيد فتح التحقيق القضائي بملف اغتيال والده في 29 يونيو 1992 خلال شهر شتنبر المقبل. ووصفَ بوضياف الابن اغتيال والده ب"الجريمة السياسية"، وأرْجَعَ أسباب قتله إلى مشروعه الذي أراد من خلاله وضع حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم خلال حقبة الرئيس المتنحي عبد العزيز بوتفليقة في المتحف"، مؤكّداً أنّ "والده الوحيد الذي كان يملك شرعية القيام بذلك باعتباره واحدا من مؤسسيه وكذلك رغبته في إعادة الجيش الجزائري إلى الثّكنات وإبعاده عن الحياة السّياسية". وأوضح السياسي المعارض أن "من كانوا في الحكم في ذلك الوقت لم يرق لهم مشروع والده الذي قتل برصاصة غادرة عندما كان يلقي خطابه الأخير في مدينة عنابة شرق البلاد"، في مشهد بثّه التّلفزيون الجزائري الرسمي على المباشر. ويرفض ناصر بوضياف تصديق اتهام الضابط السابق لمبارك بومعرافي، الذي يواجه منذ سنوات عقوبة الإعدام، بقتل والده بقوله إن "الرأي العام الجزائري بقي مشككا في حقيقة اغتيال بومعرافي للرئيس بوضياف، وزادت الشكوك أكثر مع ظهور تصريحات سنة 2015 للأمين العام السابق للحزب الحاكم عمار سعداني، ألمح فيها إلى تورط الجنرال توفيق، ثم تصريحات رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبد الله غلام الله، الذي قال سنة 2017 إن من أتوا ببوضياف هم من نكبوه". وتوفي الرّئيس الجزائري السّابق، الذي كان يوصف بصديق الملك الرّاحل الحسن الثّاني، متأثّراً بجروحه بعدما أصيب بطلقات نارية التقطتها عدسات التلفزيون الرّسمي الجزائري، خلال حفل أقيم بدار الثّقافة. وقبل وفاته، تعرّض الرّئيس الجزائري الأسبق لمضايقات من قبل رئيس المخابرات السابق محمد مدين المعروف ب"توفيق مدين"، والذي كان يحاول دائماً منعه من السّفر إلى المغرب. كما طالب رجالات النّظام القديم الرئيس محمد بوضياف بعدم التخلي عن الموقف الجزائري الخاص بدعم جبهة البوليساريو، في وقت كانت فيه أفكاره تسير في اتجاه إيجاد حل يرضي جميع الأطراف، ومن بينهم المغرب، لا سيما أنه كان مقرباً من الملك الراحل الحسن الثاني.