حاول الباحث الدكتور الحبيب استاتي زين الدين الغوص في أعماق الحركات الاحتجاجية بالمغرب من خلال كتابه الصادر حديثا "الحركات الاحتجاجية بالمغرب .. دينامية التغيير ضمن الاستمرارية". وأوضح استاتي أن "موضوعا بهذا الغنى الدلالي، وعلى هذا القدر من التركيب والحساسية من حيث تطور أحداثه وطبيعة الفاعلين فيه، علاوة على تقاطع تحليلاته مع أكثر من حقل معرفي، يجعل حظوظ البحث في قضاياه وإشكالاته أكثر وجوبا للتسلح بالنفس الطويل والاحتراز وعدم الجزم والاندفاع". وأشار المصدر إلى أنه "إذا كانت محاور الفصلين الأول والثاني قد انشغلت بتتبع مسار التطور التدريجي للممارسة الاحتجاجية عامة، ثم في المغرب على وجه التحديد، فإن الفصل الثالث اتجه إلى تبيان مختلف أشكال وملامح هذا الفعل المتنامي في أفق التحديد الدقيق لما هو مستقِرّ ومتجدِّد فيه". وأضاف أن "الفصل الرابع يحاول تقريب مضامين النصوص القانونية المنظّمة للحق في الاحتجاج السلمي على المستويين الدولي والوطني من ذهن القارئ، وتيسير فهمه لمأزق المقاربة الأمنية التي تسلكها الإدارة في تدبير ثنائية الحق في الاحتجاج السلمي وواجب احترام النظام العام، موازاة مع جعله ينتبه إلى صعوبات نجاح القضاء في مهمة التوفيق بين إكراهات السلطة ومستلزمات الحرية في ظل مجتمع تراهن ديناميته على إحداث التغيير في إطار الاستمرارية". ومن أبرز دلائل هذا الرهان/ التحدي، يوضح استاتي، "ما شهده الفضاء العمومي من حركية ملحوظة منذ 2011 تزامنا مع الحراك العربي الذي تطلع الفصل الخامس إلى تشخيص محفِّزاته وتداعيات "عدوى" انتشاره، من خلال تسليط الضوء على السياق العام والخاص لبروز حركة 20 فبراير، ومكوناتها الأساسية، والمطالب التي انبثقت عنها، فضلا عن الاستراتيجية التي نهجها النظام السياسي لمصاحبتها واحتوائها، وردود فعل الحركة والمآلات التي بَلَغتْها إلى حدود سنة 2017". وأضاف أن "الدينامية أوجبت إعادة النظر في كل النظريات الأكاديمية التي تحدثت عن الاستثناء العربي الذي حصَّن أنظمة الحكم فيها طوال الحقب الماضية، حتى اطمأنت إلى حالة الجمود السياسي داخل بلدانها، بالموازاة مع تجديد التساؤل حول خصوصيات فضاء ظاهرة الاحتجاج والشروط الذاتية والموضوعية التي تتحكم في اتساع مداها أو الحد من آثارها بالرجوع إلى التفسيرات التي أنتجتها السوسيولوجيا السياسية". وأوضح المؤلف أنه "كان من المفيد، داخل الفصل السادس، الاستعانة بتراكماتها الفكرية في مسعى فهم هذه الظاهرة متعددة الأوجه، مع الانتباه إلى الاختلافات النظرية، والانتقادات التي وُجِّهت لأطروحاتها، ومراعاة السياقات التي تتحكم في الفعل الاحتجاجي، خصوصا أن الحقل التجريبي لهذه النظريات داخل المؤسسات الجامعية والمراكز البحثية لا زال محدودا". ويرى المؤلف أن هذا "المرجع مهم للباحث والمثقف والناشط السياسي ورجل الإعلام، وحتى صاحب القرار السياسي، الذين بات فهم الاحتجاج والقابلية له، بدوافعه ومصائره، أمرا ضروريا لهم كالخبز اليومي".