عن «المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات»، صدر حديثاً كتاب «الحركات الاحتجاجية في المغرب ودينامية التغيير ضمن الاستمرارية» للباحث الحبيب استاتي زين الدين، وفيه يتناول الاحتجاجات ليس باعتبارها ردات فعل جماعية على أوضاع سياسية واجتماعية معينة وبطرائق غير عنيفة فحسب، وإنما بوصفها ظاهرة سوسيوسياسية تعبّر عن يقظة شعبية، وتكرّس الحق في التعبير عن الرفض والاختلاف، وبلورة مواقف تجاه قضايا مختلفة، وممارسة الضغط السلمي على السلطة من أجل بناء دولة المواطنة والتحرر من التبعية وإقرار الديمقراطية وتحقيق التنمية. وينطلق زين الدين في الفصل الأول من كتابه «زمن الاستئناس بالاحتجاج في ظل ثلاثية المخزن والقبيلة والمستعمر»، من مسلّمة جوهرية قوامها أن الحفر في ظاهرة الاحتجاج يفرض على الباحث العودة إلى التاريخ بوصفه دراسة رموز، قائمة حاليّاً ودالة على تلك الحوادث التي عاشها الإنسان في الماضي، سواءً أكانت هذه الرموز من منظور عبد الله العروي بقايا مادية أم نقوشاً أم شهادات شفوية، فيما يسعى في الفصل الثاني إلى فهم طبيعة التغير الذي مسّ الفعل الاحتجاجي بانتقاله من رفض الفاعل السياسي تمظهرات القهر والتحكم في السلطة وتوجيه دفتها خلال سنوات الاحتجاج الممنوع، إلى ظهور فاعلين جدد أكسبوا هذا الفعل سلطة رمزية لها القدرة على المساءلة والضغط والتنبيه إلى ضعف الاختيارات التنموية للحكومات المتعاقبة، على نحو يشير إلى ميلاد وعي جديد في إطار ما يمكن أن نطلق عليه المقاربة الانفتاحية على المعارضة في العقد الأخير من القرن العشرين.