تسعى مجموعة "آبل" العملاقة في مجال المعلوماتية إلى إثبات قدرتها على النمو من دون الاعتماد حصرا على منتجها الأبرز "آيفون"، بالاستعانة بأجهزة وخدمات أخرى تساعدها على تعويض التراجع اللاحق بحصتها في سوق الهواتف الذكية، غير أن هذا المسعى دونه عقبات كثيرة. وفي الربع الأخير (من أبريل إلى يونيو الماضيين)، شكلت إيرادات "آيفون" أقل من نصف رقم أعمال المجموعة للمرة الأولى في تاريخ "آبل". غير أن المجموعة نجحت في تحقيق نمو في إيراداتها بنسبة 1 بالمائة خلال عام، رغم التراجع بنسبة 12 بالمائة في عائدات هذه الهواتف. وحققت الشركة الأمريكية العملاقة نموا قويا على صعيد مضامينها الرقمية والخدمات، مثل "آبل باي" و"آبل ميوزيك"، وإكسسواراتها المتصلة (ساعة "آبل ووتش" وسماعات "إير بودز")، وقد انعكست هذه النتائج إلى ارتفاع في سعر أسهم "آبل" في البورصة. وقال المستشار في "تكسبوتنشال" أفي جرينجارت: "نظرا إلى بلوغ سوق الهواتف الذكية مرحلة النضج، لا يمكن أن تستمر "آبل" في الاعتماد حصرا على هواتف آيفون للتقدم". وأضاف أن "استراتيجية الشركة في تنويع نشاطها في الخدمات تبلي بلاء حسنا بالنظر إلى نتائجها الأخيرة". وتتهيأ المجموعة خلال الشهر الحالي لإطلاق بطاقتها الائتمانية التي ستكون متصلة بمحفظتها الرقمية، إضافة إلى خدمة التلفزيون بالبث التدفقي، مع استثمار ما لا يقل عن مليار دولار في إنتاج المضامين الأصلية في محاولة للتنافس مع مجموعات كبرى في المجال مثل "نتفليكس". تقويم أفضل ومن شأن ذلك طمأنة المستثمرين القلقين على الصحة المالية لهذه المجموعة، التي تُعتبر من أبرز رموز الاقتصاد الأمريكي في ظل تراجع السوق العالمية للهواتف الذكية. وقد تراجعت مبيعات الهواتف الذكية في العالم بنسبة 2,6 بالمائة خلال عام، إذ وصلت إلى 341 مليون وحدة مباعة بين أبريل ويونيو 2019 وفق أرقام شركة "ستراتيجي أناليتيكس". وقال جين مونستر وويل تومسون من شركة "لوب فنتشيرز" الاستثمارية إن المستثمرين ركزوا طويلا على مبيعات التجهيزات دون التركيز بما يكفي على قدرات المجموعة. وعلق هؤلاء في مذكرة بالقول: "نظن أن نتائج الربع الأخير وخريطة الطريق للسنتين المقبلتين ستشكلان منعطفا للمجموعة، إذ ستبدآن تقويم وضع "آبل" وكل المنظومة المرتبطة بها بصورة أفضل". حلم بعيد المنال غير أن بعض المحللين يرسمون صورة قاتمة أكثر عن مستقبل المجموعة الأمريكية التي لم تعد تستحوذ سوى على 11 بالمائة من سوق الهواتف الذكية، بتأخر كبير عن الكورية الجنوبية "سامسونغ" (22 بالمائة) والصينية "هواوي" (17 بالمائة). وكتب دانيال نيومان، من "فيوتشوروم ريسرتش"، "أظن أن "آبل" تعاني صعوبة أكبر مما يريد الناس أن يتصوروا". واعتبر أن "استراتيجية المجموعة تفتقر إلى الرؤية. هم يستقون نموهم من الإكسسوارات والخدمات بدل هواتف "آيفون" وأجهزة "آيباد". التنويع خطوة إلى الأمام، لكن يجب تعزيز هذا المنحى وتسريعه". ولفت نيومان الانتباه إلى أن الربع الأخير كان "باهتا" على صعيد نتائج المجموعة الأمريكية، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة لم تجد خلفا بالربحية عينها لهواتف "آيفون"، التي تواجه صعوبات في السوق الصينية، كما تتقدم ببطء في البلدان ذات المداخيل الضعيفة. وأشار مؤسس مكتب "راديو فري موبايل" للدراسات، ريتشارد ويندسور، في منشور عبر مدونته إلى أن "منظومة خدمات "آبل" كلها تدور حول "آيفون""، وبالتالي هي لا تزال "شركة تصنع منتجا واحدا". كما رأى أن "نهاية التبعية لهواتف "آيفون" لا تزال حلما بعيد المنال، ستستمر حياة المجموعة وموتها مرتبطة بنجاح هذا المنتج".