ينتظر أن يدخل القانون الخاص بالتأمين التكافلي المرتبط بالمالية التشاركية في المغرب حيز التطبيق خلال نهاية السنة الجارية، على أبعد تقدير، بعد صدوره عدد من النصوص التطبيقية له في الجريدة الرسمية في الأشهر المقبلة. ويُعتبر هذا التأمين أهم منتج في أي منظومة مالية تشاركية، فهو يرتبط بجميع المنتجات ويمثل عنصر اطمئنان للأبناك والزبناء، ويختلف اختلافاً كبيراً عن التأمين التقليدي من حيث المبادئ المنظمة له وشروطه وأشكاله. نظرة تاريخية يعد التأمين التكافلي منتوجاً مالياً بديلاً عن منتوجات التأمين التقليدية، ومن خصائصه الرئيسية مطابقته لتعاليم الشريعة الإسلامية، وهو يستند إلى مبادئ المساعدة المتبادلة والمساهمة على شكل التزام بالتبرع. ويقوم هذا النموذج على فصل أموال المساهمين والمشتركين بصفتهم مؤمنين لهم، وتوزيع الفوائض على المشتركين مع ملاءمة الأصول مع الشريكة، فضلاً عن تعيين هيئة رقابة شرعية تكون فتواها مُلزمة للشركة المُسيرة. ويرتبط ظهور التأمين التكافلي وتطوره ببروز مؤسسات مالية إسلامية رأت النور في سبعينيات القرن الماضي بإيعاز من منظمة المؤتمر الإسلامي، وتختلف نماذج التأمين التكافلي حسب أصناف عقود التسيير بين الشركة المسيرة للتأمين والمشتركين. وفي المغرب، تم وضع إطار قانوني من أجل التأمين وإعادة التأمين التكافلي سنة 2016، وجرى تعديله بعد صدور ملاحظات عن المجلس الأعلى العلمي، واليوم أصبحت منظومة التمويل التشاركي مستكملة، كما أنه سيعزز عروض التأمين بصفة عامة. التأمين التكافلي في المغرب حول هذا الموضوع، نظمت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، باعتبارها سلطة مراقبة وتنظيم قطاعي التأمين والاحتياط الاجتماعي، "ماستر كلاس" لثلة من الصحافيين المغاربة لاطلاعهم أكثر على مضامين القانون 87.18 الذي أدرج التأمين التكافلي ضمن مدونة التأمينات تبعاً لملاحظات المجلس العلمي الأعلى للمطابقة مع أحكام الشريعة. ويتفق عُلماء الدين المغاربة على أن عملية التأمين التكافلي تهدف إلى تغطية الأخطار المنصوص عليها في العقد المُوقع بواسطة صندوق التأمين التكافلي الذي يُسير مقابل أجرة التسيير من قبل مقاولة للتأمين معتمدة لمزاولة عمليات التأمين التكافلي. ولا يمكن لعمليات التأمين التكافلي وأنشطة تدبير صناديق التأمين التكافلي أن تفضي إلى جمع أو دفع فائدة، كما أن أنماط أجر التسيير لهذا الصندوق سوف سيتم تحديدها بموجب مرسوم وزاري صادر عن وزارة الاقتصاد والمالية باقتراح من هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي. وتنص مبادئ التأمين التكافلي في المغرب على توزيع الفوائض التقنية والمالية بين المشتركين عوض المساهمين في النظام التقليدي، كما أن تمويل عجز الأصول الممثلة للاحتياطات التقنية يتم من خلال التسبيق التكافلي الذي تمنحه مقاولة التأمين وإعادة التأمين التكافلي على أن تحصله مستقبلاً من الفوائض. وتتمثل أهم صلاحيات مقاولة التأمين التكافلي باعتبارها وكيلاً في إجراء عقود تأمين واتفاقات إعادة التأمين التكافلي وتحصيل الاشتراكات وتنظيمها ومسك حسابات الصندوق وتوزيع الفوائد التقنية والمالية، وتنفيذ عمليات الاستثمار وتشكيل مختلف الاحتياطات والمخصصات، إضافة إلى اقتناء وتدبير وبيع الأصول. وينص القانون على إلزام مقاولة التأمين التكافلي بإنجاز كل العمليات الخاصة بالصندوق أو بحساباتها الخاصة وفقاً للآراء بالمطابقة للمجلس العلمي الأعلى، إضافة إلى تدبير مبالغ حسابات الصناديق بشكل يضمن الحفاظ على مصالح المشتركين وتحمل أي خسارة في حالة الإخلال بهذا الالتزام. كما يتعين على المقاولات المعتمدة لمزاولة التأمين وإعادة التأمين التكافلي رفض القيم التي لا تحترم الرأي بالمطابقة بالمجلس الأعلى للعلماء، ورفض كل المداخيل الناتجة عنها. أما عقد التأمين التكافلي فيشترط أن يتم التنصيص فيه على أداء مساهمة المشترك به على شكل التزام بالتبرع، باستثناء ما يتعلق بالاستثمار التكافلي، إضافة إلى احترام الالتزامات الشرعية في كل ما يخص التعاقب، مثل التبرع أو الوصية خلال تحديد مستفيد من عقود التأمين. وبخصوص منح الاعتماد وشروط الممارسة، ألغى القانون مبدأ التخصص، بحيث يمكن منح مقاولات التأمين وإعادة التأمين التكافلي اعتماداً من أجل مزاولة كل عمليات التأمين، كما يجب عليها أن تزاولها بشكل حصري وبدون نوافذ باستثناء شركات إعادة التأمين التكافلي. ويستوجب القانون تأسيس مقاولات التأمين وإعادة التأمين التكافلي على شركات المساهمة، وإدراج وظيفة خاصة بالملاءمة مع الآراء بالمطابقة الخاصة بالمجلس الأعلى في نظام حكامتها، ويمكن إجراء عمليات التأمين التكافلي من خلال وسطاء التأمين التقليدي. وتمنح الحصرية للبنوك التشاركية وجمعيات القروض الصغرى المرخص لها من أجل ممارسة المالية التشاركية لتقديم عمليات التأمين التكافلي. سوق التأمين التكافلي في العالم يُسجل سوق التأمين التكافلي منحى متزايداً سنة بعد سنة، بحيث سجلت المشاركات المالية الدولية في هذا الصدد سنة 2016 إجمالياً يناهز 26 مليار دولار، وتحتل السعودية وإيران وماليزيا والإمارات المراتب الأربع الأولى في حصة هذه المساهمات. وتستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على حصة 12.6 مليار دولار من المشاركات المالية، تليها دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خارج مجلس التعاون ب9.5 مليارات دولار، وآسيا ب3.3 مليارات دولار، أما إفريقيا جنوب الصحراء فحصتها في حدود 0.7 مليار دولار. ويشهد هذا السوق منذ سنوات عدة ارتفاعاً ملحوظاً بلغت نسبته 355 في المائة، لكنه يعاني من تحديات عدة أبرزها كون الشركات المشتغلة في ميدان التأمين التكافلي ما تزال من النوع الصغيرة، إضافة إلى ضعف الاستثمارات في هذا المجال.