قال هشام بلاوي، الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، إن التعذيب وغيره من الممارسات القاسية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة "يتنافى مع القيم والمثل الإنسانية، ولا ينسجم مع حقوق الإنسان وفلسفتها التي تحث على احترام الكرامة الإنسانية، كما تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كوثيقة مرجعية في هذا الباب". جاء ذلك خلال ورشة تكوينية حول موضوع "الأبحاث في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب، تحديات وآفاق المدعي العام"، نظمت اليوم الجمعة بالرباط، بشراكة بين رئاسة النيابة العامة ومركز "جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة"، و"الصندوق الاستئماني لشمال إفريقيا". وشدد بلاوي على أن المغرب بادر طوعا إلى الانخراط في المنظومة الدولية الناظمة للشأن الحقوقي، والرامية إلى مناهضة التعذيب، من خلال المصادقة على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ومؤخرا على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب في نونبر 2014، موضحا أن المغرب "عمل من منطلق حرصه على مناهضة جريمة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على بلورة إطار دستوري وتشريعي منسجم مع الشرعة الدولية الرامية إلى مكافحة ظاهرة الإفلات من جريمة التعذيب". ولم يفت بلاوي التذكير بكون الوثيقة الدستورية لسنة 2011 جرمت التعذيب في الفصل 22 وعلى امتداد الوثيقة، بالإضافة إلى الجرائم التي تمس بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، لافتا إلى أن هذا التنصيص يعد "إشارة واضحة إلى الإرادة المغربية الراسخة للتصدي لكل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان"، ومجددا التأكيد على كون القضاة مطوقين بمقتضى الوثيقة الدستورية من خلال الفصل 117 بحماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي. من جانبه، قال كزافيي رونصان، القاضي الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف برين الفرنسية، إنه يتقاسم مع زملائه في الضفة الأخرى من المتوسط نفس المثل والمبادئ، وتمثلا وحيدا لحماية حقوق الإنسان ولمكافحة الإفلات من العقاب، مضيفا أن مكافحة الإفلات من العقاب مثلما تحصن المجتمعات وتمنعها تشيع فيها ثقافة الانتصاف واللجوء إلى القانون. وأضاف المتحدث أن المملكة تشتغل بتؤدة على سيادة دولة القانون، مستشهدا في سياق آخر بصميم تدخل قضاة التحقيق والنيابة العامة، من قبيل مهام الادعاء الرامية إلى زيارة أماكن الاعتقال، وسلطات الإشراف على البحث، بالإضافة إلى توجيه أعمال ضباط الشرطة القضائية، من أمن وطني ودرك؛ كما أوضح أن الزيارة الدورية لأماكن الاعتقال "تروم الوقوف والتثبت من مزاعم التعرض للتعذيب"، لافتا إلى أن "الورشة التي تمنح فسحة للنقاش والتداول بين الزملاء من شأنها الإسهام في تحسين ممارسات سير العدالة بكل من فرنسا والمغرب، بالإضافة إلى تلافي الانتهاكات والادعاءات". وخلص كزافيي رونصان إلى أن "أي بلد مها ارتقى تنمويا وحقوقيا ليس في حل من مزاعم وادعاءات ممارسة التعذيب"، مضيفا أن البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، كإطار عام ناظم، يلزم الدول بتبنيه، منوها في المقابل بمصادقة المملكة على هذه الآلية الأممية. سيسيل لاغوت، مديرة برنامج عمليات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التابع لمركز تطوير القطاع الأمني وسيادة القانون ومقره جنيف، أوضحت أن المركز يضم 74 دولة عضوا، مشيدة باللقاء الأول الذي يصل مركزها برئاسة النيابة العامة، والرامي إلى تعزيز كفايات قضاة النيابة العامة بالمغرب؛ كما وصفت الشراكة القائمة بين برنامج عمليات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التابع لمركز "تطوير القطاع الأمني وسيادة القانون"، و"الصندوق الاستئماني لشمال إفريقيا"، ورئاسة النيابة العامة بالمغرب، ب"الوثيقة"، وترمي إلى تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة من خلال اقتسام وتبادل المعارف، مشيرة إلى أن "التكوين يتناول الأبحاث في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب، والتي تندرج في إطار تفعيل البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب." هذا، ويتناول اللقاء محاور تتعلق ب"المنظومة الحمائية التي تنص عليها اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، و"دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، المعروف اختصارا ببروتوكول إسطنبول.