بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثاني وهذه هي نهاية العلمانية من يجهل أن الإسلام دين ودولة، وحكم ودعوة... ولا يعلم أنه دين للحياة... فهذا لا علم له بالإسلام، ولم تبلغه الرسالة, وحكمه في نظري حكم أهل الفترة وحكم من لم تصله الدعوة، كمن يعيش في سيبريا وأدغال إفريقيا أو الأمزون... وهؤلاء يمكن إعذارهم بالجهل. أنا أقصد الذين يدعون إلى اعتناق العلمانية وهم يعلمون، ويعرفون ما يفعلون. العلمانيون يطلبون من المسلمين حبس دينهم داخل المساجد والزوايا ولا يخرجون به إلا إلى المقابر لدفن الموتى. يطلبون ذلك وهم في عقر ديار الإسلام لا يبالون بجرح مشاعر الشعب كل الشعب عدى أقلية قليلة جدا ممن لا يدينون بدين الإسلام، يطلبون ذلك كما لو أنهم في كوبنهاجن أو ستوكهولم... وليسوا في رباط الفتح أو في القاهرة أو في دمشق... هؤلاء الناس عليهم أن يعرفوا أولا ما يطالبون بحصره في المساجد. عليهم أولا أن يستيقنوا أن الإسلام ليس هو المسيحية ولا اليهودية ولا غيرهما. عليهم أن يدركوا أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان نبيا ورسولا... وزاول مهمة الحُكم بكل معاني الكلمة، فكان - بأبي هو وأمي - رئيسا للدولة وقائدا أعلى للقوات المسلحة الإسلامية والقاضي الأعلى في الأمة والإمام الأكبر في المسجد... وهكذا كان الخلفاء الراشدون من بعده رضي الله تعالى عنهم ، فمَن بعدَهم من الخلفاء وأمراء المؤمنين إلى عهد سقوط الخلافة الإسلامية سنة 1924م على هؤلاء أن يعلموا أن حصر الإسلام في المسجد معناه القضاء عليه. ومعناه تعطيل كل النصوص المحكمة من كتاب وسنة وإجماع الأمة في الحدود والقصاص والتعازير والاقتصاد وفض النزاعات... وغير ذلك. إن أطول آية في كتاب الله جاءت في الاقتصاد، وهي آية الدين في سورة البقرة. وقد وردت بعد آيات الربا وهي أيضا في الاقتصاد... حصر القرآن والسنة في المسجد، يعني بالضرورة شطب كل آيات المعاملات والجهاد والبيوع والزكاة والزواج والطلاق والأخلاق والتربية وتعطيل كل الأحكام الجنائية الشرعية التي نصت على تطبيق الحدود والقصاص... إلخ. أي إسلام يبقى عندنا إذا أسقطنا منه ثمانين أو تسعين بالمئة؟ بل أي دين يبقى لنا إذا أسقطنا منه حرفا واحدا ونحن راضون بذلك الإسقاط غير مجبرين ولا مكرهين ولا مضطرين...؟ في المغرب، علينا أن ندرك أن الدعوة إلى العلمانية دعوة لإسقاط الدين ولا بد. ودعوة للخلاص من إمارة المؤمنين ولا بد، ودعوة لإسقاط الدستور الذي ينص على إسلامية الدولة ولا بد. لقد حكم العلمانيون أو ساعدوا على الحكم في بلاد الإسلام كلها، فماذا كانت النتيجة غير تطبيق إملاءات الغرب وتعليماته في كل شيء بما في ذلك التحكم في المجال الديني، بل وخصوصا التحكم في المجال الديني. من مكن للاستبداد وأظهر الفساد وفرض أحكام الطوارئ وباع فلسطيين لليهود ونصب المشانق لشرفاء الأمة وزج بالأبرياء في السجون على نحو ما فعل بنعلي ومبارك والقذافي المخلوعون عن السلطة خلعا كما تُخلع النعال...؟ من غير العلمانيين؟ ألم يمنعوا الحجاب ويطردوا المحجبات من وظائفهن ومدارسهن؟ أين كانت حقوق الإنسان؟ ألم يحلقوا للناس لحاهم بعدما جعلوها علامة على الزندقة كما فعل القذافي مجهول القبر وهو أكبر زنديق وطئ الثرى؟ ألم يفصلوا أزواجا عن زوجاتهم باسم (جريمة) تعدد الزوجات حيث حرموا الحليلات وأباحوا الخليلات...؟ لا بل شرعنوا للزنى العلني وللمثلية وللشذوذ الجنسي وللفوضى الخلقية بكل وقاحة ودون أدنى خجل أو وجل. من فعل هذا غير العلمانيين باسم الديموقراطية والحرية الشخصية والمساواة وحرية المعتقد؟ متى يفهم العلمانيون أنهم أقلية وأن أهل الإسلام هم الأغلبية؟وإن تعجب فعجب منهم تبجحهم بأنهم ديموقراطيون. هل الديموقراطية هي خضوع الأغلبية الإسلامية إلى الأقلية العلمانية؟من قالها؟ حفنة من العلمانيين سيطروا على الأموال والأعمال والإعلام... فأرادوا الخلود، وفرضوا على الأمة القيود، وعندما انتفضت الشعوب وأسقطت رؤوس العلمانيين بنعلي ومبارك والقذافي وبشار وصالح... وآخرين الذين هم في حكم الساقطين، رأيت العلمانيين يستنجدون بالقوى الخارجية ويستقوون على شعوبهم بمن كان بالأمس جاثما على رقاب أجدادنا يعيث فيهم فسادا وتقتيلا ونهبا وتحقيرا... لكن ما عاد ذلك يفيد شيئا. فالقضية ليست قضية حزب أو جماعة كما هو الحال في المغرب، ولكن القضية قضية شعب بأكمله وبشتى أطيافه حيث لا ينفع شيء إلا أن يتنحى العلمانيون ويدفعوا الحساب للشعب في محاكمات عادلة. متى تفهمون الدرس التونسي أيها العلمانيون؟ هل أنتم عُمي أمام صورة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار؟ صورة تحكي في فصلها الأول عن علماني جبار وطاغوت قهار في مقابل عالم مسلم مضطهد قضى زهرة شبابه في سجون الجلاد وأفنى حياته في غربة النفي... صورة تحكي في فصلها الثاني هروب الطاغية في آخر لحظة قبل أن يقبض عليه الشعب المسلم... وعودة العالم الطريد المنفي وتمكينه من كرسي بنعلي نفسه. هل هذا درس عصي على الفهم رغم وضوح الصورة؟ وفي ليبيا؟ هل على الصورة غبش؟ طاغوت يجرجره شعبه على التراب ويقتله شر قتلة بيد من كانوا إلى عهد قريب يقبعون في زنازن القذافي المتعجرف. ألا ترون؟ وهذه مصر، وهذه سورية، وهذا اليمن، والأردن والبحرين وفي كل دول الخليج... وفي العلم العربي والإسلامي كله من طنجة إلى جاكارتا هل للعالمنية من مستقبل؟ ارفعوا ما شئتم من شعارات الحداثة والحرية والديموقراطية والليبرالية والمساواة... لم يعد أحد يصدقكم. المستقبل للإسلام. الأمر واضح. عندما تثور الشعوب لن يكون هناك غرب ولا شرق. فلا أمريكا ولا أوروبا ولا طوابير النفاق في الداخل والخارج... لا مال ولا أعمال ولا إعلام ولا قهر ولا قمع... يمكن أن يوقف هذا التسونامي البشري الهادر الذي يريدها إسلامية خالصة لله تعالى. انتهيتم معشر العلمانيين... انتهت الفزاعات الإسلامية... ورقة الإرهاب والتخويف والتخوين احترقت... صناديق الاقتراع أعطت المصداقية والشرعية للمسلمين بعدما أفلس العلمانيون ونزلوا بالأمة إلى أسفل سافلين اقتصاديا وتربويا وتعليميا وصحيا وخلقيا... مرغوا شرف الأمة في الفنادق السياحية بل وفي شوارعها أيضا وذبحوا الحياء والعفاف على قارعة الطريق. ولطخوا كرامة الأمة بنزع كل معاني السيادة والكرامة أمام دول الغرب المستعمر... الشعوب نزعت عنها رداء الخوف وأسقطت جدار الصمت وصدحت بكلمة التوحيد... انتهت القصة ياعلمانيون، الإسلاميون لا أقول قادمون بل أقول هم حاضرون... لا أقول نقطة إلى السطر بل نقطة النهاية. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله صحبه وسلم تسليما. الموقع الخاص: www.elfazazi.com البريد الإلكتروني: [email protected]