تضارب في الآراء تم تسجيله أثناء فعاليات الدورة 63 للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة بجنيف؛ ففي وقت أشادت بسيمة حقاوي، وزيرة التضامن والأسرة والمساواة والتنمية الاجتماعية، بالجهود المبذولة في مجال النهوض بالمرأة، ارتأت جمعيات نسائية أن الأوضاع لازالت هشة. الدورة المنعقدة حتى الجمعة المقبل حول قضايا "التمكين الاقتصادي والحماية الاجتماعية للنساء والفتيات"، وهي المناسبة التي تقدم فيها حكومات الدول وضمنها المغرب تقاريرها حول تدابير تحسين أوضاع النساء والفتيات، اعتبرتها جمعيات حقوقية فرصة للتعبير عن تذمرها من أوضاع النساء في المملكة. وقالت كل من فيدرالية رابطة حقوق النساء، والجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، واتحاد العمل النسائي، والجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء، وجمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، والجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء، إن "المكتسبات المغربية المحققة للنساء والفتيات رغم إيجابيتها تظل جد هشة ومحدودة ولا تضمن الالتقائية والتقاطع". وأكدت الجمعيات ذاتها أن "حجم الفوارق والتمييز في مختلف الميادين جد بارز، بالنظر إلى متطلبات تحقيق المساواة وإلى التزامات المغرب الدولية وتلك ذات الصلة بأهداف الألفية للتنمية؛ ناهيك عن استمرار وجود عراقيل بنيوية بطريركية تحول دون الوصول إلى المناصفة الاقتصادية أفقيا وعموديا، وإلى تقليص الفوارق الكبيرة بين النساء والرجال، خصوصا في مجال المشاركة الاقتصادية". وأوضحت الهيئات ذاتها أن هناك "تراجعا خطيرا" خلال السنين الأخيرة في ما يتعلق بمجال المشاركة الاقتصادية، وصل هذه السنة إلى 22 في المائة مقابل 70 في المائة، والبطالة بنسبة 14 في المائة لدى النساء مقابل 8 في المائة الرجال. وانتقدت الحقوقيات ما أسمينه "استمرار تأنيث الفقر واشتغال النساء في القطاعات غير المهيكلة والمجال الفلاحي، في ظروف قاسية وبأجور هزيلة، وأحيانا بدون أجور؛ ناهيك عن عدم تثمين العمل المنزلي والتعويض عنه، وعدم وجود عطلة الأمومة بعد الولادة وضعف نسب الانخراط في أنظمة الحماية الصحية والضمان الاجتماعي والتقاعد". في المقابل قالت بسيمة حقاوي، وزيرة التضامن والأسرة والمساواة والتنمية الاجتماعية، إن "المغرب منذ عام 2012 لديه سياسة عمومية مندمجة من أجل المساواة، ولأول مرة هناك خطة في إطار حكومي، اسمها "إكرام"، تتقاطع فيها جميع الأعمال لجميع القطاعات الحكومية؛ فلم يعد الشأن النسائي شأنا قطاعيا، بل أصبحت كل مكونات الحكومة معنية بالمساواة وتمكين المرأة من حقوقها". وقالت الوزيرة خلال تواجدها بجنيف: "تقليص الفجوة بين الجنسين مطلب نسعى إليه، ودستورنا في المغرب يدفع بتأسيس مؤسسات لهذا الغرض، من قبل هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز؛ وهي الهيئة التي جاء بها الدستور، وأخرجنا قانونا مرتبطا بها، وستقوم بدور حقوقي ذي أهمية بالغة، مثل تلقي الشكاوى من النساء اللواتي يكن ضحايا التمييز أو ضحايا داخل العمل، يتم تهميشهن أو إقصاؤهن لأنهن نساء". ورغم الصورة الوردية التي رسمتها الحقاوي، تؤكد الجمعيات على "استمرار العنف والتمييز ضد النساء باعتبارهما أبرز أوجه الانتهاكات الخطيرة للحقوق الإنسانية للنساء، ويظلان قائمين مع تفاوتات في كل الدول بشهادة الأمين العام للأمم المتحدة خلال هذه الدورة"، وأوضحت أن "القضاء عليهما تطلب ولازال أشواطا كبيرة من المجهودات التشريعية والسياسية والعملية والثقافية وتوفير البنيات". وتواصل الجمعيات ذاتها: "مع بعض التقدم المشهود ببلادنا في المجال بفضل بعض المكتسبات، كنتيجة لعمل عدد من المؤسسات والفاعلين، وأساسا تجربة الجمعيات النسائية ومراكزها لعقود من الزمن، فإن التحديات تظل كبيرة، خصوصا في مجال العناية الواجبة من الدولة تجاه النساء الضحايا ومسؤولية مصاحبتهن وإيوائهن وتمكينهن اجتماعيا واقتصاديا وإنسانيا". واستغلت الجمعيات المذكورة فرصة انعقاد اللجنة لمطالبة الحكومة المغربية ب"ضرورة إخراج القوانين التنظيمية لمراكز الإيواء وتمتيعها بالموارد البشرية والمادية القادرة فعلا على تحقيق أهدافها في مجال المرافقة المعيارية والواقعية وإيواء الضحايا من النساء والفتيات، وتخفيف العبء الثقيل على الجمعيات النسائية التي لازالت أول من يتدخل في المجال، ويشكل نقص الموارد تهديدا لاستمرار عمل مراكزها".