اعتبرت عدة جمعيات مدافعة عن حقوق المرأة، أن المكتسبات التي حققتها النساء والفتيات في المغرب، وبالرغم من إيجابياتها، “تظل جد هشة ومحدودة ولا تضمن الالتقائية والتقاطع”. وأكدت الجمعيات (فيدرالية رابطة حقوق النساء- الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب – اتحاد العمل النسائي – الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء- جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات- الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء) في بيان مشترك بمناسبة مشاركتها في أشغال الدورة 63 للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة بنيويورك، حول قضايا “التمكين الاقتصادي والحماية الاجتماعية للنساء والفتيات”، أن حجم الفوارق والتمييز في مختلف الميادين جد بارز بالنظر إلى متطلبات تحقيق المساواة وإلى التزامات المغرب الدولية وتلك ذات الصلة بأهداف الألفية للتنمية. وسجلت الجمعيات المذكورة استمرار وجود ما أسمته ب”العراقيل البنيوية والبطريركية” التي تحول دون الوصول إلى المناصفة الاقتصادية أفقيا وعموديا، ودون تقليص الفوارق الكبيرة بين النساء والرجال خصوصا في مجال المشاركة الاقتصادية، مؤكدة أن هذا المجال شهد تراجعا خطيرا خلال السنوات الأخيرة حيث وصلت النسبة في السنة الماضية إلى 22 في المائة مقابل 70 في المائة كنسبة لمشاركة الرجال في النشاط الاقتصادي، فيما سجلت البطالة نسبة 14 في المائة لدى النساء مقابل 8 في المائة الرجال. كل ذلك، يضيف البيان يحدث في ظل استمرار تأنيت الفقر واشتغال النساء في القطاعات غير المهيكلة والمجال الفلاحي، وفي ظروف قاسية وبأجور هزيلة، وأحيانا بدون أجور، ناهيك عن عدم تثمين العمل المنزلي وغياب التعويض عنه، وعدم احترام مدة عطلة الأمومة بعد الولادة وضعف نسب الانخراط في أنظمة الحماية الصحية والضمان الاجتماعي والتقاعد. من جهة ثانية، سجلت الجمعيات أن العنف والتمييز ضد النساء، باعتبارهما وجهين للانتهاكات الخطيرة للحقوق الإنسانية للنساء، يظلان قائمين في كل الدول مع التفاوتات، بشهادة الأمين العام للأمم المتحدة خلال هذه الدورة، وأن القضاء عليهما تطلب ولايزال أشواطا كبيرة من المجهودات التشريعية والسياسية والعملية والثقافية، وتوفير البنيات الملائمة. وعلى الرغم من “بعض التقدم المشهود ببلادنا في المجال بفضل بعض المكتسبات وكنتيجة لعمل عدد من المؤسسات والفاعلين، وأساسا تجربة الجمعيات النسائية ومراكزها لعقود من الزمن”، فإن التحديات، كما يقول نفس المصدر، تظل كبيرة خصوصا في مجال العناية الواجبة للدولة اتجاه النساء الضحايا، ومسؤولية مصاحبتهن وإيوائهن وتمكينهن اجتماعيا واقتصاديا وإنسانيا. وطالبت الجمعيات النسائية الحكومة المغربية، بالمناسبة، بضرورة إخراج القوانين التنظيمية لمراكز الإيواء وتزويدها بالموارد البشرية والمادية القادرة فعلا على تحقيق أهدافها في مجال المرافقة المعيارية والواقعية وإيواء الضحايا من النساء والفتيات، وذلك في أفق تخفيف هذا العبء الثقيل على الجمعيات النسائية التي لازالت، كما يقول البيان، هي المتدخل الرئيسي في المجال من خلال مراكزها، حيث أضحى نقص الموارد بمثابة تهديد لاستمرارية عمل تلك المراكز. يذكر أن الدورة 63 للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة، التي تنعقد ما بين 11 و22 مارس الجاري بنيويورك، تشكل إطارا للتنسيق والتشاور باتجاه تفعيل السياسات العالمية الرامية إلى تمكين النساء وحماية حقوقهن الإنسانية. كما يتضمن برنامجها تقديم الحكومات لتقاريرها حول تدابير تحسين أوضاع النساء والفتيات في مختلف المجالات. وتشارك أيضا في فعاليات هذا المنتدى الأممي الأكبر من نوعه، المنظمات غير الحكومية ذات الصفة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، والتي تنظم بدورها أنشطة وموائد مستديرة من مستويات عالية لتسليط الضوء على أوضاع النساء وتترافع عالميا وجهويا وإقليميا من أجل تطويرها، انطلاقا من زاويتها الميدانية والترافعية المرتبطة بعمل القرب مع مختلف فئات النساء والفتيات.