في قلب جبال الأطلس المتوسط تجثم قرية زاوية سيدي عبد السلام ضواحي مدينة إفران، البالغ عدد سكانها زهاء 2000 نسمة. قرية رغم قربها من هذه المدينة، التي تعد عاصمة المغرب السياحية خلال فصل الشتاء، فإنها تعاني التهميش، حيث تتفاقم محنة قاطني هذه البلدة الجبلية خلال هذه الفترة، حين يتحالف الفقر وصقيع البرد وندرة حطب التدفئة للفتك والتنكيل بها تنكيلا. الحطب قبل الخبز "سكان زاوية سيدي عبد السلام، التابعة لجماعة تيزكيت، يئنون تحت وطأة البرد في هذه الفترة من السنة، حيث تصبح الحياة عندنا صعبة للغاية"، يقول أنوار خثري، الذي يتابع دراسته الجامعية بمدينة فاس، مبرزا في حديث لهسبريس أن معظم أهالي هذه القرية هم في وضعية هشة بسب اعتمادهم على الفلاحة المعاشية. وأضاف هذا الشاب أن قرية زاوية سيدي عبد السلام رغم قربها من الغابات إلا أنها تعاني كثيرا في الحصول على حطب التدفئة بفعل الحصار المضروب عليها من طرف مصالح المياه والغابات التي تمنع الساكنة المحلية، ليس فقط من قطع الأشجار، ولكن أيضا من جمع الحطب اليابس عكس ما كان معمولا به خلال السنوات الماضية. وأشار المتحدث، الذي كان من سكان هذه القرية القلائل الذين فضلوا القيام بجولة بدروب بلدته وتحدي موجة البرد القارس خلال زيارة هسبريس، إلى أن قاطني زاوية سيدي عبد السلام يعيشون معاناة حقيقية خلال فصل الشتاء مع البرد وسقوط الثلوج، مؤكدا أنهم يفكرون في توفير حطب التدفئة قبل التفكير في توفير الخبز. من جانبه، أبرز جواد باديس، تقني فلاحي عاطل عن العمل، أنه يجد نفسه مضطرا في مثل هذه الفترة من السنة لمساعدة أسرته في توفير الحطب، معبرا عن غضبه، وهو يتحدث لهسبريس، من ارتفاع سعر حطب التدفئة بفعل المضاربات، مؤكدا أن ثمنه المرتفع، الذي يناهز 1400 درهم للطن الواحد، فوق طاقة شريحة واسعة من ساكنة المنطقة. "حين تنظر إلى الحطب وهو يحترق داخل فرن التدفئة، تأخذك الصدمة وأنت تراقب أموالك تحترق وتتصاعد مع الدخان"، يقول باديس الذي دعا إلى ضرورة التفكير في حلول عملية لمساعدة ساكنة زاوية سدي عبد السلام على تجاوز محنتها في مواجهة متاعب برد الشتاء. بدائل مفقودة أو باهظة الثمن "أنا متقاعد، ولا يمكنني توفير الحطب الكافي لتغطية احتياجات فصل الشتاء الطويل، وهناك ناس يوجدون في حالة اجتماعية أصعب، يئنون تحت وطأة البرد القارس داخل بيوتهم في صمت"، يقول فجر بوعزة، موردا أن ساكنة زاوية سيدي عبد السلام تعيش بين مطرقة حارس الغابة وسندان غلاء حطب التدفئة الذي يتم اقتناؤه من مدينتي أزرو وإفران. وأردف بوعزة، الذي أكد لهسبريس أن الأسرة الواحدة تحتاج إلى حوالي قنطارين من حطب التدفئة كل يوم، أن من واجب الدولة التدخل لدعم الناس الفقراء بقريته، وحمايتهم من الأمراض الناجمة عن تعرضهم للبرد القارس، مطالبا بالسماح للساكنة المحلية بالاستفادة من جمع الحطب اليابس من غابات المنطقة عوض بيعه لأشخاص غرباء. "نشتري الحطب بثمن مرتفع من مناطق عدة، من بينها خنيفرة وأزيلال، قبل القيام بتقطيعه إلى قطع صغيرة"، يقول حسن أجيدار، بائع حطب التدفئة بمدينة إفران، الذي أكد لهسبريس أن ثمن هذه المادة عرف ارتفاعا قياسيا خلال الموسم الجاري مقارنة مع سابقيه، حيث انتقل سعر الطن الواحد من 900 درهم إلى 1200 درهم. وأرجع أجيدار ذلك إلى توقف الدولة عن الترخيص للأشخاص الذاتيين بتقطيع الأشجار وإعادة بيعها لتجار الحطب، والترخيص في المقابل للمقاولات. من جهته، أشار حسام أبدو، فاعل جمعوي بإقليم إفران، إلى أن حطب التدفئة مشكل يؤرق ساكنة المنطقة بصفة عامة، موضحا لهسبريس أن توفير هذه المادة يصطدم بإكراه المحافظة على الموروث الثقافي والبيئي، المتمثل في غابات الإقليم، والإكراه الاقتصادي والاجتماعي لفئة عريضة من الساكنة التي ليس لها الإمكانيات المادية للاستغناء عنها. "لا يوجد بديل، أو إنه باهظ التكلفة"، يقول أبدو الذي طالب الجهات المعنية بالبحث عن حلول أخرى لتدفئة السكان، وللمحافظة على غابات المنطقة، عبر الاشتغال على "فيتور" الزيتون، وتخفيض سعر الكهرباء خلال فصل الشتاء، وتوفير الحطب الإيكولوجي المصنع، ودعم ساكنة الهامش في الحصول على أفران للتدفئة مقتصدة في استهلاك الطاقة.