بين دروب حي القصبة بمدينة طنجة تنبعث رائحة الماضي وعبق التاريخ، وفي إطلالات الحي على البحر يجد الغادي والرائح فيه شفاءً للنفس العليلة التي قد تكون أرهقتها أعباء الحياة. منازل القصبة الصغيرة ذات اللونين الأزرق والأبيض شاهدة على بساطةٍ طبعت الحيّ عبر مختلف الأزمنة التي مرّ بها، بينها بيوت لشخصيات شهيرة تركت بصمتها على المدينة، وعلى الوطن والفكر بشكل عام، كالعلامة عبد الله كنون والفنان التشكيلي محمد بن علي الرباطي، وآخرين. وفود السياح تحل تباعاً بالحي لاكتشاف ما يزخر به من ماضٍ عريق، لكن الحيّ مازال يشهد سلبيات على أكثر من مستوى تقوّض قيمته الحقيقة، أو تقلّل منها، وقد تُنفر آخرين فيفكرون في عدم العودة بتاتا. وكذلك الشأن بالنسبة لكل المآثر المحيطة به. محمد عزيز الطويل، عضو مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، قال إن مدينة طنجة عموما "شهدت وتشهد نهضة ثقافية وسياحية كبيرة لمجموعة من المشاريع كتأهيل المدينة القديمة وأسوارها، بموازاة مع مشروع كورنيش طنجة ومارينا باي". واعتبر المتحدث أن هذه المشاريع هي مشاريع جلب سياحي، وبالتالي "تروم إعادة الذاكرة والهوية، ما سيجعلها تحقق مردودية للسياحة المستدامة، لكن ما زالت هناك بنايات تاريخية تحتاج إلى التأهيل كدار النيابة، وأخرى مرتبطة بالشخصيات كمحمد بن علي الرباطي". وبخصوص المشاكل التي يعاني منها حي القصبة ومنشآته الأثرية، لفت الطويل الانتباه إلى مشكل النظافة "الذي يتعلق من جهة بالسكان أنفسهم، ومن جهة أخرى بالشركة المفوض لها تدبير القطاع". ينضاف إلى هذا، وفق المتحدث دائما، "مشكل المشردين والمدمنين الذين يؤثرون سلبا على الوجه السياحي للمدينة، الذي يجب أن يُرفق بأمر مهم جدا وهو ضرورة تكوين المرشدين السياحيين من ناحية التعريف بأهمية البنايات والمعمار، فهناك إشكالية حقيقة في تكوينهم". وشدد عضو مرصد البيئة والمآثر التاريخية بطنجة على أن تضافر الجهود بين المقاطعة التي تنتمي القصبة إلى مجالها الترابي، ومندوبية الثقافة، والساكنة، والمجتمع المدني، والأمن، كفيل بأن يقلّل من هذه المشاكل ويزيد من مردودية السياحة بالقصبة، خصوصا أن الهدف يجب أن يكون في الأخير هو الوصول إلى صناعة سياحية مستدامة. ودعا المتحدث في الأخير إلى "ضرورة مراقبة الأسعار في المحلات التجارية والمرافق التي ينبغي أن تكون مستمرة، بالإضافة إلى النظافة، خصوصا لدى المقاهي والمطاعم".