يتابع بقلق كبير مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بمدينة طنجة، " استمرار التردي المتسارع "لدار النيابة" و هي البناية التاريخية المتواجدة بعقبة الصياغين بالمدينة القديمة والتي تشكل جزء فريدا من الذاكرة الإدارية والديبلوماسية للمملكة المغربية ". وقد وقف المرصد في الأيام الأخيرة على " وضعية الإهمال التي تتفاقم داخل هاته المعلمة التاريخية سواء على مستوى البناية التي باتت مهددة بالإنهيار، حيث تساقط جزء من سقف و جدران بعض الغرف، أو وضعية ما تبقى من وثائق و أرشيف بالدار و التي أصبحت أكوام متهالكة من المخطوطات التي تقاوم مياه الأمطار المتسربة "، حسب ما جاء في بلاغ للهيئة الجمعوية. وقال مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية في نفس البلاغ، أنه " بالرغم من عديد المراسلات السابقة واللقاءات التي تناولت هذا الملف مع المصالح الولائية بطنجة ومع مسؤولي جماعة طنجة ومندوبية وزارة الثقافة، وبالرغم من إجماع الجميع على أهمية هذا المبنى وضرورة ترميم البناية وإنقاذها، لكن الأمر بات يتطلب ترجمة عاجلة للنوايا المعبر عنها إلى إجراءات عملية و تنفيذ برنامج حقيقي و معلن لإنقاذ هاته المعلمة في أقرب الآجال. و ذلك يشمل اقتنائها من مديرية أملاك الدولة و إفراغها كاملة من مستغليها الحاليين، والتدخل الفوري لإنقاذ أرشيفها ثم تأهيلها لتعود مزارا تاريخيا يشهد على الدور التاريخي المهم لدار النيابة ولمدينة طنجة في تاريخ المغرب المعاصر ". وجدد المرصد عند استحضاره الموروث الأثري المبني بطنجة، " خلاصة تقاريره السنوية المتعاقبة المطالبة بضرورة الإلتفاتة إلى جميع مآثر المدينة عبر وضع إستراتيجية شاملة و طموحة مبنية على أسس من التشاركية و الحكامة الجيدة تهدف إلى جعل مآثر المدينة مراكز للإشعار الحضاري الحضاري والثقافي والسياحي ". كما دعت الهيئة الجمعوية " جميع الضمائر الحية و الفاعلين الغيورين على تاريخ المدينة و حضارتها و كل المؤسسات ذات الصلة إدارية ومنتخبة، بالتدخل العاجل وقبل فوات الأوان لتفادي انهيار " دار النيابة " وتلاشي أرشيفها، و الذي سيكون بدون أدنى شك جريمة كبرى لا تغتفر في حق ذاكرة المدينة والوطن "، حسب ما أفاد به المرصد. تجدر الإشارة إلى أن " دار البناية " أسست في عهد السلطان عبد الرحمان بن هشام سنة 1860 ميلادية كمقر لإدارة نائب السلطان بطنجة، والذي كان حلقة الوصل بين الدولة المغربية وبين التمثيليات الأجنبية المعتمدة بالمغرب خلال آخر سنوات استقلاله قبل فرض نظام الحماية. وقد شهدت جدران هذا المبنى أحداث و جولات تاريخية من المفوضات و الاتفاقات مع قناصل وسفراء ووزراء الدول التي كانت لها تمثيلية بطنجة، و هي تشهد بحق عن المقاومة الدبلوماسية لمغرب القرن التاسع عشر لتأخير أو تجنب السيطرة الاستعمارية على آخر الدول المستقلة بإفريقيا.