– عصام الأحمدي (صور سعيد الشنتوف) تحمل بناية "دار النيابة" في قلب الحي العتيق بمدينة طنجة، قيمة تاريخية وتراثية كبيرة بالنسبة للمدينة وللمغرب ككل. فهذه المعلمة التي يعود تاريخها إلى أواسط القرن التاسع عشر الميلادي، شكلت رمزا من رموز الذاكرة الديبلوماسية المغربية في مراحل دقيقة من تاريخ المغرب. ويذكر المؤرخون أن هذه المعلمة الواقعة فيما يعرف اليوم ب"زنقة الصياغين" في قلب المدينة العتيقة، وإن كانت قد تأسست في عهد السلطان عبد الرحمن بن هشام سنة 1860، فإن الحاجة إلى مؤسسة يتم من خلالها بث صوت المغرب إلى العالم، طرحت منذ عهد السلطان مولاي سليمان، على اعتبار أن مدينة طنجة، صارت عاصمة المغرب الديبلوماسي يقيم بها ممثلو مختلف الدول الأجنبية. ويرصد الباحث المتخصص في مجال التاريخ، الدكتور رشيد العفاقي، أحد أوجه أهمية مؤسسة "دار النيابة" بمدينة طنجة، مبرزا في حديث لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن "هذه البناية كانت دارا لنائب السلطان بمدينة طنجة". وأضاف الدكتور العفاقي أأن السلطان المغربي، كلف نائبه طنجة بان يكون وسيطا بينه وبين ممثلي الدول الأجانب، فكانت مهمته هي التفاوض مع سفراء وقناصيل الدول الأجنبية الممثلة في المدينة. ويردف المؤرخ المغربي في حديثه للجريدة، أن "دار النيابة كانت مسرحا لتوقيع العديد من الاتفاقيات والمعاهدات بين المغرب والدول الأجنبية، وأهمها كانت المفاوضات التي جرى بناء عليها إبرام معاهدة الحماية". وبعيدا عن الماضي المشرق بكل ما يحمله من تفاصيل المقاومة الديبلوماسية للمغرب، من هذا المعلم التاريخي، تبقى الكآبة والسوداوية وحدهما اللتين تهيمنان على جنبات "دار النيابة" التي أصبحت بنايتها عرضة للإهمال الذي بات يهددها بالانهيار في أي وقت من الأوقات. وهذا ما سجله فاعلون جمعويون وما تؤكده صورالتقطتها جريدة طنجة 24 لفضاءات مختلفة من هذه المعلمة، حيث يوضح تقرير صدر حديثا عن مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، من أن البناية تعرف تساقط جزءٍ من سقفها وكذا جدران بعض الغرف، كما أن وضعية ما تبقى من وثائق وأرشيف بالدار أصبح أكواما متهالكة من المخطوطات التي تقاوم مياه الأمطار المتسربة وغيرها من مظاهر الإهمال المختلفة. واعتبر المرصد أن "انهيار دار النيابة وتلاشي أرشيفها، والذي سيكون بدون أدنى شك جريمة كبرى لا تغتفر في حق ذاكرة المدينة والوطن"، داعيا من أسماهم ب"جميع الضمائر الحية والفاعلين الغيورين على تاريخ المدينة وحضارتها وكل المؤسسات ذات الصلة، إدارية ومنتخبة، بالتدخل العاجل، وقبل فوات الأوان" لتفادي حدوث ذلك.. وأكد نفس المصدر، على ضرورة ترجمة عاجلة للنوايا المعبر عنها من طرف السلطات الولائية والجماعية ومندوبية وزارة الثقافة "إلى إجراءات عملية وتنفيذ برنامج حقيقي ومعلن لإنقاذ هاته المعلمة في أقرب الآجال. مقترحا اقتناء البناية من مديرية أملاك الدولة وإفراغها كاملة من مستغليها الحاليين، والتدخل الفوري لإنقاذ أرشيفها ثم تأهيلها لتعود مزارا تاريخيا يشهد على الدور التاريخي المهم لدار النيابة ولمدينة طنجة في تاريخ المغرب المعاصر".