بداية أسبوع صاخبة شهدتها جنبات مقرّ وزارة الصحة بالرباط، بعدَما التأمَ مئاتُ الصيادلة من مختلف المدن المغربية في وقفة احتجاجية، دعت إليها كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، طالبوا فيها المسؤول الأوَّل عن القطاع الصحي، أناس الدكالي، بضرورة "التدخل لحماية أزيد من 4000 صيدلي من شبحِ الإفلاس وحماية القطاع من الدُّخلاء اللامهنيين". وتأتي هذه الوقفة الاحتجاجية، وفق ما أكده المحتجون الذين كانوا يرتدون زيّهم الرسمي، بسبب "إقفال الوزارة أبوابها ضد كل المطالب الإصلاحية لقطاع الصيدلة، والركون للآذان الصماء عن كل الخروقات التي يعرفها القطاع سواء على المستوى التنظيمي أو القانوني أو التشريعي؛ وهو ما جعل الصيادلة عبر ربوع المملكة يفقدون الثقة في هذه الوزارة كوصي عن القطاع بشكل نهائي ويدعون إلى الخروج إلى الشارع". ورفعَ الصيادلة الغاضبون، الذين حجُّوا بالمئات أمام مقر الوزارة بشارع محمد الخامس، شعارات مناوئة لحكومة العثماني والوزير الوصي على القطاع، أناس الدكالي، الذين اتهموه بالتسويف وإقبار مطالبهم "المشروعة والعادلة". وردَّد المحتجون شعارات من قبيل "يا وزير يا أناس... الصيدلة في إفلاس" "حقوقي حقوقي دم في عروقي"؛ فيما رفعَ آخرون صور الملك ولافتات تطالبُ بمنع بيع الأدوية في العيادات والمصحات وإقرار دستور الأدوية المرجعي. وفي هذا الصدد، أكد محمد الحبابي، رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، أن "هذه الوقفة تأتي بعدَ سلسلة من الدعوات إلى الحوار مع الوزارة؛ غير أن الأخيرة فضّلت عدمَ التجاوب مع المطالب الإصلاحية للكونفدرالية على كل المستويات، التنظيمية منها والتشريعية أو القانونية"، معتبراً "الأمر تواطؤا ضد القطاع، وعلى حساب صحة وحياة المواطنين". وأضاف الصيدلاني، الذي كان يقفُ بجانبه عشرات المحتجين ببذلتهم البيضاء، أن الوزارة "لم تتفاعلْ مع كل التجاوزات والخروقات التي تقع في المسلك القانوني للأدوية، والذي جعل السوق السوداء في السنوات الأخيرة تنشط بشكل كبير، سواء تعلق الأمر بالاتجار في الأدوية البشرية منها أو البيطرية وكذا المستلزمات الطبية المعقمة من لدن بعض السماسرة، الذين استوعبوا إشارة الوزارة الوصية كإشارة خضراء للتمادي في الفوضى العارمة للاغتناء والمغامرة بصحة المرضى". واعتبر رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب أن "الصيدلي وحده يعتبر دكتورا متخصصا في مجال الأدوية التي تؤهله للممارسة الصيدلانية، فإن هذا الوضع انعكس بشكل واضح على الاستقرار الاقتصادي للصيدليات؛ وهو ما أفضى إلى إفلاس العديد منها، وأصبح هذا الوضع يشكل عائقا في الممارسة الصيدلانية واستقرارها". وذكر المتحدث بأن "مهنة الصيدلة تعيش حاليا ما يقارب السنتين بدون إعادة انتخابات مجالسها التمثيلية الجهوية للصيادلة، ويحاكم صيادلة هذه المهنة الاجتماعية ويتابعون قضائيا بموجب قوانين عمرها يقارب 100 سنة والمرتبطة بممارسة مهنة الصيدلة، ناهيك عن عدم توفر 11.000 صيدلي عن أي تغطية صحية، ويخضعون فوق هذا كله لمقتضيات جبائية غير عادلة ومراجعات ضريبية ابتزازية، على الرغم من مساهماتهم المنتظمة في خزينة الدولة". من جانبه، قال محمد السلمي، رئيس تجمع عالم الصيادلة المغاربة، "إن هذه الوقفة تأتي بهدفِ الدفاع عن مطالب الصيادلة العادلة"، مضيفاً بنبرة غاضبة: "الصيادلة هرموا الصيادلة.. سئموا من الوعود الكاذبة للوزارة، التي تتلكأ عن الاستجابة لمطالبنا التي فيها مصلحة للوطن والمواطنين". وأوضح الصيدلاني أن "المهنة التي يتعاطاها في العاصمة الرباط هي مهنة شريفة؛ لكنها تتعرض، اليوم، لاستهداف من قبيل الدخلاء والسوق السوداء"، داعياً إلى "تعديل القوانين المتعلقة بمهنة الصيدلة وتنزيل الدستور المرجعي للأدوية". وأعلنت كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، في كلمة على هامش الوقفة الاحتجاجية، "رسميا على تشبثها بالتصعيد غير المشروط، المتمثل في الوقفات الاحتجاجية المتكررة والتحضير لإضراب وطني بغلق جميع الصيدليات الوطنية"؛ وهي "محطات تصعيدية خطيرة؛ لكنها اضطرارية ستلجأ إليها لوقف هذا النزيف، وتحصينا من إفلاس ما يقارب 4000 صيدلية عبر التراب الوطني كمكسب للمواطنين وللبلاد". وتوجهت الهيئة المهنية ذاتها إلى "عموم صيادلة الصيدليات للتعبير عن وعيهم ويقظتهم الضروريتين في التفاعل والانخراط التلقائي في المحطات المقبلة، تفاعلا مع أوضاعهم السلبية الاقتصادية، إذ من المرتقب أن تنظم اجتماعا قريباً للمجلس الوطني للكونفدرالية للإعلان عن تاريخ المحطة التصعيدية المقبلة حتى تحقيق وانتزاع مطالبنا المشروعة".